نشرت مجلة “سلايت” الفرنسية، تقريرا تحدثت فيه عن إعادة فتح سلطات مدينة داخاو الألمانية، معسكر اعتقال نازي سابق، لإيواء اللاجئين، الأمر الذي أثار جدلا واسعا.
وذكرت المجلة في هذا التقرير، أن هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها 45 ألفا، تضم حتى الآن 350 لاجئا، معظمهم من السوريين، تم إيواء العديد منهم في معسكر الاعتقال النازي القديم الموجود بالمنطقة، بسبب نقص المأوى وعجز المدينة عن استيعابهم كافة.
وأشارت المجلة للذكرى السيئة التي يخلدها المكان الذي شهد وفاة أكثر من 40 ألف معتقل إبان الحرب العالمية الثانية، غير أن ذلك لا يزعج العديد من اللاجئين، ومن بينهم الشاب الأفغاني أسكان، ذو الـ22 ربيعا، الذي أكد على أن كل ما يتمناه هو “أن يجد سقفا يؤويه”.
وأضافت أن الملجأ يقع على ما كان يسمى بـ”حديقة العشبة”، قُبالة النصب التذكاري بالمعسكر، وهو المكان الذي كان المعتقلون يزرعون فيه النباتات الطبية والطعام للسكان والجيش الألماني.
وفي هذا السياق، أشارت المجلة إلى الجدل الذي أثاره قرار إيواء اللاجئين في ذلك المكان، ففي حين يرفضه البعض رغبة في إبقاء المكان ذكرى، يجد آخرون من سكان مدينة داخاو، أن المعسكر يوفر فضاءات مناسبة لمن هم بلا مأوى.
من جهتها، اعتبرت جابريل هامرمان، المسؤولة عن النصب التذكاري لمعسكر الاعتقال في داخاو، أن “إيواء اللاجئين في مكان يجسد التعذيب والموت، ليس بالاستقبال الجيد”.
وتعقيبا على هذا التصريح، لفتت “سلايت” الانتباه لما كتب أسفل النصب التذكاري القائم وسط المكان، وهي عبارة “تذكروا كيف متنا هنا”؛ حيث كان تاريخ مدينة داخاو شاهدا على العديد من الممارسات الوحشية من قبل النازيين، في إطار التجارب الطبية المسلطة على معتقلي المعسكر.
وفي المقابل، دافع فلوريان هارتمان، رئيس بلدية المدينة، عن قرار إيواء اللاجئين بالمكان، معتبرا أن “حديقة العشبة” والمساكن المحيطة بها، مخصصة بالأساس لأولئك الذين لا يمكنهم توفير إيجار الشقق، معتبرا هذه المبادرة فرصة لإعطاء “هدف اجتماعي مفيد” لمعسكر الاعتقال.
من جهة أخرى، قالت المجلة إن بعض الألمان يعتقدون بأن لذكرى “المحرقة” دورا مهما في المكانة التي يحتلها بلدهم في استقبال اللاجئين، وهو ما يؤكده بيتر هيمسيلباخ، التاجر الألماني الشاب، البالغ من العمر 28 عاما، والذي يزور مدينة داخاو للمرة الأولى.
ويقول هيمسيلباخ قائلا: “إن المحرقة ليست خطأنا، غير أن لأجدادنا يدا فيها، لذلك فإن أزمة اللاجئين هي فرصة لاستدراك ما سبق والتخلص من ذلك الماضي. ومن ناحية أخرى، فإن هؤلاء الناس يتوقعون أن نشعر بهم وأن نساعدهم بسبب ما مررنا به في الماضي”.
وأفادت المجلة بأن مديرة النصب التذكاري سعت مؤخرا للتوصل إلى حل وسط، يتم بموجبه الإبقاء على الصبغة السكنية لجزء منه، ويتم تخصيص جزء آخر للمحاضرات والندوات والمعارض.
وينتظر أن يتم البت في هذا المقترح من قبل منظمة “حديقة العشبة”، واتخاذ القرار النهائي مع حلول فصل الشتاء، إثر استكمال المفاوضات بين مدينة داخاو، والولاية التي تتبعها.