حاول آفي يسسخروف، محلل الشؤون العربية بموقع “walla”، الوقوف على الأسباب الحقيقية للمواجهات المستمرة التي يشهدها الحرم القدسي الشريف منذ أيام بين المرابطين في المسجد الأقصى من جهة وقطعان المستوطنين المدعومين بشرطة الاحتلال.
فبالنسبة لغالبية الإسرائيليين الذين كانوا في عطلة عيد طويلة منذ يوم الجمعة الماضي، نجد أن الأحداث التي شهدتها القدس الشرقية هي نتاج لتصعيد متعمد من قبل تنظيمات فلسطينية متشددة، مثلما يزعم وزراء في الحكومة الإسرائيلية وشرطة منطقة القدس، لكن الواقع معقد للغاية.
فقد أسهمت الكثير من الخطوات التي اتخذها الجانب الإسرائيلي الشهر الماضي في زيادة حدة التوتر حتى قبل المواجهات العنيفة التي اندلعت يوم الأحد.
وقال “يسسخروف” إن التصعيد جاء بعد قرار مجموعة من نشطاء اليمين اليهودي ووزير الزراعة “أوري آرئيل” اقتحام الحرم القدسي من أجل الصلاة، وإعلان ذلك على الملأ، الأمر الذي صب الزيت على النار، حيث بدأ الفلسطينيون في حشد أنفسهم لمواجهة اقتحام الحرم القدسي.
ومن هذه النقطة وصولا إلى صور عناصر الشرطة الإسرائيلية وهم يعتدون على شباب فلسطينيين، أطلقوا تجاههم الألعاب النارية عند مدخل المسجد الأقصى، كان الطريق قصيرا.
تبين من الحديث مع فلسطينيين من سكان القدس الشرقية أن الشهر الماضي شهد تغيرا للأسوأ في إجراءات دخول المسلمين للحرم القدسي، بما في ذلك منع دخول المصلين في ساعات الصباح، وهي الخطوة التي لم يسبق أن حدثت. فعلى مدى سنوات طوال “سُمح” للمسلمين بزيارة الأقصى خلال ساعات منتظمة، وتحديدا ساعات الصباح والساعة الواحدة ظهرا، وفقا للمحلل الإسرائيلي.
لكن “يسسخروف” اتهم أيضا نساء مسلمات من “المرابطات” في الأقصى بمهاجمة عدد من الزوار اليهود والأجانب، ما دفع الشرطة الإسرائيلية لمنع دخول المسلمات خلال تواجد المصلين اليهود داخل الحرم. بعد ذلك فرضت الشرطة قيودا على دخول الرجال الذين تقل أعمارهم عن 50 عاما.
زادت تلك الخطوات من حدة التوتر ودفعت المسلمين في القدس للاعتقاد أن إسرائيل تغير الوضع القائم بالحرم القدسي. لكن الاشتعال انتظر الشرارة التي اندلعت الأحد مع اقتحام النشطاء اليمينيون للحرم، ومنذ ذلك الوقت، وخلال أيام العيد اليهودي الـثلاث، يقول الفلسطينيون إن الشرطة تمنع دخول المسلمين خلال ساعات تواجد اليهود.
وأشار “يسسخروف” إلى عنصر آخر أسهم في زيادة التوتر، وتمثل في الطريقة التي تعاملت بها الشرطة الإسرائيلية مع الأحداث، مضيفا: “قبل ساعة ونصف الساعة تقريبا من فتح باب المغاربة للزوار غير المسلمين- قبل الساعة الـ7 صباحا- اقتحمت عناصر الشرطة ساحة المسجد الأقصى واشتبكت بعنف مع شبان فلسطينيين تواجدوا هناك، والذين من جانبهم تحصنوا داخل المسجد المقدس في الإسلام، وألقوا من داخله الحجارة والألعاب النارية وكل ما وقع تحت أيديهم تجاه قوات الشرطة”.
وتابع: “لا ينتمي هؤلاء الشبان لتنظيم فلسطيني بعينه، فهناك يمكن إيجاد ممثلين عن كل التنظيمات التي تعرف أن هذه ساعتها الكبرى. فهناك مؤيدو الجهاد الإسلامي، وحماس، وفتح، بل وحتى تنظيمات علمانية كالجبهة الشعبية. أراد الشبان المواجهة وحصلوا عليها في الـ3 أيام الماضية، بينما صور المواجهات في الحرم تتقدم الأخبار في كل قنوات التلفزة العربية الكبرى. قبل الحرب الأهلية في سوريا، قبل العراق واليمن، الآن، المسجد الأقصى في المقدمة”.
هكذا بدأت الضغوط تؤتي ثمارها في الدول العربية، حيث حذرت كل من مصر والسعودية من تدهور الأوضاع بالأقصى، وأجرى الملك الأردني عبد الله اتصالا هاتفيا للتشاور أمس مع السيسي، والرئيس الفلسطيني أبو مازن.
حتى الآن لم تُعرف النتائج والانعكاسات لتلك المحادثات، لكن من الواضح أن الحديث لا يدور عن موقف بسيط بالنسبة لإسرائيل في الساحة العربية. وفقا لمحلل “walla”.
وختم “يسسخروف” بالقول: “مع ذلك، هناك شيء واحد يمكن قوله وفقا لمقاطع اليوتيوب الخاصة بالوزير آرئيل من زيارته لجبل الهيكل الأحد. وقف الوزير في باحة الأقصى وتمنى عيدا سعيدا لشعب إسرائيل، بينما كان يسمع في الخلفية دوي إطلاق النيران وأصوات انفجارات دون توقف. بلا شك عيد سعيد”.