يبدو أن مفاوضات مشروع “سد النهضة” بين مصر وإثيوبيا تسير إلى نفق مظلم، لا سيما بعد تعثرها بين الطرفين مؤخرًا، إذ أسفرت المفاوضات اليوم عن انسحاب المكتب الاستشاري الهولندي، المكلف بإعداد الدراسات الفنية حول المشروع.
يذكر أن المكتب الاستشاري الهولندي المنسحب كان هو المسؤول عن إعداد الدراسات الفنية حول مشروع السد، بالتعاون مع مكتب “بي آر آل” الاستشاري الفرنسي.
وبحسب الأنباء المتداولة فإن السبب وراء انسحاب المكتب الاستشاري الهولندي يرجع إلى اعتراض المكتب الفرنسي على الشروط التي وضعتها اللجنة الوطنية الثلاثية، ومن ثم يرى بعض المراقبين أن قرار الانسحاب من شأنه أن يتيح للمكتب الفرنسي المسؤولية كاملة في أمر السد.
وعقب تداول أنباء تعثر المفاوضات بانسحاب الاستشاري الهولندي، كشفت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن مصادر مطلعة بوزارة الري والموارد المائية عن بدء المسؤولين المصريين دراسة البدائل الممكنة لإنقاذ ما يمكنه إنقاذه في أزمة المفاوضات حول السد.
في سياق متصل، بدأ الدكتور حسام مغازي، وزير الموارد المائية والري القائم بأعمال وزير الزراعة في حكومة تسيير الأعمال، بعد ظهر اليوم الثلاثاء، سلسلة مشاورات مع أعضاء اللجنة الوطنية الفنية عن الجانب المصري وكبار معاونيه لبحث الموقف المصري بعد انسحاب المكتب الهولندي.
ورجحت مصادر أن يتم اختيار مكتب استشاري آخر بديلا للمكتب الهولندي من بين المكاتب التي كانت قد تقدمت من ذي قبل ولم يتم قبولها.
مصر سقطت في فخ الخداع
من جهته، قال هاني رسلان، رئيس وحدة دراسات حوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن مصر سقطت في فخ الخداع والمناورة الإثيوبية، في ما يخص مفاوضات سد النهضة الإثيوبي.
وأوضح “رسلان”، خلال مداخلة هاتفية له اليوم ببرنامج “مانشيت” المذاع على فضائية “أون تي في”: “أن إثيوبيا وضعت مصر في متاهات هدفها استهلاك الوقت دون إنجاز فعلي على الأرض وبالتوازي تستمر في بناء السد”.
وأشار إلى أن المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا استغرقت وقتا طويلا من أجل اختيار المكتبين الاستشاريين لدراسة آثار السد على دولتي المصب (مصر والسودان)، وعند التقييم مالت إثيوبيا إلى كفة المكتب الفرنسي ما أدى في النهاية لانسحاب المكتب الهولندي مصدر الثقة بالنسبة لمصر من الدراسة، حسب قوله.
مفاوضات السد فاشلة
وخلال تصريحات تليفزيونية اليوم، قال وزير الري الأسبق، محمد نصر علام، إن مسار المفاوضات الذي تم اتخاذه بشأن ملف سد النهضة فاشل، ولا بد من اتخاذ مسار سياسي آخر، مستطردا: “الضرر واقع على مصر دون أدنى شك ولا بد من تقليص الضرر قدر الإمكان”.
وعن السبب وراء تعثر المفاوضات، أكد مستشار وزير الموارد المائية والري لشؤون السدود ونهر النيل الدكتور علاء ياسين، أن “خلافات فنية” بين الشركتين الاستشاريتين الهولندية والفرنسية تتعلق بأسلوب التعاون بينهما في تنفيذ دراسات تحديد الآثار الجانبية لسد النهضة على دولتي المصب، هي التي دعت الشركة الهولندية إلى إعلان الاعتذار عن عدم المشاركة في تنفيذ الدراسات المطلوبة بسبب عدم التوصل لحل لهذه الخلافات.
وبمجرد إعلان نتائج المفاوضات وفشلها دشن عدد من رواد موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” هاشتاجا تحت عنوان “سد النهضة”، واحتل خلال ساعات قليلة المركز الأول ضمن أكثر الهاشتاج تداولا اليوم على الموقع.
يُشار إلى أن الحكومة سعت مؤخرًا لإخفاء الكثير من الحقائق حول الخلافات بين المكتبين الاستشاريين وسعت لتجميل الصورة حول المفاوضات، ولكن جاء قرار الانسحاب اليوم ليكشف الوضع الحالي لمشروع السد، الذي لاقى هجومًا شرسًا في عهد الرئيس محمد مرسي، على عكس ما يحدث الآن في عهد عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري من ترحيب كبير لتنفيذه.
وتجدر الإشارة إلى أن عبد الفتاح السيسي، قائد الانقلاب العسكري، وقع في مارس الماضي اتفاق المبادئ حول أزمة “سد النهضة” الإثيوبي، مشيراً إلى اتفاق وجهات النظر للبلدين، وأن التوقيع على الوثيقة يؤكد حرصهما على العمل معا في كل المجالات، وبعت برسالة طمأنة بأن المشروع يسير على مايراه حسب قوله إنذاك، وهو ما أظهر الواقع عكسه الآن.
