خبر حزين انتشر بسرعة على الشاشات وشبكات التواصل: وفاة 107 معتمر وأكثر من 240 مصابا من ضيوف الرحمن بسقوط رافعة في الحرم المكي..
النظام السعودي عزى الأمر للعواصف والرياح، وبدأ ينشر مقاطع فيديو لقوة الرياح التي هبت على الحرم مبررا الكارثة! القضاء والقدر إذن هو سبب وفاة هؤلاء المعتمرين الغلابة، وليحمدوا الله أنهم ماتوا في بيت الله الحرام، لكن لا أحد مسؤول في هذه المملكة بالطبع! هذا وقد تفضل ولي ولي العهد بمتابعة الأمر!
الفيديوهات التي نشرتها المملكة للعواصف القوية على الحرم دليل يدين النظام السعودي ولا يبرئه، فإذا كانت الأرصاد الجوية تقول أن رياحا شديدة ستهب، فلم لم تتخذ الإجراءات الكافية لحماية ضيوف الرحمن وضمان سلامتهم، وإبعاد الرافعات عن أماكن السعي والطواف أو على الأقل تأمينها بشكل جيد، ولا سيما في هذا التوقيت من العام، الذي يعج فيه المكان بالملايين قبيل فريضة الحج بأيام؟؟
لا أدري الحكم الفقهي لهؤلاء الذين أتوا لأداء شعيرة العمرة استعداد للحج فوجدوا أنفسهم تحت وطأة رافعة تزن أطنانا تسقط عليهم لتدك عظامهم.
ولكن ظني والله أعلم أنه قتل خطأ، فالمسؤول عن عمارة المسجد مسؤول مسؤولية أدبية وأخلاقية وسياسية عن حياة هؤلاء المعتمرين حتى وإن لم يكن مسؤولا بشكل جنائي!
***
وإذا كان النظام السعودي غير مسؤول بشكل جنائي عن وفاة 107 معتمرين (حتى الآن)، فماذا سيقول لله عز وجل عن قتل آلاف المعتصمين في رابعة العدوية والنهضة وغيرها من ميادين مصر؟؟
النظام السعودي المستبد متهم بوأد ثورات الشعوب واغتيال آمال الشباب في المنطقة ككل، بدء من استقبال طاغية تونس بن علي الفاسد العلماني المستبد الذي ثار عليه الشعب، ثم استقبال طاغية اليمن علي صالح، بعد أن قتل المعتصمين في ساحة التغيير، وأجرت له المملكة ما يقارب 10 عمليات جراحية (ثمانية فقط في الوجه) قبل أن يتحالف مع خصوم اليمن الحوثيين عملاء إيران وخصوم المملكة ويتآمر معهم عليها!
والنظام السعودي أيد انقلابا عسكريا في مصر أدى لأكبر عملية قتل جماعي في تاريخ مصر،وأمده بما يقارب 50 مليار دولار حتى الآن، مما يعني أن كل طلقة تطلق في مصر تخرج من الخزانة السعودية، بموافقة سعودية وتوجيهات سعودية ودعم سعودي!
1000 “قتيل” على الأقل اعترف بهم حازم الببلاوي رئيس الوزراء الأسبق في حوار مع قناة أميركية، كنتيجة مباشرة لفض الاعتصام، والذي كان مطلبا خاصا للملك عبد الله، الذي طمأن السيسي بأنه لن يلاحق قضائيا جراء مجزرته!
كل هذا فقط لأن النظام السعودي يخشى أن تطرق رياح الديمقراطية والانتخابات أبواب المملكة بعد أن لمست التجربة المصرية قلوب الشباب وعقولهم، الطامعين للحرية والمساواة والتغيير!
فالنظام السعودي ومعه دول الخليج كافة – باستثناء الكويت التي تتيح هامشا رقيقا من الديمقراطية – لا يزال النموذج الأبرز في العالم على الملكية المطلقة، التي تتحكم فيها عائلة واحدة بمقدرات الدولة، أو أنصاف الدول كما وصفهم حليفهم السيسي!
وهكذا نظام مستبد لا يلائم الشباب في 2015، الراغب في مشاركة أكثر فاعلية في صنع القرار، وفي تقاسم أعدل للثروة، وفي لعب دور سياسي أكبر سواء بالترشح أو الانتخاب.
(يذكر أن آخر انتخابات قامت بها السعودية كانت عندما انتخبت من كل قبيلة رجلا فتيا لقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الهجرة!)
***
حتى سوريا التي تدعي السعودية الوقوف بجانب ثورتها، بدأت تتكشف الأمور شيئا فشيئا ويتضح أن الصراع في سوريا هو صراع ضد إيران وليس لمصلحة الشعب السوري!
فمحمد بن سلمان نجل العاهل السعودي كان في موسكو منذ أشهر وعقد صفقات سلاح مع روسيا بما قيمته 10 مليارات دولار، رغم أن موسكو هي الداعم الرئيسي لبشار الأسد بالمال والسلاح!
والنظام السعودي لا يزال يدعم النظام المصري بكل قوة رغم اللقاءات السياسية بين مسؤولين مصريين وآخرين في النظام السوري، ورغم السلاح والذخيرة التي يرسلها السيسي إلى بشار الأسد لقتل السوريين، ورغم إصرار السيسي على رفع علم بشار الأسد في القمة العربية الأخيرة متجاوزا قرارات القمة العربية 2013 في الدوحة بنزع الشرعية عن الأسد واعتبار المعارضة ممثلا للشعب السوري!
والنظام السعودي ترك الأطفال السوريين يغرقون في البحر، والناجين منهم يفترشون الطرقات ومحطات المترو في أوربا، دون معونة حقيقية لإخوانهم في الدين والعرق!
وبعد ازدياد التهم وانتشار الفضيحة، خرج بيان ركيك من الخارجية السعودية يزعم استقبال 2.5 مليون لاجئ سوري في السعودية (!!) ، وهو ما يتناقض مع بيان المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، التي قالت أنه منذ البداية كانت تركيا الدولة التي لها نصيب الأسد في استقبال اللجئين السوريين، حيث استقبلت خلال الأعوام الأربعة الماضية 1.8 مليون سوري بما يقارب 45% من إجمالي عدد اللاجئين، تليها لبنان بعدد 1.1 مليون لاجئ!
لكن يبدو أن الخارجية السعودية تعلمت “النخع” و “الفشر” من حليفهم السيسي، طالما أنه لا يوجد حسيب أو رقيب! فالسيسي صرح لوفد مجلس الشيوخ الإيطالي منذ عدة أيام أنه يستضيف 5 ملايين لاجئ، رغم أن عدد اللاجئين في كل دول الجوار وأوربا كلها 4 ملايين فقط؟؟
انظر مقال: (أزمة اللاجئين السوريين: إحصائيات مخجلة.. ومواقف مشينة!)
***
النظام السعودي مسؤول بلا شك عن وفاة المعتمرين، حتى ولو حدث ذلك خطأ، لكنه مسؤول أمام الله أيضا عن قتل المعتصمين، لأن ذلك قد حدث عمدا! وما أراه إلا إملاء من الله لزيادة الإثم بعد فض اعتصامات مصر وغرق لاجئي سوريا، وانتشار الجثث في العراق الذي مولت السعودية مخططات غزو الأمريكان له من قبل! أم هل نسيتم أن السعودية هي من أعادت المشركين إلى جزيرة العرب بالقواعد الأميركية في الخليج، بعد أن طهرها الله من نجسهم في حجة الوداع؟؟ وأمدهم بالبترول برخص التراب منذ أربعينيات القرن الماضي حتى الآن؟؟
ماذا يكون الحال لو سقطت الرافعة على بيت الله الحرام ذاته فهدمت الكعبة بدلا من أن تقتل 107 من المعتمرين؟؟ هل كان النظام السعودي سيبدي اهتماما أكبر ومحاسبة أشد للمتسبب في هذه الكارثة؟؟ ألا فإن مقتل مسلم واحد أشد عند الله من أن تهدم الكعبة حجرا حجرا، لو كانوا يعلمون!