فرقتهما جماعة الإخوان وجمعتهما ميليشيات الحوثيين، هكذا حال العلاقة بين مصر وقطر بعدما أرسلت الأخيرة الأسبوع الماضي نحو ألف جندي إلى اليمن للمشاركة، إلى جانب قوات التحالف الذي تقوده السعودية، لاستعادة صنعاء من قبضة الحوثيين، في الوقت الذي يبقى الطرفان في حالة عداء سياسي ومناوشات إعلامية ويتراشق كل منهما بالاتهامات.
خصم مشترك
وحول العلاقة المصرية القطرية، يرى الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، أن محاربة مصر بجانب قطر في التحالف العربي لن تؤثر على العلاقات بينها وبين مصر، خاصة أن خصمهما مشترك وهو جماعة “الحوثي”، ففي مثل هذه الحالة يتم سحب الخلافات بعيدًا عن ساحة القتل، مؤكدًا أن اليمن سيشهد تعاونا مختلفا، 180 درجة بين الطرفين.
وأضاف نافعة، في تصريح لـ”رصد”، أن قوات الحلف العربي تشارك بالمقام الأول للحفاظ على أمن المملكة السعودية بعد اقتراب الخطر منها، لافتا إلى أن حرب ومصر وقطر جنبا إلى جنب لن تجبر الطرفين على تغيير سياساتهما، ولن تشهد الأيام القادمة مناوشات سياسية احتراما لمشاركتهما في حرب واحدة في اليمن.
السعودية كلمة السر
من جانبه، قال الدكتور محمد الشنقيطي، أستاذ الأخلاق السياسية بمركز التشريع الإسلامي والأخلاق في قطر. إن “العنصر الأساسي لمشاركة الطرفين في الحرب هو السعودية، فكلاهما له رباط وثيق بين المملكة، ومأزق السعودية أجبر الطرفين على المشاركة في صف واحد”.
وأوضح الشنقيطي، في تصريح لـ”رصد”، أن “القطيعة بين مصر وقطر موجودة، وستظل مستمرة ما دام السيسي يحكم مصر، فاللعبة في اليمن عسكرية وليست سياسية، وتشكيل قوات مصرية قطرية في اليمن لن يغير من الأمر شيئا”.
وأشار إلى أن قطر تتعامل مع الجميع بحياديه تامة، وهذا ظهر مع مصر، فنظام السيسي هو الذي اختار القطيعة وليست قطر، والخلاف الفلسفي وموقف قطر وتركيا من ثورات الربيع العربي وضعا مانعًا من المواءمة السياسية بين البلدين.
ومنذ الانقلاب العسكري توترت العلاقات بين البلدين، بعد رفض قطر عمليات القمع التي تمارسها مصر ضد المعارضين للنظام، الأمر الذي ترتب عليه عدة محطات بين الشد والجذب والتي انتهت بغلق السفارة.
– ونرصد في السطور التالية أبرز محطات الأزمة بين البلدين:
الخلاف الأول
بدأ الصدام بين البلدين بعد 5 أشهر من الانقلاب العسكري، حينما أصدرت وزارة الخارجية القطرية في يناير ٢٠١٤، بيانًا أعربت فيه عن قلقها من تزايد أعداد ضحايا المظاهرات وعدد القتلى المرتفع في مصر.
وبعدها استدعى ناصر كمال، مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون العربية، السفير القطري، وأبلغه رفض مصر أي بيانات تصدر من الخارجية القطرية تتدخل في الشأن الداخلي المصري لاحقًا، واستدعت الحكومة المصرية سفيرها لدى الدوحة للتشاور بشأن ما وصفته بـ”التدخل القطري غير المسبوق في الشأن الداخلي المصري”.
قطر ترفض مبادرة مصر
وفي يوليو ٢٠١٤، اندلع الخلاف مجددًا بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بعدما رفضت قطر مبادرة وقف إطلاق النار المصرية، المدعومة من الجامعة العربية ومجلس الأمن، وأعدت مبادرة بديلة بالتعاون مع تركيا.
المطالبة برد الأموال
في أغسطس ٢٠١٤، أعلن محافظ البنك المركزي أن قطر طالبت الحكومة المصرية برد وديعتها المالية التي كانت قدمتها لمصر كنوع من الدعم لاقتصادها، وذلك في فترة حكم الرئيس مرسي.
أزمة ليبيا
لم تمر 6 أشهر على التهدئة إلا وتعرضت العلاقات المصرية القطرية للتوتر مجددًا خلال اجتماع المندوبين الدائمين لدى الجامعة العربية في شهر فبراير الماضي، عندما تحفظت قطر على المطالب المصرية بدعم عربي لعملياتها العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا عقب إعدام ٢٠ مصريا مختطفا.
وأصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانا وصفت فيه قطر بأنها تدعم الإرهاب، وعلى إثر ذلك سحبت الدوحة سفيرها من القاهرة.
مبادرة الكويت
أما في 23 نوفمبر 2014، دعا الشيخ صباح الأحمد، أمير دولة الكويت الدول العربية في أحد الاجتماعات التمهيدية للقمة الخليجية، إلى ضرورة التوصل لحل سريع للأزمة المصرية القطرية، قُبيل عقد القمة الخليجية فى ديسمبر.
وعقب القمة بدأت محاولات التقارب مرة أخرى مع ترحيب عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب، بتميم بن حمد أمير قطر لدى وصوله مطار شرم الشيخ، ووعدت الرئاسة المصرية أن تعطي قطر فرصة أخرى لإثبات حسن نواياها.
وفي إبريل عاد السفير القطري إلى القاهرة، بينما أعلنت مصر أنها تنظر عودة سفيرها للدوحة.
وفي أغسطس الماضي نشب خلاف جديد، حينما احتجت وزارة الخارجية المصرية على مبادرة قطرية بالتدخل والوساطة للمصالحة مع الإخوان المسلمين.
وأكدت وزارة الخارجة المصرية تعقيبا على تصريحات وزير خارجية قطر، خالد العطية، بشأن استعداد حكومته التفاوض مع مصر حول تنظيم الإخوان، أن القاهرة ترفض كل أشكال التدخل في شأنها الداخلي، مشيرا إلى أنه ليس هناك مجال للتفاوض أو القبول بوساطة خارجية للحوار معه.
وأكد المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم الخارجية بحكومة محلب السابقة، رفض مصر كل أشكال التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية، معتبرا تصريحات وزير الخارجية القطري غير مقبولة واعتراضا على أحكام القضاء المصري وقرارات الحكومة المصرية وإقرار جموع الشعب المصري بأن تنظيم الاخوان تنظيما إرهابيا، حسب قوله.
وفي خطوة تؤكد غلق كل محاولات إعادة السفير المصري مرة أخرى إلى الدوحة، أصدر سامح شكري وزير الخارجية، قراراً بنقل محمد مرسي عوض، سفير مصر في قطر، الذي تم استدعاؤه للقاهرة قبل عام، لمنصب قنصل مصر العام في مدينة مومباي في الهند.