لا توجد أسئلة أصعب من تلك الغبية الباهتة، إذ أن ذلك النوع يستدرجك إلى حيرة قاسية، تجعل الأفواه تنفغر في ذهول والأعين تحدق بها بارتباك والشعور بالعجز ينعم على القدرات في التعليق،ومحاولة الإنسحاب لم تكن إلا فعلا حصيفا،ﻷن التدخل يجعل المجيب والسائل سواء وعلى نفس القدر من البلاهة،وهذا لم يكن إلا ﻷن السؤال الغبي لا يرضيه إلا جواب بنفس درجة الغباء.
تدفقت الأسئلة الغبية في فترة سابقة بغزارة وتنافست بما أرقهني،ولم يشغل بالي الإجابة عنها بقدر ما شغلني استفسار أهم وهو أنني لم أتوقع أن هناك عقلا ينتج هذا الكم من هذا النوع من الأسئلة حتى أكون العقل الذي يجيب عنها ؟!
الأسئلة الغبية بالعشرات و حتى لا أطيل سردها أضرب عنها أمثلة قليلة من مثل : ألا يشكل وضع الرئيس محمد مرسي إعلانا دستوريا تعديا صارخا على الديمقراطية وتوسيعا لصلاحياته ؟ لماذا يضيق صدر مرسي بحرية الإعلام ؟ لم لم يوقف بناء سد النهضة؟ لماذا أرسل إلى نظيره الإسرائيلي عبارة صديقي العزيز ؟ ولماذا لم يلتزم بالبروتوكول وهو مع شخصية رسمية أمريكية ولما تبدو لغته الأجنبية ضعيفة ؟ أين هو مشروع النهضة ؟ ولم ترشح ابنه لوظيفة في تمهيد لرسم كابوس جمال مبارك ؟ ما علاقة الجيش بصنع آيباد ؟ وهل هرب مرشد الإخوان متنقبا ؟ هل كان هناك نكاح في الخيام ؟
فسبحان مغير الأحوال من حال إلى حال،ويال بهتان من يغير الأجوبة لمجرد تغير الفاعل في السؤال؟
كانت فترة ما قبيل الإنقلاب ربيعا تفتحت فيه الأسئلة الغبية،وطاردتنا برائحتها النتنة التي لم تفوق نتانتها إلا تلك المنبعثة من قذارة الإعلام،لكن فترة ما بعد الإنقلاب جعلت الأسئلة الغبية ممتعة بشكل لا يصدق،ليس ﻷنها تكشف نقصا فادحا في ملكات الحس والإدراك فقط،بل ﻷن الأسئلة الغبية تحولت إلى أجوبة قاطعة دون أن تزخر الأخيرة بالقدر الوافر من الغباء الذي يفوق ما يحمله السؤال.
من الأسئلة النابضة بالغباء التي أتسلى بها هي تلك الأسئلة التي رافقت وضع الرئيس الشرعي إعلانا دستوريا يحاول به تحصين نفسه من الإنقلاب المحتمل،وجواب السؤال الشهير كان لدى الإنقلاب نفسه ! فحدوثه وانقلاب القضاء عليه أكد شرعية الإعلان وأنه كان له ما يبرره على الأرض،وما هي إلا أشهر قليلة على الجدال حتى خرجت الجرذان من جحورها مدرعة بجزء من الشعب الذي كان خليطا بين من فهم أو من لم يفهم أنها الدولة العميقة عادت وأن خلايا مبارك والجيش النائمة تحركت،ولا أريد أن أتحدثت عن كم ما حفل به العهد الجديد من تفرد بالسلطة وممارسات استبدادية وقمعية حقيقية ومعارضوها السابقون “صكم” بكم.
من الأسئلة الغبية التي ألوكها بلساني هي لماذا ضاق صدر الرئيس بالإعلام أيامه ؟ وإجابة هذا السؤال كانت لدى باسم يوسف الذي تﻷﻷ نجم برنامجه أيام الرئيس مرسي وحوله إلى جون ستيورات العرب ليأفل نجمه مباشرة بعد ذهابه في دلالة على موقع حرية الإعلام بين العهدين لن تخطىء أي عين دلالتها،الذي لم يفهمه باسم يوسف أنه ليكون جون ستيوارت وحلمه مشروع ينبغي أنه يكون الطرف الثاني في مستوى تعامل الإدارة الأمريكية مع إعلامها وهو ما تحقق له مع الرئيس مرسي،أو ينبغي أن يكون صادقا مع نفسه ويكون فيصل القاسم مصر أو أحمد منصور وليس مجرد ملمع لحذاء العسكر سينتهي دوره بالضرورة،وما هي إلا بداية العهد الجديد حتى حاول باسم يوسف آداء دور البليد الذي لم يفهم الإشارة و التنقل بين قناة وأخرى،فكان رد العسكر طرده خارج دائرة البث الفضائي وحبر العقد مع قناته الجديدة لم يجف بعد،ثم طرده خارج مصر وأهله في المكان الخطأ تاركا جنازة والده فيما بعد دون حضور في دلالة على مستوى الرقي في التعامل بين العسكر وأحد أذنابهم الذي انتشى بصور شهداء رابعة وكان له من الله ما يستحق.
من الأسئلة الغبية جدا هي لم يوقف مرسي بناء سد النهضة وإجابة السؤال كانت لدى صاحب الخلفية العسكرية الذي بارك بناء السد مباركة صريحة فيما لم يفعل مرسي ذلك وسعى حثيثا لوقفه،وماهي إلا أشهر قليلة حتى توقف الحديث الرسمي والإعلامي المخابراتي عن السد وختم على البيان وزير الري بإدعائه أن السد مصلحة وطنية.
سؤال ينتمي إلى سلالة عريقة من الغباء ويحتج لماذا لا يتم تنصيبه ملك الأسئلة الغبية كان يسئل عن السر وراء الكلمة البروتوكولية في خطاب مرسي لنظيره الإسرائيلي شيمون بيريز .. حسنا .. لن أتحدث عن العلاقات المقطوعة يومها وعن غياب التمثيل الديبلوماسي ولا عن رفع الحصار عن غزة في عناد واضح للموقف الإسرائيلي والأمريكي،ولا في طلب مرسي من إسرائيل احترام معاهدة كامب ديفيد مقابل احترامها ولا في بغض الإسرائيلين له وأولهم بيريز ولا في محبة الفلسطنيين له وإقرارهم بأثر عهده على التسليح النوعي للمقاومة،سنترك إجابة السؤال النابض بالغباء إلى من يحمل ذات مستوى الغباء وهو السيسي الذي أصبح مدلل إسرائيل، وبلغ التنسيق في عهده مستوى تاريخي غير مسبوق،وأعاد السفير الإسرائيلي بعدما رمى أبناء الثورة علمها وأحرقوه،وهجر أهالي سيناء وينوي جعل الحدود مع غزة مزارع سمكية حتى يقبر فكرة الأنفاق نهائيا،ويضيق على متنفس غزة العزة الوحيد،وآخر إبداعاته في العمالة اختطاف أفراد من كتائب القسام أعطاهم الأمان واعتقلهم بدل تركهم يذهبون للعلاج في تركيا،أتحدى والأيام بيننا إن لم تصدر إسرائيل يوما ما طابعا بريديا للسيسي تكريما له على خدماته الجليلة للصهاينة أسوة بالملك الحسين .
من الأسئلة التي أشدها من أذنيها حتى تحمر هي لما كان مرسي يتلقى الأوامر من المرشد والدليل ذلك الفيديو الشهير الذي فيه 6 أحرف شكلت كلمة القصاص،إجابة السؤال كانت يوم مهرجان البراءة لجميع قتلة المتظاهرين،فإعلام التقط ست حروف مشروعة كان أولى به التعليق يوم البراءة للقتلة والمطالبة بحق الشهداء الذين وعد مرسي بالقصاص لهم وحثه الدكتور محمد بديع على تذكرهم وهو الذي لا يمكن أن ينساهم جدول أعماله.
أحد أشقى الأسئلة كان عن عدم التزام الدكتور مرسي بالبروتوكول والتساؤل عن لغته الإنجليزية وهو الذي كسر البروتوكول فقط عندما خفف موكبه ولعن آيات الشيعة في عقر دارهم ولم يخطىء في كلمة واحدة بالإنجليزية بشهادة أساتذتها فيما بدا عليه أثر اللغة الأم فقط،فيما لا يجيد السيسي من الإنجليزية سوى مرحبا بكم في بلدنا دعونا نتحدث بالعربية، وهو الذي سافر على مرتين للدراسة في بريطانيا وأمريكا،وعلى كل إذا أردنا المقارنة حتى في سلامة اللغة العربية فلنجعلها بين ارتجال خطب عصماء من مرسي دون خطأ وبين 116 خطأ من السيسي في خطاب واحد مقروء،هذا عدا ما يثيره حديث الأخير من نكات عندما يختار أن يغرف من مستواه الفكري،أما الرد على عدم احترام الدكتور مرسي صاحب الدكتوراه الحقيقية للبروتوكول فكان فيما حدث لملحق السيسي العسكري في قصر الإليزي،وموسكو التي كانت قبلة الفضائح بعدها،فالرجل يحمل بذلاته في رحلاته الرئاسية والكاميرا لم ترفع أوزارها،وربما نهى إلى مسامع بوتين أنه دون معطف فألبسه جاكيت الحرس الشخصي له وبوتين ابن الإستخبارات وما فعله كان مقصودا،ولما علم عبد الله بما فعله بوتين جعل السيسي “مطارزي” جاثيا على ركبتيه في الطائرة والمطارزي هو من يخدم الشيخ ويعد له القهوة ؟
سؤال كانت علاقته بالذكاء مثل علاقتي باللغة الكورية وهو أين هو مشروع النهضة،ولعل من طرحوا السؤال يومها يعرفون أنهم أقل شأنا من النهضة ومما كان يفكر به الرئيس وبدأ به من محاولة امتلاك الغذاء والدواء والسلاح وتنمية محور السويس والتفكير في مليون فرصة عمل وتوليد الكهرباء بالطاقة النووية،والإجابة أتت سريعا وبغباءها المعهود في جهاز الكفتة وتقاسم رغيف العيش أولا إلى جوعوا من أجل مصر إلى اللمبة الموفرة إلى ألف عربية خضار إلى تفريعة من قناة إلى مليون سكن وهمي.
الربط بين ترشح ابن مرسي وجمال مبارك كان أحد الأسئلة التي جمعت كل الحمقى والمغفلين وإجابة السؤال هي في ظهور مصطفى عبد الفتاح السيسي في الرقابة الإدارية وإلباسه دوره البطولة في قضية وزير الزراعة تمهيدا لأدوار اخرى يتخذها مستقبلا،ومثلما نفى السيسي لا والله ما حكم عسكر ولن أترشح سينفي هذه النقطة عن ابنه الذي لم يدر أحد كيف تأهل للمنصب هو وإخوته الذين جرى توزيعهم بإحكام في مناصب حساسة تحسبا ﻷي طارىء.
من الأسئلة التي التزمت بدور الأبله المبتسم دون مناسبة في الحفلة وظلت كذلك في حفلة الأسئلة هي ما علاقة الجيش بصنع آيباد مصري مئة بالمئة ومحاولة اكتساب التكنولوجيا،والإجابة على السؤال الأبله كانت لدى كعك العيد والبيتزا والمعجنات والعيش والكوافير النسائي وصالات الأفراح وغيرها مما توسع الجيش في صناعته أو تقديم خدماته،دون أن يهتدي الجيش لشيء واحد فقط هو ما يحتاجه بدل أن يوفر آلالاف السلع والخدمات للمصريين وهو سلاحه .
من الأسئلة الذي ضحك عند سماعها أطفال كي جي وان حتى وصل صدى ضحكاتهم إلى المكسيك وما جاورها هي أن مرسي تخابر مع حماس وقطر .. السؤال كان في تركيبه معبرا عن مدى سذاجه من ركبوه إذا لا يكفي فعل وفاعل وعلامة الإستفهام على شكل الصولجان لنسم ائتلاف هذه الأشياء سؤالا،فالإجابة كانت في تصنيف الأعداء الجديد وما شرعه من تخابر الفريق الثاني مع العدو التاريخي والأبدي إسرائيل التي تنسق معهم على أعلى مستوى وتصنيفه شرفا،بالإضافة إلى تسجيلات عباس التي فضحت التخابر مع الإمارات ومحورها في الخليج ولا يوجد واحد للرئيس مرسي على التخابر مع قطر رغم أنه كان تحت دائرة الإستهداف والرقابة من المخابرات وتحت سمعها وبصرها كل لحظة.
من الأسئلة التي فضحت غباء متبنيها ومحدودية تفكيره هي لما يهرب مرشد الإخوان الدكتور محمد بديع متنقبا وهو الذي زمجر وأرعد في خطبته في الإعتصام،وكأنه مطلوب منا للإجابة عن السؤال أن نختم عليه ونصدق بحدوث ذلك والإجابة كانت لدى مطلق السؤال وهو حمدي الفخراني الذي عاد بالأمس إلى أصله ورجوعه إلى أصله رذيلة؛مرتشيا بدل محارب فساد ومتنقبا صورة وإثباتا وعن اقتناع وهو رجل.
آخر سؤال فاض بالغباء كان عن نكاح رابعة المزعوم .. والإجابة على الإشاعة كانت موثقة هذه المرة بالفيديو في نكاح الكاراتيه ونكاح القضاء وعند بثينة وصفوت في نكاح ماسبيرو وغيره مما لم ينكشف بعد … مع ما أفرزه ذلك من ظهور “العناتيل” حتى بات لكل محافظة عنتيل تتغنى به.
لم أكن أدري أن الأيام سترفع عني حرج الإجابة عن عشرات الأسئلة الغبية،كانت غبية وتحولت اليوم إلى أسئلة ممتعة في عرض مسل يبدو أنه سيتواصل،وتلك الأسئلة التي كانت غبية أراها اليوم ثملة بلهاء تغير لباسها،غير أن من ورثت عنهم الغباء والغفلة لفترة لازالوا ملوك عرش الحمق وخاصته.