جيل من الشباب؛ عاش حقبة عجيبة من الزمن ثلاث إلى خمس سنوات؛ انتصرت فيها رغبته وتحطمت فيها آماله آيضًا؛ بين ثوراتٍ ظننا أنها أنتصرت وبين إنقلابٍ حطم الاخضرَ واليابس؛ فحطم الروح والمادة.
جيلٌ كان يقرأ عن الدماءِ في كتب التاريخ فقط وفجأة يجد نفسه بين برك من الدماء والأشلاء؛ فعاش ما قرأه في الكتب عن الدماء في واقعه.
فعاش التاريخ الذي قرأه بواقع مختلف وبإسباب أخرى. فكان من صُدم وكان من انزوى والباقي ما زال يعيش برصيد من العزمِ والامل للثأر والنصر لكملة آمن بها وعاش من أجلها.
الصدمة التي يعيشها جيلنا لم يفق منها بعد؛ فهو تائه بين ثنائيات كثيرة؛ بين ثنائيات التنظير والواقع؛ بين ثنائيات القيم والحاضر؛ بين ثنائية هل هذا ابتلاء من الله عز وجل ام ضريبة فشل مادي؛ ثنائية ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً وبين لما يموت هؤلاء الشباب الكرام.
يعيش ثنائية بين قدر الله عز وجل وتمحيصه لعباده المؤمنين وبين ان ما نعيشه هو صنيع حفنة من البشر أوردونا المهالك.
نعيش ثنائيات كثيرة بين ما تعلمناه من قيم اسلامية تربينا عليها في المساجد والاسر والجلسات وبين الواقع الذي نعيشه كل يوم.
اظنه هو الاختبار الحقيقي أن تعيش الواقع محافظًا على قيم آمنت بها وعشت عليها واسقاطها على واقع جديد فيه من البلاء الكثير.
هذا الجيل تائه الآن؛ بين ما كان يحلم به، أن يغير به العالم وبين ما يبحث الآن عن لقمة عيش يأكلها خصوصًا من طحنتهم الغربة وشردوا في كل مكان.
قلما تجد الطموح القديم ولا العزم الذي كان به. فقد الثقة في كل شيء. يبحث عن انتصار حتى ولو كان تافهًا كي يقنع نفسه بالنجاح. اصبح بارد الشعور فاقد الأمل.
هذا الجيل يحتاج إلى اعادة تأهيل مهما كانت قدرات شبابه. يحتاج إلى وسط وبيئة لا أقول جديدة لكن مختلفة؛ مختلفة في التفكير والطرح والعمل؛ لانه لم يعد يتحمل شيئاً من الماضي. لانه ليس مستعداً أن يكرر ما عاشه من قبل مرة أخرى.
لا يزعم كاتب هذه السطور أن في يديه الحل لهذا الجيل ولا يكتب ليكتب لكن ليثبت حالة يدركها الكثيرين؛ المسؤولية مسؤولية تاريخية؛ مسؤولية مجتمع وافراد.
الحل لن يكون إلا بحالة جديدة يصنعها هذا الجيل بنفسه لا غيره بجهود من حوله من مجتمع واساتذة ومربين وموجهين ممكن أدركوا الواقع الجديد الذي نحياه.
ويبدوا أني ساكتب عن هذا الجيل كثيراً..