“أنا والغريب على ابن عمي”، ينطبق هذا المثل الشعبي على عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري، فخلال الأشهر الماضية ابتعدت المسافة بين السيسي والمملكة العربية السعودية، بعدما كان التقارب وصل إلى ذروته مع بداية الانقلاب العسكري.
فالمتابع اليوم للعلاقات المصرية- السعودية يجد أن الجدران السياسية ارتفعت بين الطرفين لعدة أسباب، أكدها عدد من المحللين والمراقبين السياسيين، ويأتي قي مقدمتها الأزمة السورية، إذ يقف السيسي مع النظام السوري ضد المعارضة.
ويرى المراقبون أنه لم يتبق لمصر في الخليج سوى الإمارات، فبدأتا في تشكيل تحالف لمواجهة تقارب السعودية مع جماعة الإخوان المسلمين، وحركة المقاومة الإسلامية حماس، والذي تجسد في زيارة رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل للرياض مؤخرًا، وقد أجرى السيسي 3 زيارات إلى روسيا خلال أشهر معدودة، واليوم يتجه إلى الصين وسنغافورة للبحث عن دعم اقتصادي بديل عن “الأرز السعودي”.
الأزمة السورية
من جانبه، قال راكان السعايدية المحلل السياسي الأردني، إن هناك تباينا في التوجهات بين مصر والسعودية وتحديدًا بسبب أزمة سوريا، مشيرًا إلى أن هناك تقاربا بين النظام السعودي وثوار سوريا، وبالضرورة نتج عن ذلك تحالف خليجي، مكون من السعودية وقطر والبحرين لصالح الثورة السورية، وفي المقابل مصر والإمارات التي تناهض تلك الثورة.
وأضاف السعايدة، في تصريح خاص لـ”رصد”، أن اتجاه السيسي إلى أوروبا له هدف وهو كسر الشح السياسي الذي يعيشه بعد ابتعاد السعودية وبعض الدول عنه على الأقل ماديا، خاصة بعد أحكام القضاء والانتهاكات التي تمارسها حكومته.
تحالف مناسب
وأكد السعايدة أن السيسي لم يجد مكانا له في تحالف “قطر والسعودية وتركيا” فبات كل من الأردن ومصر والإمارات على علاقة تشكل محورا وتحالفا في مواجهة الإخوان المسلمين، فضلاً عن وجود تماه بين البلدين وتعاون مع ملف الإخوان وليبيا، وإن كان الأردن يحاول أن يوازن علاقاته بين منظومة الخليج والسعودية، لكنه منحاز للحل السياسي، ولكن المحصلة النهائية مرتبطة بالمقاربة الأميركية وبأي اتجاهات تذهب، وبالتالي الأردن سيبني مصالحة وفقًا للقرار الأميركي.
وحول العلاقات الروسية المصرية قال السعايدة إن “الموقف المصري تجاه روسيا متماه مع إيران، ومصر وروسيا لعبتا دورا في كسر فرادة الائتلاف السوري”.
السعودية أدركت قوة ثورات الربيع العربي
في السياق ذاته، يقول الدكتور محمد الشنقيطي أستاذ الأخلاق السياسية بكلية قطر للدراسات الإسلامية، إنه من الواضح أن الفريق القديم اعتمد على رهان خاسر، وورطوا بلادهم بدعمهم الشديد للسيسي، وأدركوا أن الخطر الأكبر ليس من قبل ثورات العرب، بل من قبل المد الشيعي والذي أدى إلى حصار إيراني للملكة.
وأضاف الشنقيطي في تصريح لـ”رصد” أعتقد بأن القيادة السعودية الجديدة لديها حس استراتيجي أكثر وعيًا مما سبقتها، خاصة أنها استوعبت أن محاربة الحركات الإسلامية السياسية إهدار للمال والوقت فانشغلت أكثر بمحاربة الشيعة.
وأكد أن الفرصة التي حصل عليها السيسي في بداية الانقلاب من السعودية لن يحصل عليها أي مستبد فحصل على 50 مليار دولار، بخلاف الدعم الإعلامي الضخمة، والسعودية أدركت أن دعم الثورة المضادة سيجلب لها الخسارة السياسية والاقتصادية.
الأزمة الاقتصادية ونبذ العدوانية
من جانبه، قال باسم العالم، أستاذ القانون السعودي والمحلل السياسي: “إن العلاقات السعودية المصرية لن تعود كما كانت في بداية الانقلاب العسكري، فكلاهما التزم الصمت أمام الآخر، فالنظام السعودي يرفض القمع ويأبى المشاركة في تحالف ضد شعب سوريا الشقيق مثلما فعل السيسي، كما أن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها المملكة تستوجب توقف دعم النظام ماديًا”.
وأضاف عالم: “أن القيادة السعودية الجديدة، لها موقف حيادي تجاه ما يحدث في مصر فهي لا تعادي المعارضين سواء بالتحركات السياسية أو من خلال الإعلام الرسمي وتحث على المصالحة وهذا ما لا يرتضيه السيسي”.
وأضاف عالم أن خطاب النظام المصري ارتقى لمستوى العدوانية مع فئة كبيرة من شعبه، كل ذلك أدى إلى استنفار جزئي من السعودية تجاهه.
تحالف إماراتي- مصري ضد السعودية
وتجدر الإشارة إلى أن زمام الأزمة انكشف حينما تم إجراء تحالف مصري إماراتي ضد سلمان ومشعل، حينما نشرت صحيفة “البوابة نيوز”، تقريرًا مطوّلًا عن هذا التحالف، تحت عنوان “أخطر تقرير صحفي عن الخلاف بين مصر والسعودية”، والذي كشف فيه أن مصر والإمارات شرعتا في تشكيل تحالف لمواجهة تقارب النظام السعودي مع جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس الفلسطينية.