أثار اكتشاف حقل الغاز، الذي أعلنت عنه الحكومة، العديد من ردود الأفعال الواسعة بين الخبراء والمختصين في مصر، ما بين التشكيك في حقيقة الاكتشاف، والتقليل من أهميته وجدواه.
التشكيك في حجم الغاز المكتشف
وفي تصريحات خاصة لـ”رصد”، كشف المهندس محمود حسن، مهندس البترول بشركة بدر الدين للبترول، أن الشركة صاحبة الاكتشاف كانت قد رفعت الحكومة المصرية سعر شراء الغاز منها بنسبة 100% منذ شهرين.
كما شكك “حسن” في حقيقة كمية الغاز المكتشفة، مشيرًا إلى أن الشركات العالمية تلجأ إلى تزويد كمية الغاز المتوقع حدوثه لزيادة قيمتها في السوق، وأشار إلى أن هذا حدث في عصر سامح فهمي، وزير البترول في عصر المخلوع مبارك، من مبالغة في كميات احتياطي الغاز بهدف التشجيع على تصدير الفائض.
رفع قيمة العقد منذ شهرين
وقال مسؤول في الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) منذ شهرين، إن بلاده رفعت سعر شراء الغاز الطبيعي من شركتي إيني وإديسون الإيطاليتين أكثر من 100 بالمئة ليصل إلى 5.88 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
وأضاف -في وقتها- أن الزيادة ستسري على الإنتاج من الاستكشافات الجديدة للشركتين في مصر.
وأبلغ المسؤول -الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ”رويترز”- أن وزارة البترول “وقعت على عقد تعديل سعر الغاز مع إيني إلى 5.88 دولار لكل مليون وحدة كحد أقصى وعند 4 دولارات كحد أدنى وذلك وفقًا للكميات المنتجة وارتفاعًا من 2.65 لكل مليون وحدة سابقًا”.
وكانت مصر وقعت في يونيو، اتفاقًا مع شركة “إيني” لتنفيذ أنشطة استكشافية وتنموية بملياري دولار على مدى أربعة أعوام.
وأضاف المسؤول “الوزارة وقعت أيضًا مع إديسون الإيطالية على عقد تعديل سعر الغاز إلى 5.88 دولار لكل مليون وحدة حرارية من 2.65 دولار”.
وكان شريف إسماعيل، وزير البترول، أبلغ “رويترز” في مارس، أن مصر اتفقت بالفعل على رفع أسعار شراء الغاز من شركة “بي.بي” البريطانية.
تفاصيل العقد
فيما أكد المهندس حاتم عزام، البرلماني السابق، على ضرورة معرفة حقيقة العقد بين مصر والشركة الإيطالية التي اكتشفت الغاز الذي أعلنت عنه الحكومة.
وقال “عزام” -في تصريح خاص لـ”رصد”: إن الإعلان عن الكشف الغازي في المتوسط يفتقر للشفافية في إعلان شروط التعاقد وتفاصيل شراكة الإنتاج مع إيني الإيطالية وحصة مصر من ثرواتها الطبيعية وأضاف “السيسي تنازل عن حقول غاز مصرية عملاقة لقبرص وإسرائيل وتخلى عن حصة مصر لكشف بي بي العملاق ولم يفصح للآن عن شروط التعاقد مع ايني الايطالية”.
وكشف “عزام” بعض الخبايا الكارثية لاكتشاف الغاز بالمتوسط مع شركة إيني؛ حيث أشار إلى أن سلطة السيسي وقعت عقودًا جديدة يتم بموجبها مضاعفة ثمن شراء الغاز من شركة “إيني” الإيطالية صاحبة الاكتشاف المعلن قبل يومين (زيادة بنسبة 100%) وذلك ليصبح ثمن شراء المليون وحدة حرارية من الغاز من حصة الشريك الأجنبي 5.8 دولار بعد أن كانت عقود شركة “إيني” مع الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة القابضة المصرية للغاز التابعتين لوزارة البترول تنص على سعر شراء مقداره 2.6 دولار للمليون وحدة حرارية.
وأوضح “عزام” أن ذلك يعني أن الدولة المصرية تعهدت بدفع ضعف الثمن التي كانت تدفعه قبل انقلاب 7/3 لتحصل على نفس كمية الغاز التي كانت تشتريه من الشريك الأجنبي.
وأضاف أن هذا التعديل الخطير على التعاقدات تم في ظل سلطة السيسي الممسكة بكل السلطات التشريعية والتنفيذية والمحركة للسلطة القضائية أيضًا، والتي لا تتمتع بأدنى أنواع الرقابة أو الشفافية.
وأشار إلى أن اللافت للأمر، أن هذا التعديل الخطير تم قبل أسابيع من إعلان الكشف بشكل رسمي، ودون إعلان أو إفصاح من وزارة البترول أو حكومة سلطة انقلاب الثالث من يوليو، مما يضع العديد من التساؤلات حول جدوى مضاعفة الأسعار التي تشتري بها مصر من الشريك الأجنبي “إيني الإيطالية في هذه الحالة” وفي مصلحة من تصب.
وأكد “عزام” أن هذا التعديل يعني مزيدًا من العبء على المواطن المصري، متمثلًا في عبء مضاعف على الموازنة العامة للدولة المصرية التي تسعى سلطة السيسي لزيادة مصادر دخلها عبر فرض المزيد من الضرائب على المواطنين.
وأضاف أنه يأتي كنتيجة لفشل سياسات البترول والغاز للسلطة القائمة والتي هي امتداد لمنظومة مبارك التي راكمت المديونيات للشركاء الأجانب في مجال النفط والغاز حتى وصلت إلى 9 مليارات دولار قبل أن يتم تسديد أجزاء منها لتسجل عجزًا قدره 3 مليارات دولار كمديونية للشركاء الأجانب الآن.
مزيد من التنازلات في التفاوض
وقال “عزام” إن هذه السياسات الفاشلة أدت بسلطة السيسي لمزيد من التنازلات في التفاوض مع الشركاء الأجانب لمصلحة مزيد من الربح للشركات العالمية على حساب ثروات الشعب المصري.
وأضاف أنه يبقى هناك العديد من التساؤلات الأخرى حول شروط التعاقد، الإجابة عنها تحتاج الإفصاح عن بنود التعاقد وحصة مصر من الغاز المجاني والعديد من النقاط التعاقديّة المهمة الأخرى.
وأكد “عزام” -في تصريحه- أن مضاعفة سعر شراء الغاز بهذا الشكل ودون رقابة يعد حدثًا كارثيًا وعبئًا اقتصاديًا خطيرًا سيؤدي إلى مزيد من المديونيات المستقبلية في ظل حالة الاقتصاد المتردي.
سرقة ثروات مصر
وقالت الصحفية إيمان الكلاف، إن “الأخوة الفرحين باكتشاف حقل الغاز، والحالمين بالغنى والثراء اللي حنكون فيه، أحب أفكرهم بالغاز اللي الأخ حسين سالم صدره لإسرائيل، بالملاليم وكمان منجم السكري، اللي الجيش حاطط إيده عليه ومحدش عارف فلوسه بتروح فين، والآثار اللي بتكتشف كل يوم والله يكحمه زاهي حواس هو والهانم سوزان اللي كانوا بينصصوا مع بعض وينهبوها، وقناة السويس القديمة وملياراتها والجديدة برده، وغيره وغيره”.
وأضافت “الخلاصة يا سادة طول ما الفساد وشبكة المصالح موجودة والجيش حاطط ايده علي كل حاجة ومحدش بيحاسبهم يبقى عليه العوض، وعليك عزيزي المواطن المصري تعيش وإنت ساكت في أم البلد دي واحمد ربنا انهم سامحين لنا نعيش فيها”.
وعلق الناشط السياسي، شادي الغزالي حرب، على إعلان الحكومة المصرية اكتشاف أكبر حقل غاز في البحر المتوسط بالتعاون مع شركة الطاقة الإيطالية “إيني” قائلًا: “يا رب ميتسرقش زي باقي خيراتنا”.
وقال -في تغريدة عبر حسابه على موقع التدوين المصغر “تويتر”-: “مبروك اكتشاف أكبر حقل غاز بمصر”.
وتابع: “ويا رب يبقى خيره من نصيب الغلابة اللي في البلد دي ومش زي باقي خيراتها اللي بتتنهب بقالها سنين”.