توقع خبراء اقتصاديون وسياسيون تأثر مصر بشكل عام وقناة السويس بشكل خاص بالتراجع الاقتصادي العالمي المتواصل منذ عدة أسابيع؛ حيث أوضح الخبراء أن التراجع الاقتصادي سيؤثر بشكل سلبي على حركة التجارة العالمية، وبالتالي ينعكس سلبًا على حركة مرور السفن بقناة السويس؛ الأمر الذي يزيد من العراقيل أمام التفريعة الجديدة في تحقيق الإيرادات التي أعلنتها حكومة السيسي قبيل افتتاحها.
وأشار خبراء إلى أن عائد قناة السويس من الممكن أن يقل هذا العام؛ بسبب تراجع التجارة العالمية؛ حيث سينخفض عدد السفن التي ستعبر قناة السويس وتنعدم فائدة تفريعة قناة السويس الجديدة التي أنشأها السيسي.
انهيار التجارة العالمية
من جانبه أوضح الكاتب والسياسي تامر وجيه أن مصر المنكفئة على نفسها لا تضع في حسبانها أن العالم يمر بمقدمات أزمة عالمية كبرى، وستكون نقطه انطلاقها من الصين، والتي فجرت الأزمة بتخفيضها لعملتها.
وقال وجيه -في تدوينة عبر “فيس بوك”-: “معظم بورصات العالم فقدت أموالاً طائلة، إلى حد أن تريليونات من ثروة العالم محيت في أيام قليلة”، مضيفًا: “لكن مؤخرًا بورصات آسيا (فيما عدا الصين واليابان) وأمريكا وأوروبا بدأت تستعيد بعضًا مما فقدته، موضحًا أن هذا في الأغلب مجرد ارتجاع مؤقت في مسار أزموي مستمر، والسبب أن الصين -التي تعد مستهلكًا أساسيًّا لمنتجات العالم- في حال تباطؤ، ومن ثم فما تنتجه كثير من الاقتصادات العالمية لن يجد من يشتريه”.
وأوضح أن كل ذلك سوف ينعكس على مصر عن طريق “قناة السويس الجديدة”، فالتفريعة الجديدة معمولة على افتراض توسع مهول في النشاط التجاري العالمي؛ يجعل عدد السفن المارة في القناة يزيد إلى حد يتجاوز الحد الأقصى الممكن قبل حفر التفريعة، ده منطق التفريعة، بينما الواقع يقول إن ما سوف يحدث هو انكماش في التجارة العالمية، مضيفًا: “يعني النظام المصري العسكري الانقلابي خلى المصريين يدفعوا ستين مليار جنيه من دمهم على مشروع وهمي لن يدر دخلا في الأجل المنظور، بل سيحلب من الميزانية فوائد وأقساط لرد الدين اللي تم الحصول عليه”.
سياسة مالية مجنونة
ويتابع وجيه: مع تراجع التجارة العالمية، وتراجع أسعار النفط، سيشح المال السياسي في مصر، والمطالبات بالديون السابقة ستزيد، وديون القناة وباقي المشاريع ستضغط على الميزانية بقسوة، وطبعًا مشروع تطوير خليج السويس لن يكون له لا تمويل ولا منطق، وكذلك في الأغلب تحويلات المصريين العاملين في دول الخليج هتقل؛ مما سيزيد من كارثة مالية الدولة، والاقتصاد عامة، وسينتهي الحال بهذه السلطة شبه الفاشية إلى سياسة مالية جنونية تتضمن حلولاً مؤقتة مثل بيع وتأجير أصول وأراض على نطاق واسع للحصول على سيولة مؤقتة تزيد المشكلة في الأجل المتوسط، هذا طبعًا بالإضافة إلى تخفيضات مهولة في الإنفاق الاجتماعي تصل بغالبية كادحي الشعب المصري إلى حد المجاعة، هذا في الوقت الذي تضغط عصابات السرّاق، حرامية الجيش والداخلية والقضاء وغيرهم، من أجل زيادة أنصبتها من ثروة مصر ودخلها.
وأردف: “يعني العصابة اللي مسيطرة على مصر دخولها تزيد بشكل جنوني والفقراء دخولهم تقل بشكل جنوني، والاقتصاد يتهاوى وينكمش، وهكذا في دائرة مفرغة، لحين الانفجار العظيم، اللي النظام بيؤجله من ناحية بإحداث تسويات بالرشوة بين رجالته عشان ميتخانقوش مع بعض ولا معاه، ومن ناحية تانية بإسكات أجهزة القمع بالمال الوفير عشان تواصل قمعها بكفاءة.
النفط وتأثيرة علي القناة
ويتوقع محمد أبو باشا، المحلل الاقتصادي الكلي في المجموعة المالية “هيرمس”، أن تبقى عائدات قناة السويس خلال العام المالي الحالي عند نفس معدلات العام الماضي، وألا تشهد زيادة كبيرة بعد افتتاح التفريعة الجديدة.
وحدّد -في تصريحات سابقة لـ”العربي الجديد”- أسباب هذا الاستقرار في “استمرار تراجع أسعار البترول، وتباطؤ الاقتصاد العالمي، وانخفاض حركة التجارة الدولية.. وهي العوامل التي لا تسمح بنمو كبير في إيرادات القناة خلال العام المالي الجاري على الأقل”.
وأشار أبو باشا إلى أن انخفاض أسعار البترول وتراجع حركة التجارة الدولية يجعلان هيئة قناة السويس غير قادرة على رفع رسوم العبور، حتى لا تدفع السفن إلى اتخاذ طرق بديلة حيث أسعار الوقود رخيصة.
أرقام وأوهام
يقول الدكتور خالد عبد الفتاح، أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة عين شمس، إن تفريعة القناة الجديدة لن تؤثر على الدخل القومي لمصر في الوقت الحالي، مؤكدًا أن ربطها بارتفاع وانخفاض البورصة كان خطأً من الأساس، مشيرًا إلى أن الحديث عن زيادة إيرادات القناة من 5.3 مليارات دولار سنويًّا حاليًّا إلى 11 أو 13 مليار دولار أمر غير صحيح، فلا علاقة بين إنشاء مجرى ثانٍ للقناة وزيادة دخلها، فالأمر مرتبط بحجم التجارة العالمية التي تمر عبر مصر، والتي لا تتجاوز من 1 إلى 2% فقط من حجم التجارة العالمية.
ولفت “عبد الفتاح” إلى أن الخسائر التي حققتها البورصة وقناة السويس في الأيام الماضية ليست على مصر وحدها، بل على العالم أجمع، وهو ما يؤكد أن الأرباح التي طرحتها هيئة قناة السويس كانت مجرد أوهام لخداع الشعب المصري، في حين أن المكاسب والخسائر تتوقف على حركة الاقتصاد في العالم والتجارة العالمية أيضًا.
وأوضح أستاذ التمويل والاستثمار أن التراجع في إيرادات القناة في الوقت الحالي بسبب تأثر التجارة بضعف الطلب حاليًّا في أوروبا، والذي انعكس على نمو الواردات السلعية بدول اليورو التسعة عشر، بنسبة 1% فقط خلال الشهور الخمسة الأولى من العام الحالي، مع تراجع قيمة الواردات فى 11 دولة من دول الاتحاد الأوروبي.