في الصباح الباكر، وبعد صلاة الفجر مباشرة، يخرج أهالي مركز يوسف الصديق؛ لجمع محصول الزيتون، وكلهم أمل في أن يكون سعره هذا اليوم قد زاد على سعر أمس؛ لأنه المحصول الرئيسي في المنطقة خاصة في قرى منطقة قارون، والذي يعتمد عليه الفلاحون اعتمادًا رئيسيًا في أغلب شؤون حياتهم من بناء منزل جديد، أو زواج أحد أفراد الأسرة، أو شراء أساس جديد للمنزل، أو دفع ديون متأخرة.
ويبدأ جني محصول الزيتون ابتداءً من النصف الثاني من شهر يوليو، ويستمر حتى النصف الأول من شهر أكتوبر، وفي هذه الفترة تدب الحياة في قرى المركز؛ فالكل مستفيد سواءً من يمتلك أرضًا، ومحصولًا، ومن لا يمتلك.. الصغير والكبير، الكل سواء فهي فترة حركة ونشاط من يمتلك أرض يجني محصوله، ومن لا يمتلك أرضًا يتاجر ويشتري المحاصيل من الفلاحين ليبيعها إلى تجار أكبر، والأطفال والشباب يعملون في جني محصول الزيتون بأجر شبه مجزٍ؛ حيث يتعاملون بـ”الشوال” وهو ما يتم تعبئة الزيتون به.
في لقاء مع بعض المزارعين والعاملين، أكدوا لـ”رصد”، أن هذا الموسم هو موسم خير وبركة على المنطقة، والناس “بتشوف لقمة عيشها فيه”.
أكد سيد محمد “أنا طالب هدخل الجامعة السنة وأنا شغال في الزيتون عشان أجيب تمن ملابس الجامعة واجهز الرسوم الدراسية وكل احتياجاتي”.
وأضاف أحمد “أنا شغال في جمع الزيتون لأن في مصر ممكن اشتغل في الأسبوع يوم أو يومين بالكتير عشان كده أنا جيت من مصر لقريتي عشان موسم الشغل فيه حلو”.
بينما يشير أسامة “سعر جمع الشوال 30 جنيه، الشوال بيكون فيه حوالي 70 كيلو، وأنا بجمع في اليوم شوالين أو ثلاثة يعني من 60 لـ90 جنيه في اليوم وده خير ونعمة، ويا ريت الزيتون يفضل طول السنة عشان منتبهدلش في 6 أكتوبر ومفيش شغل”.
وأكد أحمد “أنا أقوم بعد الفجر أصحي الأولاد وأمهم، وبنمشي مع الفلاحين نجمع أرضهم عشان أوفر مصاريف البيت واحنا بنستنى المحصول من السنة للسنة عشان ربنا بيرزقنا منه بلقمة عيش”.
تحت رحمة التاجر
وعند سؤال بعض الفلاحين عن المحصول، قال أبو جمعة: “احنا بنكون تحت رحمة التاجر كل يوم بيقول لنا سعر معين لكيلو الزيتون مرة بيكون بـ3 جنيه ونص، ومرة تانية يرفع سعره لـ4 جنيه أو 4 جنيه وأربعين قرش.. دا بالنسبة للزيتون اللي نوعه عزيزي أو تفاحي، أما العقص والقبرصي والبلدي فبيكون سعره 3 جنيه أو 3 جنيه ونص بالكتير، والحمد لله على كل حال أهو موسم بننتظره من السنة للسنة، لكن أحيانًا بتقابلنا مشكلة إننا مش بنلاقي حد يجمع الزيتون لنا، خاصة أن الكل بيكون بيجمع في أرضه وده بيأثر على الزيتون ممكن يعطش ومنلاقيش نسقيه ونضطر لشراء مياه له”.
وبعد سؤال أحد التجار عن سبب تغير أسعار الزيتون يوميًا، أجاب: “إنه مثل البورصة كل يوم في حال، وذلك حسب العرض والطلب وحسب أسعار التاجر الكبير اللي بياخد الزيتون من باقي التجار، وأحيانًا بيكون السبب حسب عدد الناس اللي بتجمع في نفس اليوم؛ أحيانًا ناس كتير بتجمع في نفس اليوم فبيأثر على السعر وبالنسبة للجمع وتكاليفه تكون على الفلاح والكيلو تقريبًا يكلف 40 قرش جمع وتعبئة ونقل حتى يصل إلينا”.
وشجرة الزيتون من الأشجار التي ذكرت في القرآن الكريم ولها فوائد واستخدامات كثيرة في الصحة والجمال والطعام، تكثر زراعته في محافظة الفيوم، خاصة مركز يوسف الصديق؛ وذلك لأنه يحتاج إلى نسب قليلة من المياه مقارنة بالمحاصيل والأشجار الأخرى.
يفضله المزارعون لعدة أمور منها:
– يحتاج إلى مياه قليلة.
– يحتاج إلى عمل ورعاية قليلة.
– يمكن استثمار الأرض المزروع فيها الأشجار في زراعة محاصيل أخرى لفترات متفاوتة حسب المسافات بين الأشجار.
– تأتي أموال المحصول ونتاجه دفعة واحدة للسنة وبذلك يمكن الاستفادة بها.
– شجرة الزيتون شجرة معمرة وتتحمل ظروف الجو المختلفة؛ سواءً الحرارة أو البرودة، ولا تتأثر بالعوامل المختلفة.