شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

بمباركة النظام.. الكنيسة تشتعل بين الأساقفة والبابا بعد السماح بالطلاق

بمباركة النظام.. الكنيسة تشتعل بين الأساقفة والبابا بعد السماح بالطلاق
قررت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، في عهد البابا تواضروس الثاني، وتحديدًا الشهر الماضي، تعديل بعض المواد الخاصة بلائحة الأحوال الشخصية الجديدة للأقباط التي أعدها الأنبا بولا، أسقف طنطا؛ لتوسيع قواعد التطليق..

قررت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، في عهد البابا تواضروس الثاني، وتحديدًا الشهر الماضي، تعديل بعض المواد الخاصة بلائحة الأحوال الشخصية الجديدة للأقباط التي أعدها الأنبا بولا، أسقف طنطا، لتوسيع قواعد التطليق، وهي الأزمة التي وقف فيها البابا الراحل شنودة الثالث ضد القضاء المصري، الذي كان يصدر أحكامًا بالطلاق لأقباط أرثوذكس وفقًا للأسباب الواردة في لائحة 1938، وكان يرفض البابا تنفيذ هذه الأحكام؛ بمنع إعطاء تصريح زواج ثانٍ لمن طلقتهم المحاكم، إلا “لعلة الزنا”، وفشل البابا الراحل منذ أن كان أسقفًا للبحث العلمي في عهد البابا الراحل كيرلس، تمرير قانون للأحوال الشخصية يحظر طلاق الأقباط إلا لعلة الزنا، وحتى وفاته.

تواضروس والسيسي

كان من الطبيعي في هذا الجو من التناغم بين الكنيسة المصرية والدولة، في عهد السيسي، أن تتنازل الكنيسة عن بعض البنود حول مسألة الطلاق وأن توسع من الأسباب التي تبيح الطلاق، خاصة أن هناك عشرات الآلاف من المطلقين الأقباط ينتظرون التصريح بزواج ثانٍ، مع العلم أن عددًا كبيرًا من الكهنة يرون أن إباحة الطلاق لغير علة الزنا هو خروج على نهج الكتاب المقدس، وتصاعدت ردود أفعالهم خلال الأيام القليلة الماضية حتى وصلت إلى حالة من الغليان داخل المجمع المقدس، الأمر الذي دعا البعض منهم إلى الدعوة لعقد جلسة طارئة لمناقشة «اللائحة الجديدة»، وهي الدعوة التي تنتشر بعيدًا عن البابا تواضروس الثاني، ويقودها بعض الأساقفة الكبار في المجمع المقدس، والبعض الآخر من كبار “الأساقفة” دخل في مرحلة اعتكاف حتى لا يدخل في مرحلة صدام مع البابا تواضروس.

الشعب غضبان

تقدم الناشط القبطي، وحيد شنودة، إلى وزارة الداخلية، بإخطار يفيد اعتزامه تنظيم وقفة داخل الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، في التاسع من سبتمبر المقبل، تحت شعار “شعب الكنيسة غضبان يا كنيسة”.

وقال إن الوقفة ليست ضد الكنيسة أو البابا تواضروس الثاني، بل هي دعوة لمطالبة الكنيسة الأرثوذكسية بمراجعة بعض الأوضاع الخاطئة التي تحدث في الإيبراشيات المختلفة المنتشرة على مستوى الجمهورية،  وكذلك لدفع الكنيسة لتطبيق لائحة الأحوال الشخصية، التي أعلن البابا تواضروس عن تطبيقها منذ يوليو الماضي، وتبين تعطيلها في المجالس الإكليريكية، واستمرار معاناة آلاف العالقين الأقباط في زيجات فاشلة”.

أول محاولة في عهد عبدالناصر

تم تكليف البابا الراحل شنودة الثالث، عندما كان أسقفًا للبحث العلمي في عهد الأنبا الراحل كيرلس السادس، بتشكيل لجنة لإلغاء أسباب الطلاق الواردة بلائحة 1938 وقصرها على علة الزنا، وبعد الانتهاء من صياغة التعديلات وتقديمها إلى وزارة العدل في عهد عبدالناصر، تم رفضها في أكتوبر 1962 وأبقت الوزارة على المادة 69 المتعلقة بانحلال العلاقة الزوجية كما هي والتي تبيح الطلاق لأكثر من سبب كالنفور والانحراف والسجن والإيذاء والمرض الذي لا يرجى شفاؤه وخلافه من الأسباب المنطقية التي يستحيل معها العشرة وظلت هذه البنود تطبق على المستويين الكنسي والقضائي دون أي اعتراض من قبل الكنيسة حتى تولى البابا شنودة مقاليد البطريركية في 14 نوفمبر 1971 وبعدها بأربعة أيام فقط أصدر القرار البابوي رقم 7 بعدم الاعتراف بغير علة الزنا سببًا للطلاق، ثم أتبعه بالقرار رقم 8 الذي ينص على عدم إعطاء تصريح زواج ثانٍ لمن طلقتهم المحاكم، ومنذ ذلك التاريخ بدأ الصدام بين الكنيسة والدولة ممثلة في قضائها المدني؛ فالمحاكم تصدر أحكامًا بالطلاق لاستحالة العشرة بين الزوجين واستنادًا على المادة 69 من لائحة 1938، والكنيسة ترفض إعطاء تصريح زواج ثانٍ لمن طلقتهم المحاكم لغير علة الزنا، وكان رد المجلس الإكليريكي المختص بإعطاء تصاريح زواج: “المحاكم اللي طلقتكم خليها تجوزكم” فاضطر المطلقون إلى العودة للمحاكم مرة أخرى وحصلوا على أحكام بإلزام البابا بإعطائهم تصريح زواج ثانٍ ولم تنفذ الكنيسة ولسان حالها يقول “اخبطوا رأسكم في الحيطة”.

محاولات شنودة

حاول البابا الراحل شنودة، مرة أخرى، صياغة مشروع متكامل عن الأحوال الشخصية للأقباط في مصر وتقديمه لوزارة العدل عام 1979 ولكنه رفض كذلك، ولم ييأس البابا، ومع كثرة المطلقين من قبل المحاكم والذين تخطى عددهم عشرات الآلاف، اجتمع البابا شنودة مع كل رؤساء الطوائف المسيحية في مصر وأقنعهم بالموافقة على مشروع قانون موحد للأحوال الشخصية للأقباط في مصر، وكان أهم مادتين في مشروع القانون الجديد ركز عليهما البابا؛ الأولى “لا طلاق إلا لعلة الزنا”، والثانية نصت على “تظل العلاقة الزوجية خاضعة لأحكام الشريعة التي تمت المراسيم الدينية وفقًا لطقوسها وأنه لا يعتد بتغيير أحد الطرفين لطائفته أو ملته أو مذهبه أثناء قيام العلاقة الزوجية”، وبتطبيق هذه المادة يستحيل عمليًا أن يحصل المتضرر على حكم بالطلاق حتى ولو غير ملته، ومن ثم فلن تصدر المحاكم أحكامًا بالطلاق إلا لعلة الزنا، وبذلك حصَّن البابا نفسه من الصدام مع القضاء وفي الوقت نفسه لن يستطيع أي قبطي أرثوذكسي أن ينتقل إلى طائفة أخرى بغرض الحصول على حكم بالطلاق، ودخل هذا المشروع الذي تم إعداده عام 1999 ثلاجة وزارة العدل دون إبداء الرأي.

المجلس الملي

وبعد فشل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في تمرير مشروع القانون الموحد للأحوال الشخصية للأقباط، اقترح بعض فقهاء القانون بالكنيسة، على البابا شنودة، أنه يمكن للمجلس الملي وفقًا للقانون 462 لسنة 1955، أن يجري تعديلات على المواد الخاصة بانحلال العلاقة الزوجية وإلغاء المواد من 52 وحتى 58، والتي أباحت الطلاق لأكثر من سبب والجديد في هذه التعديلات المقترحة أنها وسعت في مفهوم الزنا؛ فاعتبرت ثبوت قيام أحد الزوجين بعلاقة غرامية مع شخص آخر يوجب الطلاق، وكذلك التواجد في أماكن مشبوهة وفي أوضاع مخلة، أو ثبت أن أحد الأطراف يدفع الآخر لممارسة الفاحشة أو ظهور حمل على الزوجة في حال غياب زوجها، وكذلك إذا ثبت قيام أحد الأطراف بممارسة الشذوذ، لكن كانت هذه التعديلات هي الأخري محل شد وجذب حول أهلية المجالس الملية في إجراء تعديلات من عدمه.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023