ربما لم تكن هذه القرية هي الوحيدة التي لم تسلم من أيدي الانقلاب؛ فهذه قرية من القرى التي يقطنها مواطنون معظمهم معارضون للانقلاب العسكري، قرية أشمنت في مركز ناصر ببني سويف اشتهرت بكونها إحدى أكبر القرى في المحافظة التي تنطلق فيها المظاهرات الرافضة للانقلاب العسكري، والتي يقتحمها أمن الانقلاب ويداهم أرضها في حملات شبه يومية.
تتعرض هذه القرية الصامدة لاقتحامات متتالية واعتقالات أسبوعية؛ فلم يسلم أحد من أهالي القرية من بطش الداخلية فيما يستخدم أمن الانقلاب الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع في أكثر من مرة أثناء الاقتحام.
وفرض أمن الانقلاب أكثر من مرة حظر تجوال ومحاصرة لبعض مداخل القرية، الأمر الذي شرد وهجَّر كثيرًا من الشباب بسبب الملاحقات الأمنية، بجانب أن عددًا كبيرًا من الأهالي لا يخرجون أثناء اقتحام القوات للقرية؛ لعدم اعتقالهم دون أي تهمة.
مداهمات يومية
يشن أمن الانقلاب يوميًا، اقتحامات للقرية ومداهمات للمنازل والمحال التجارية والأراضي الزراعية لاعتقال رافضي الانقلاب بالقرية.
يقول سعيد راضي، أحد أبناء القرية، لـ”رصد”: “إن أمن الانقلاب يقتحم القرية في حملات شبه يومية ويداهم عددًا كبيرًا من المنازل وسط تكسير وسرقة المتعلقات بالمنازل وانتهاك حرمات المنازل”.
وقال محمود جمال: “بينزلوا كل يوم وبيروحوا عند بيوت كتير من الرافضين للانقلاب حملات واقتحامات شبه يومية للاعتقال حتى الأراضي الزراعية مسلمناش منهم اقتحموا أرض زراعية وضربوا رصاص حي وخرطوش على اللي فيها واعتقلوا منها واحد”.
سلب ونهب
يقول راضى محمد: “إن الاعتداءات والاقتحامات للمنازل طالت كل شيء حتى تم سرقة بطاقات الهواتف المحمولة وسرقة أجهزة الكمبيوتر من معظم المنازل وسرقة مبالغ مالية كبيرة”، على حد قوله.
وأكمل راضي قائلًا: إن أمن الانقلاب اقتحم منطقة زراعية وقام بإطلاق الرصاص الحي على من بها متوقعين بها رافضي الانقلاب وقاموا باعتقال أحد الأهالي وتم إخلاء سبيله بعدها”.
رصاص وغاز
ومع كل اقتحام أمني للقرية، لا يسلم أهالي أشمنت من إطلاق الرصاص الحي والغاز عليهم من قبل عناصر الأمن.
وبحسب عدد من الأهالي، فإن قوات الأمن تحرص كل مرة أثناء الاقتحام على إطلاق الرصاص الحي على مناطق زراعية وأيضًا استخدام الرصاص الحي والغاز في فض التظاهرات أكثر من مرة.
بدوره، أكد محمد محمود، أحد أبناء القرية، أن أمن الانقلاب اقتحم القرية لفض تظاهرة لأهالي القرية وأطلق الغاز بصورة وصفها “بالهستيرية” لإرهاب الأهالي وكسر معناوياتهم، قائلًا إن هذا الغاز أثر على بعض النساء الحوامل بالقرية.
وقال جمال فوزي: “الأمن شن حملات مداهمات بعد الفجر ولم يجد أحد داخل المنازل فقام بضرب الغاز على النساء وقام بضربهن ضربًا مبرحًا ولم يسلم منهم أهالي القرية فعند أي اقتحام للقرية يعتقل من يراه أمامه ويقوم بعمل كمائن لاعتقال أي أحد من أهالي القرية”.
فاعليات ليل نهار لأهالي القرية
وعلى الرغم من الاقتحامات والاعتقالات شبه اليومية لأهالي القرية والقبضة الأمنية الكبيرة التي يفرضها أمن الانقلاب بمركز ناصر على ثوار القرية، إلا أن أهالي القرية لم يوقفوا الحراك الثوري فخرجوا في تحدٍ واضح في فاعليات ليل نهار، مؤكدين أنهم مستمرون حتى إسقاط الانقلاب العسكري والإفراج عن شباب القرية.
وقال عبدالله محمود، أحد أبناء القرية، لـ”رصد”: “إن ثوار القرية يخرجون بفاعليات بعد صلاة الجمعة وبعد العشاء وبعد العصر وفي معظم الأوقات لم ينتبهوا لأي اقتحامات من أمن الانقلاب، بل تحدى بعضهم بفاعليات ليل نهار، مؤكدين أن مطالبنا واحدة إسقاط الانقلاب وعودة الرئيس مرسي”.
تحدٍ من الشباب
أصبح اقتحام قرية أشمنت أسبوعيًا لفض التظاهرة الشبابية التي تخرج بقيادة أولتراس ثوار شبه يومي، فاعتاد أمن الانقلاب اقتحام القرية؛ حيث يقوم بعدة كمائن ويفرض حصار على القرية لفض التظاهرة واعتقال الشباب، إلا أن شباب القرية يخرجون في يوم الجمعة باثنتين وثلاث فاعليات صباحية ويكملون فاعلياتهم متحدين أمن الانقلاب.
قال عمر جمال، أحد أعضاء الأولتراس: “إنهم يخرجون في الفاعليات أثناء اقتحام الأمن للقرية في تحدٍ من أعضاء الأولتراس لأمن الانقلاب وأنهم مستمرون في كل الفاعليات حتى إسقاط هذا الانقلاب، مطالبين بالإفراج عن شباب القرية المعتقلين الذين وصل عددهم إلى 9 شباب من أبناء القرية”.
قضايا ملفقة لأهالي القرية
استمرارًا لمسلسل الاعتقالات المستمرة لأهالي القرية، فقد تم تلفيق قضيتين؛ إحداهما تظاهر والأخرى تعطيل الدستور، وتم تحويل القضية الأولى لمحكمة الجنايات ببني سويف، والتي يحاكم فيها 41 من أهالي القرية وبعض القرى المجاورة، كما تم تحويل القضية الثانية إلى المحكمة العسكرية والتي يحاكم فيها 101 من أبناء المركز.
وتنظر اليوم، محكمة الجنايات ببني سويف، النطق بالحكم على 41 من أبناء القرية في القضية المعروفة إعلاميًا بـ”التظاهر دون ترخيص”.
غياب الدولة
ووسط موجات الاقتحام والاعتقال والمداهمة من أمن الانقلاب للقرية، تتغيب الدولة عن إصلاح أي مشاكل من القرية؛ فتنتشر القمامة في جميع أنحاء القرية وصولًا إلى الصرف الصحي ومشكلة ارتفاع الأسعار وإغلاق المساجد وغيره من الأزمات التي لا تجد الدولة أي سبيل لحل هذه المشاكل إلا اعتقال أهالي القرية.