يبدو أن الغرض الرئيسي من الحوار الإستراتيجي، الذي عقد اليوم، بين الولايات المتحدة ومصر في القاهرة، هو إثبات عودة العلاقات بين البلدين إلى وضعها الطبيعي، بعد إطاحة الجيش المصري بالرئيس محمد مرسي، وشنه حملة مكثفة على الإخوان والمعارضة، ما اضطر الولايات المتحدة إلى تعليق المساعدات العسكرية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، لكن الحكومتين، في مواجهة الاضطرابات الإقليمية والتهديد الإرهابي المتزايد، تحاولان طي هذه الصفحة.
في هذا السياق، نشر مركز “أتلانتك كاونسل” الأميركي، مقالًا للكاتبة إيمي هوثورن استهلته بالقول: “لن يكون مستغربًا إذا أراد وزيرا خارجية البلدين التركيز في الحوار على دور مصر الإقليمي في الوساطة لوضع حد للحرب في سوريا، ومواجهة النفوذ الإيراني عقب الاتفاق النووي، أو حتى إعادة إحياء المفاوضات بين إسرائيل- فلسطين، فالحديث عن مثل هذه الموضوعات الإقليمية هو أقل إثارة للجدل عن الوضع الداخلي بمصر،ناصحة كيري أن يثير خمس قضايا داخلية وهي:
تمرد سيناء
ترى الكاتبة أنه ينبغي أن يكون على رأس جدول الأعمال؛ اعتماد مصر نهجًا أكثر فعالية لمكافحة التمرد في شمال سيناء؛ حيث إن الحملة العسكرية التي استمرت لمدة سنتين لم تُوقف الهجمات، بينما تبدي مصر حساسية حول مناقشة أداء الجيش، وتؤكد على أن سيناء مسألة سيادة وطنية وغير مرحب فيها بالمشورة الخارجية، لذا يجب على كيري أن ينقل التعاطف الأميركي مع مصر بشأن التهديد الإرهابي الذي أسفر عن مقتل المئات، لكنه مع ذلك يحتاج لإقناعهم بأن نهج الجيش الصارم في سيناء في مناطق مأهولة بالمدنيين يأتي بنتائج عكسية.
حقوق الإنسان
وأضافت، يجب التأكيد على حماية حقوق الإنسان وأن الحوار جزء لا يتجزأ من أمن مصر واستقرارها؛ حيث إن الانتهاكات الواسعة بمصر وانعدام المساءلة يُفاقم التحديات الأمنية في مصر، فضلًا أن القمع يعزل المواطنين عن حكومتهم ويضاعف استعدادهم للعنف والانتقام والميل للأيديولوجيات المتطرفة، إلى جانب أنه يخنق البيئة اللازمة للنمو الاقتصادي.
ويجب على كيري التركيز على أمرين؛ الآلاف من المعتقلين السياسيين الذين يواجههون الاعتداء والتعذيب، والحرمان من المحاكمة العادلة، والحملة القمعية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني.
الاقتصاد المصري
وتضيف، لا يزال الوضع الاقتصادي في مصر هشًا، وتحتاج البلاد لتأمين من 6-7 مليارات دولار سنويًا من التمويل الخارجي للحفاظ على واردات الغذاء والوقود.
في هذا السياق، ينبغي على كيري أن ينقل رسالة ذات شقين؛ أولهما: تَطَلّع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي إلى رؤية إصلاحات اقتصادية لدخول منافسة الاستثمار والتجارة، وتحسين المناخ للشركات الصغيرة والمتوسطة، وثانيهما: ينبغي أن تولي مصر اهتمامًا أكبر للتنمية البشرية، وتوظيف الشباب، وإلا فإن مصر تخاطر بتكرار السياسات الاقتصادية الإقصائية التي ساعدت على تأجيج ثورة 2011.
هيكلة المعونة
وتواصل: ينبغي على كيري توضيح التغييرات الجارية على التمويل العسكري الخارجي والاستماع إلى وجهة نظر مصر، وبرغم أن الولايات المتحدة قدمت 40 مليار دولار لمصر منذ عام 1979 كتمويل عسكري خارجي، فإن جيشي البلدين لا يشتركان بالضرورة في وجهة نظر وتصور التهديد الإستراتيجي، وفي ظل عدم وضوح رؤى السيسي لتطوير الجيش للرأي العام، فإن كثيرًا من المؤسسة الأمنية بمصر يرغب في الحفاظ على الوضع الراهن للتمويل العسكري الخارجي، بالإضافة إلى أن جهود الولايات المتحدة لتشجيع مصر لتغيير عقيدتها العسكرية يُنظر إليه بأنه تدخل أجنبي في المؤسسة التي تجسد السيادة الوطنية بين المصريين، ويبدو أن مصر يمكن أن تنتظر إقناع الرئيس القادم للولايات المتحدة بعدم تنفيذ هذه التغييرات، لكن ينبغي على كيري شرح أن إعادة هيكلة التمويل العسكري الخارجي قيد النظر خلال عدة إدارات أمريكية.
مستقبل المساعدات
وختمت: يتعين على الجانبين إجراء محادثات حول مستقبل المساعدات الاقتصادية الأميركية، والتي تم تخفيضها إلى 150 مليون دولار سنويًا.
وبرغم الخلاف حولها، ينبغي على إدارة أوباما أن تعيد توجيه برنامج المساعدات الاقتصادية بعيدًا عن إصلاحات السياسات من أجل تعزيز مباشر للتنمية البشرية في مصر من خلال المنح الدراسية، وتنظيم المشاريع، والصحة العامة، لذا ينبغي على الولايات المتحدة النظر في زيادة التمويل.