أكد الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الدكتور علي محيي الدين القره داغي، أنه لا يمكن معالجة الفكر الإسلامي المتطرف بفكر علماني، وإنما عبر الفكر الوسطي، وقال إن “المنهجية التربوية لنشر الفكر الوسطي، لا بد أن تشترك بها وزارات التعليم في الدول الإسلامية؛ حيث لها دور في تقوية الإنسان المعتدل منذ مرحلة التعليم في رياض الأطفال”.
وأضاف أنه “يجب تقوية المدارس الدينية وحث الخطباء لنشر الوسطية، وأيضًا داخل البيت؛ حيث إن الوالدين لهما دور من ناحية التربية، ووزارات الثقافة والإعلام لها دور أيضًا”.
وأشار إلى وجود مشكلتين في معالجة التطرف وهما “تطرف العلمانيين وهو ما يعتبر تفريطًا، ومشكلة إفراط المتدينين”، مشددًا على أنه “لا يمكن أن يعالج الفكر المتطرف بفكر علماني؛ فالفكر الوسطي هو الحل، ويجب نشر منافع هذا الفكر للأمة”.
ولفت إلى أنه بسبب التطرف يخسر المسلمون المليارات بفقدانهم شبابهم المتعلم، ويجب كل يوم أن يكون هناك برنامج نفسي واجتماعي وثقافي وحضاري للشباب”، واعتبر أن “الإسلام هو دين السلام وصفته السلام والأمن، والمسلم عند انتهاء صلاته يسلّم على من يمينه ويساره، فلا يضر الإنسان وحتى الحيوان، وهو منهج الإسلام الذي أراده الله للأمة، ولكن ظهرت المنظمات المتطرفة التي تنسب نفسها للإسلام، وتدّعي به، وتحمل اسم الخلافة (في إشارة إلى داعش).
وقال إن “الفكر التكفيري الخوارجي ظهر في عصر ما قبل رابع الخلفاء الراشدين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وعالجه المسلمون وقتها، وحاليًا الفكرة ظهرت مجددًا وباتت تمتلك السلاح من خلال القاعدة وداعش، وعند مقارنة هذه الأفكار مع حقيقة الإسلام، وممارسات حامليها من قتل وتهجير في العالم الإسلامي فإن كل علماء الأمة متفقون على أن هذا الفكر غير صحيح وخارجي ولا يمثل حقيقة الإسلام، ويُعد فهمًا وقراءة خاطئة لحقيقة الجهاد والتعامل ولمقاصد الشريعة بالحفاظ على الإنسان”.
وشدد على أن المجامع الإسلامية اتفقت على أن (التكفير) فكر ضال ومتطرف، ويجب علاجه بالفكر الإسلامي المعتدل؛ فالبعض يعتقد أن علاجه يكون بالفكر العلماني وهذا غير صحيح”، واستدرك بالقول: “يرّبون الناس على قضية التكفير (في إشارة للتنظيمات المتطرفة مثل داعش والقاعدة) وهو ليس من منهج أهل السلف، وفي سيرة الرسول لم يكفّر المنافقين”.
وفي نفس الإطار، تمنى القره داغي أن “يعود الشباب إلى الحقيقة والفهم الصحيح والتدبر في فقه الله وسنة رسوله، فالجهاد له شروطه وضوابطه كما الصلاة”، متسائلًا: “هل يمكن أن تصح الصلاة من دون وضوء أو في مكان نجس؟”.
ووجه القره داغي نصيحة للشباب بـ “العودة لرشدهم”، وقال:”لا يمكن أن تتحقق الجنّة بالجرائم، بل الجرائم بحق الناس تقود إلى النار، وعليهم أن يسمعوا صوت العقل والقرآن ويجمعوا الآيات القرآنية المتعلقة بالجهاد جميعها والتدبر فيها، وأن يتوبوا توبة نصوحة”.
كما وجه الأمين العام رسالة للمسلمين عامة بضرورة “الاتحاد والبقاء بعيدًا عن القومية والحزبية، من خلال الحرية والديمقراطية والحقوق، ونبذ التضييق”.
والشيخ القره داغي (66 عامًا) هو أستاذ جامعي قطري الجنسية، من مواليد محافظة السليمانية بإقليم شمال العراق، حائز على شهادة الدكتوراه في الشريعة والقانون من جامعة الأزهر الشريف عام 1985، وإلى جانب منصبه كأمين عام للاتحاد العام لعلماء المسلمين، فإنه يشغل منصب رئيس المجلس الأعلى الاستشاري للتقريب بين المذاهب الإسلامية التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وكذلك نائب رئيس المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، وأستاذ ورئيس قسم الفقه والأصول بكلية الشريعة والقانون والدراسات الإسلامية بجامعة قطر (سابقًا)، إضافة إلى رئاسة وعضوية عدد كبير من المجالس والجمعيات واللجان.