وصلت العلاقات المصرية السعودية إلى درجة كبيرة من التوتر؛ خاصة بعد تلويح الحكومة المصرية بإمكانية استيراد البترول من إيران، مع إعلان إيران اليوم إلغاء التأشيرة مع مصر، كما واصلت وسائل الإعلام المصرية شن حملة هجوم قوية على النظام السعودي.
إيران تلغي تأشيرة الدخول مع مصر
أفادت صحيفة “كيهان” الإيرانية، بأن طهران ألغت تأشيرات الدخول إلى أراضيها لمواطني سبع دول لتنشيط قطاع السياحة في البلاد.
وكتبت الصحيفة، بحسب “روسيا اليوم”، “من الآن فصاعدًا سيتمكن السياح من تركيا ولبنان وأذربيجان وجورجيا وبوليفيا ومصر وسوريا التجوال في إيران من دون تأشيرات الدخول”.
مصر ترحب باستيراد البترول الإيراني
وكشف وزيران مصريان، النقاب عن أن مصر ليس لديها مانع من استيراد البترول الإيراني بعد رفع الحظر عن طهران، والسماح لها بتصديره، في وقت أكدا فيه وضع ترتيبات لاستيراد مواد بترولية جديدة من السعودية.
وقال وزير البترول والثروة المعدنية، شريف إسماعيل، إن قطاع البترول ليس لديه مانع من استيراد الخام الإيراني بعد رفع الحظر والسماح بالتصدير.
وأضاف الوزير -في تصريحات لصحيفة “الأهرام”، اليوم الأربعاء- أن خط “سوميد” (لنقل البترول) قد تأثر كثيرًا بالسلب؛ بسبب الحظر الذي كان مفروضًا على إيران، وعدم تصديرها أي خام.
وأعرب عن أمله، في الفترة المقبلة، وبعد السماح لإيران بالتصدير، أن تزيد إيرادات “سوميد”، وأن تعوض خسائره في الفترة الماضية، على حد قوله.
رئيس تحرير الأهرام يهاجم السعودية
ومع التقارب المصري الإيراني، بدأت وسائل الإعلام المصرية في شن هجومها علي النظام السعودي والملك سلمان.
وهاجم رئيس تحرير صحيفة الأهرام المصرية، محمد عبدالهادي علاّم، السياسة السعودية؛ في إشارة إلى اللقاء الأخير للعاهل السعودي مع رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، قائلًا: إن فيها تقوية لشوكة جماعة الإخوان المسلمين وتنظيمها الدولي، وترويج لسياسة التحالف معها.
ويأتي مقال علاّم، المنشور في “الأهرام”، الجمعة، بعد أيام من هجوم الكاتب المصري محمد حسنين هيكل على المملكة العربية السعودية ووصف نظامها بأنه غير قابل للبقاء وأنه يتصرف بطريقة متخلفة، وهامشي، منتقدًا الملك سلمان بن عبدالعزيز شخصيًا، قائلًا: إنه “ليس حاضرًا بما يكفي”.
وهاجم المقال حركة حماس؛ مدعّيا أنها “باعت مصر من أجل سوريا وإيران، ثم باعت إيران وسوريا من أجل حماية مشروعها والدعم الأميركي الصهيوني لمشروع الفوضى الإقليمية”.
وتابع بأن “استقبال قادتها في عواصم عربية لن يخدم الدول التي فتحت لهم أبوابها لأن الحركة اعتادت الانقلاب وخدمة أهدافها وليس أهداف القضية الفلسطينية التي تمثل حماس خنجرًا في ظهرها اليوم ولا يمكن الوثوق في توجهاتها”، على حد زعمه.
ووصف علاّم، التصرفات السعودية الموحية بتقارب مع الإخوان بأنها “من قبيل الجهل وقصر النظر والاستعباط السياسي”.
واعتبر التقرب السعودي من الإخوان خطرًا على الأمن القومي لدول المنطقة، مؤكدًا أن هذه السياسة تعرض النظام في أي دولة تتقرب من الإخوان إلى الخطر.
وأشاد علاّم بما وصفه “الوقفة الصلبة للإمارات ورفضها مبدأ التقارب مع جماعة الإخوان المسلمين”.
وانتقد -في مقاله- الاعتماد السعودي على “الصديق الأميركي” الذي وقع أخيرًا اتفاقًا مع إيران التي ترى السعودية أنها تنفذ مخططًا توسعيًا في المنطقة.
وأردف: “لا يجب أن ننزلق أكثر إلى مستنقع توظيف الإسلام السياسي لخدمة المصالح الأميركية أكثر وأكثر، فقد انطلقت عملية التوظيف من أفغانستان قبل أكثر من ثلاثة عقود، وتوجت بمساهمة المرتزقة الأفغان والعرب في عملية إسقاط الاتحاد السوفييتي السابق، فكانت المكافأة نقل أنشطة تلك التنظيمات إلى قلب العالم العربي في مرحلة لاحقة قبل وقوع صدام بين الدولة الراعية والأصدقاء السابقين أفضى إلى هجمات سبتمبر الإرهابية”.
وهاجم علاّم “الإسلام السياسي” الذي قال إنه أدى إلى تلك الكارثة الكبرى التي تطيح بدول اليوم، في كل من العراق وسوريا وليبيا واليمن، مؤديًا إلى حروب أهلية وتقسيم طائفي مقيت وانهيار للدولة المركزية وضحايا بمئات الآلاف ومشردين بالملايين في واحدة من المآسي الكبرى في التاريخ الحديث، بحسب تعبيره.
وختم: “تكرار تجارب توظيف جماعات الإسلام السياسي في مواجهات إقليمية جديدة رغم تزايد النفوذ الإيراني هو إعادة تجربة أفغانستان، ولن تأتي في مصلحة المنطقة ولن تفيد القوى العربية الطامحة إلى بناء تحالف جديد ضد طهران، بل سنجني مزيدًا من التعاسة السياسية وهدر الموارد دون طائل”.
موسى يهدد سلمان
وقال أحمد موسى، الإعلامي المقرب من دوائر الأمن المصري: إن مصر لن تقبل أية إملاءات أو شروط من ملك السعودية وغيره من الرؤساء في الشؤون الداخلية لمصر.
وقال موسى: إن السعودية “حرة في التعامل مع حركة حماس، لكننا سنبقى نعتبرها إرهابية وكل أعضائها المتهمين سيحاكمون”.
وأضاف “مصر ما عندهاش حد يقولها اعمل خلاص انتهى”.
روزاليوسف تدعو لعودة العلاقات مع إيران
أكدت مجلة “روزاليوسف” الحكومية المصرية أن “السعودية باعت مصر”، وأن “عودة العلاقات المصرية- الإيرانية أكثر من ضرورة”، مشددة على أن “استقبال الملك سلمان خالد مشعل ومد الجسور مع إخوان اليمن يهز الجسر بين الحليفين”، وأن الإعلام السعودي بات يهاجم مصر، حتى إن صحفيين سعوديين وصفوا 30 يونيو بـ”الانقلاب”، وفق قولها.
وقال مراقبون، إنه لا يمكن التعامل مع ما نشرته المجلة في عددها لهذا الأسبوع، على أنه موضوع عادي، بل يجب ربطه بعلاقة المجلة بالأجهزة المخابراتية المصرية التي لا تستطيع المجلة تجاوز الخط المرسوم لها من قبلها في سياستها التحريرية، والحديث عن دولة عربية بحجم السعودية، دون التنسيق مع هذه الأجهزة، وأخذ رضاها، وإلا صادرتها فورًا، ومنعت ظهورها بالأسواق.
وأبدى المراقبون اندهاشهم مما نشرته المجلة، واعتبروه تصعيدًا إعلاميًا مفاجئًا، يأتي بعد 48 ساعة فقط من لقاء وزيري خارجية مصر والسعودية في المملكة، التي قللا فيها من شأن ما تردد حول وجود أزمة في العلاقات بين البلدين، ومن شأن زيارة مشعل إلى السعودية مؤخرًا.
ورجحوا أن قيادة الانقلاب في مصر تجهز لإعادة علاقتها مع إيران، وأنها بالفعل اتخذت قرارًا بذلك، وأنها تمهد بهذه المواد والحملات الصحفية، لهذا القرار، في انتظار اللحظة المناسبة لإعلانه؛ طمعًا في “الأرز” الإيراني، بعد توقف “الأرز” الخليجي، وذلك في إشارة إلى تعبير السيسي الذي ورد على لسانه، في أحد تسريبات قناة “مكملين”، وقتما كان يتجهز للترشح للرئاسة، مشيرًا إلى الدعم المالي الخليجي لنظامه.
وتساءلت روزاليوسف: “ما المانع في أن نبحث عما يحقق مصالح الدولة المصرية؟ وما المانع في إذابة الجليد المتراكم منذ سنوات بين مصر وإيران؟ ولماذا نستمر في اعتبار مسألة العلاقات المصرية الإيرانية خطًا أحمر لا يجوز الخوض فيه؟ وما الضرر من إعادة العلاقات بين القاهرة وإيران؟”.
وأشارت المجلة إلى أنه بعد الاتفاقية التاريخية بين الولايات المتحدة والدول الخمس الأخرى مع طهران حول البرنامج النووي، فإن الدولة المصرية تستطيع على هامش هذا الاتفاق الاستفادة بشكل كبير.
وتابعت: “لا يوجد أي مبرر لعدم وجود تبادل دبلوماسي كامل بين البلدين”، مشيرة إلى أن إعادة العلاقات المصرية الإيرانية لا يعني مطلقا التحالف مع طهران ضد دول الخليج، على حد قولها.
واختتمت المجلة تقريرها: أن “العلاقات المصرية الإيرانية أصبحت ضرورة ملحة في المستقبل القريب من أجل تحقيق مصالح أكبر للدولة المصرية، والعلاقات مع طهران ستسمح لمصر -الدولة الأكبر والأهم في المنطقة العربية- بإنهاء حالة الصدام المستمر بين إيران وبعض دول المنطقة، وتفويت الفرصة على كل من يخططون لإشعال حرب طائفية في المنطقة بين السنة والشيعة للقضاء على المنطقة بالكامل”.
وأعرب كاتب المقال، أحمد شوقي العطار، في خاتمته، عن تمنياته في “أن تستجيب الإدارة المصرية لذلك في أسرع وقت”، قائلًا إنه “لا مجال للتردد بغد الآن، فالكل يبحث عن مصالحه، ومصلحة الوطن فوق الجميع، ومصر هي الأكبر والأهم، وستظل كذلك”، وفق قوله.