لا يتخيل الحاج أبو أيمن “54 عامًا”، الذي يسكن رفح الفلسطينية، حاله دون سماع الأذان المصري وصلاة التراويح التي اعتاد عليها منذ أن جاور الحدود المصرية قبل أكثر من 20 عامًا.
ويقول “أبو أيمن” -لــ”رصد”- وقد غلبه الدمع: “إن للأذان المصري رونقًا خاصًا، وأجمل ما يكون في رمضان، لكن هذا العام لا حس ولا خبر، غاب إلى الأبد”، مشيرًا إلى أن المناطق الحدودية باتت أشبه بمدينة أشباح بعد تهجير سكان المنطقة الحدودية وهدم منازلهم.
يشار إلى أن الجيش المصري بدأ قبل قرابة عام حملة عسكرية على الحدود مع قطاع غزة، دمر خلالها المنازل والأحياء السكانية على الحدود والمساجد وهجر السكان بحجة تدمير الأنفاق على جانبي الحدود المصرية والفلسطينية.
وأثناء زيارتنا للمنطقة الحدودية ولقائنا بالحاج أبو أيمن، صعد بنا إلى أعلى منزله الذي لا يبعد سوى 300م، مشيرًا إلى مسجد “البراهمة” في الجانب المصري الذي أصبح أثرًا بعيد عن العين.
وقال إنه لم يتوقع تدمير المسجد بهذه السهولة، كونه أحد المساجد القديمة المبنية منذ عقود، مضيفًا “يوم تفجيره كان يومًا صعبًا وكان فراقًا أبديًا مع صوت الأذان والصلاة”.
ويلفت الحاج أبو أيمن ، أنه في الوقت الذي كان يتوقف فيه الأذان والصلاة في بلدتنا بسبب الاجتياحات الإسرائيلية وقصف المساجد خاصة في الحروب، كان الأذان المصري هو البديل وهو منبه لنا ويوقظنا من نومنا في الليل.
وأكد أنه نال شرف الصلاة في المسجد المصري عندما كسر الجدار العازل وفتحت الحدود وسمح للفلسطينيين بالمرور من قبل الجيش المصري، قائلًا: دمر المسجد وبقيت الذكريات.
وتتحدث مراكز حقوقية عن قيام الجيش المصرية بتدمير 16 مسجدًا في رفح المصرية ضمن الحملة التي يشنها منذ عام لإقامة منطقة عازلة مع قطاع غزة بعمق قد يصل إلى 5 كيلو مترات، وانتهت الحملة من مراحلها الأولى على الحدود ولا تزال مستمرة في العمق المصري.
تضرر منازل فلسطينية
وتُسمع على فترات، أصوات التفجيرات إثر تفجير المنازل المصرية هناك، والتي تهتز على وقعها المنازل الفلسطينية، فيما تضررت العديد منها خاصة المجاورة للحدود.
ويقول الحاج محمد برهوم “53عامًا”، الذي يقطن في حي البراهمة علي الحدود الفلسطينية المصرية: “أشعر كأن الحرب الإسرائيلية عادت مرة أخرى، حالنا في المنزل يعود بذاكرتي إلي الأيام الصعبة التي عشناها جميعا علي مدار 51 يومًا، في الحرب كنت أجلس في تلك الغرفة حفاظًا علي حياة أبنائي بفعل القصف المتواصل علي الشريط الحدودي من قبل المقاتلات الحربية الإسرائيلية، والآن مرة أخرى أعود إلى الغرفة ذاتها ولكن بفعل التفجيرات التي يقوم بها الجيش المصري”.
وأضاف “منزلي تأثر بفعل التفجيرات المصرية علي الحدود منذ بدء الحملة المصرية، فزجاج نوافذ منزلي كلها تحطمت والجدران تشققت وتصدعت، مشيرًا إلى أنه قبل أيام من بدء الحملة المصرية قام بتصليح من خلفته الحرب الإسرائيلية من أضرار لحقت بمنزله”.
وعبر الحاج برهوم عن حبه “لمصر ولأهلها لأننا نشعر أننا أبناء شعب واحد، ولا ننسى فضل دولة مصر علينا خلال السنوات الأخيرة، ونتمنى أن تنتهي هذه الغمة التي لحقت بهم.
وأوضح أنه لولا الحصار الإسرائيلي علي قطاع غزة، لما وجدت الأنفاق والآن لا حول لنا ولا قوة بعد تدمير الكثير من الأنفاق والتضييق علينا.
ولا يختلف حال الحاج برهوم، عن حال المواطن الفلسطيني زكي الهمص “35عاما”، الذي يقطن في مخيم يبنا غرب مدينة رفح جنوب القطاع، يقول: “منزلي تعرض لأضرار بالغة من شدة التفجيرات، فتحطمت نوافذ منزلي”، مشيرًا إلى خوف أطفاله “من شدة الأصوات التي تصدرها المتفجرات المصرية”.
وقال: إنه “يقدر الوضع القائم في مصر ومدى حرصهم على أمان بلدهم ولهم الحق في ذلك، وكل ما نتمناه هو أن تكون مصر بلدًا آمنة يتمتع أهلها بالحب والتكاتف فيما بينهم، وأن يبعد عنهم ألم الترفق”.
جدير بالذكر، أن الجيش المصري أعلن أنه دمر أكثر من 95% من الأنفاق المنتشرة على الحدود بين مصر وغزة والتي حفرها الفلسطينيون لكسر الحصار الإسرائيلي المطبق على القطاع منذ تسعة أعوام.