يستقبل أهالي مدينتي رفح والشيخ زويد رمضان هذا العام، وهم يعيشون أجواء حرب سلبت منهم الكثير، بعضهم تمكن من استقباله ببعض مظاهر الفرحة، ولو بقدر يسير، ولكن الكثير أبت عليهم الحرب وتبعاتها إلا أن تسلب منهم أجواء الشهر الكريم.
ففي مدينة رفح المصرية مثلت إجراءات المرحلة الثالثة من التهجير صدمة لأهالي المدينة، وهم الذين كانت أقصى أمانيهم أن يقضوا رمضان والعيد في بيوتهم مطمئنين ولكنهم وجدوا أنفسهم يستقبلون رمضان وهم بين إخلاء منازلهم ومرارة فراقها وبين معاناة البحث عن سكن بديل ومواجهة غلاء الأسعار، وهو ما أكده “خ.م” من قبيلة الأرميلات، حيث قال “كل عام في مثل هذا الوقت، كنت اتجول في الأسواق لشراء احتياجات رمضان، والأبناء يزينون الحي مع جيرانهم، ولكن الآن جميعنا مشغول في إخلاء البيت”.
وأضاف “على الرغم من وعود الظابط لنا أننا سنقضي رمضان والعيد في بيوتنا فإننا أصبحنا لا نثق فيهم ونتوقع في أي لحظة أن يأتونا ويقولون: غدا سنفجر البيت”.
وتابع “زوجتي قالت للظابط: مش حرام ترحلونا من بيوتنا، فرد عليها الظابط: هو احنا بنطلعكم ببلاش ما أنتم بتأخدوا تعويض خسارة فيكم شيلوا التقيل من بيوتكم عشان رابع يوم العيد مش هنرحم حد”.
غير أن عدد من الأهالي، قرر تجاوز صدمة الترحيل وتعليق الزينة مثلما فعل (ع.ع.برهوم)، من سكان حي الصفا الذي قال “كنت أسكن بميدان صلاح الدين، وكنا قبل رمضان بأسبوع نملأ الشوارع بالزينة لا نترك شبرا إلا وبه مصابيح، تتجمع العائلة والجيران نفطر سويا”.
وأضاف “اليوم عدد قليل من سكان الحي من قام بتعليق الزينة أمام بيته أو محله ولم يعد هناك أهل وجيران نستمتع معهم بعد أن شتتنا التهجير بل إننا لا نعلم هل سنتمكن من أداء صلاة التراويح بالمسجد أم سيحرمنا منها حظر التجول”.
أما أهالي قرى جنوب رفح والشيخ زويد يستقبلون رمضان بقصف مدفعي يوميا، جعلهم يعيشون في خوف ومرارة فراق، ضحية جديدة كل يوم، إذ يروي “م. السويركي” من الشيخ زويد، مأساة أحد أقاربه قائلا “منذ عدة أيام في قرية التومة جنوب الشيخ زويد أم وبناتها كانوا على عربية كاروا يجمعون الحشائش لأغنامهم فاصابتهم قذيفة ماتت الأم وأصيب الطفلتان إحداهما ترقد بمستشفي العريش مصابة بكسر مضاعف في الجمجمة والأخرى تم نقلها للقصر العيني بالقاهرة وربما يضطر الأطباء لبتر ساقها”.
هكذا يستقبل أهالي رفح والشيخ زويد رمضان هذا العام، تهجير وقصف وفراق أجواء حرب حاول الأهالي كسر ظلامها بمصابيح وفوانيس بسيطة لعلها تمنحهم بعض الفرحة المسلوبة منهم.