بمناسبة مرور عام على سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، على مدينة الموصل بشمال العراق، سلطت صحيفة الديلي بيست الأميركية الضوء على المدينة في ظل حكم التنظيم، مؤكدة أن الموصل في ظل سيطرة التنظيم تبدو “آمنة ونظيفة”.
وتضيف الصحيفة “بمناسبة مرور عام على سيطرة التنظيم على مدينة الموصل فإن المدينة شهدت احتفالات نادرة، إذ جابت السيارات الشوارع على وقع الأغاني الذي اختلط بصخب المقاتلين الذين كانوا يوزعون الحلوى في الشوارع على المارة، كما أن خطب الجمع ركزت على هذه المناسبة التي شددت على أن الدولة الإسلامية تسود وتتوسع”.
إلا أن كثيرًا من الناس، وفقاً للصحيفة، لم يكونوا سعداء، فبعد 12 شهرًا من سيطرة التنظيم على المدينة فإن الكثير من الأمور تغيرت، لقد حدث انقلاب اجتماعي بطرق شتى.
في السابق كانت الموصل، ثانية كبرى المدن العراقية، وتضم قرابة مليوني نسمة بأغلبية عربية سنية، تضم أقليات أخرى مثل المسيحيين والشبك والتركمان، كلهم كانوا يعيشون في المدينة، غير أن الحال تغير بعد سيطرة التنظيم، فلم يعد يسكن المدينة سوى العرب السنة، مع وجود للأكراد السنة والتركمان السنة أيضًا.
وتنقل الصحيفة عن باحث من أهالي المدينة، أطلقت عليه اسم محسن حفاظاً على سلامته، قوله إنه بات من الصعب التخلص من الخلافات بين مختلف قطاعات المدينة عقب سيطرة التنظيم، حتى النازحين الذين إذا ما فكروا يوماً بالعودة إليها فإن القرار سيكون صعباً بالنسبة لهم.
ويتابع “لقد أدت سيطرة التنظيم إلى خلق صراع بين المدينة وأطرافها الريفية؛ فقد فضل التنظيم القرويين المحليين على أبناء المدينة، وهو من أكثر الأمور التي تزعج سكان الموصل”.
ويؤكد محسن أن التنظيم منح القرويين نفوذاً كبيراً داخل المدينة، لقد أصبحت الموصل قرية كبيرة، على حد تعبيره.
خلال عام واحد تغير وجه المدينة، حيث دمر التنظيم العديد من المواقع الآثارية والمعالم التاريخية، في حين قام بسرقة بعض الآثار لبيعها.
كما تغيرت وجوه أهل الموصل، لقد امتلأت المدينة بالرجال الملتحين والنساء المحجبات، وبات الجميع يذهب إلى المسجد بشكل منتظم، ولا وجود لشرب الخمرة أو التدخين، على الأقل في الأماكن العامة.
سعاد، الموظفة السابقة بجامعة الموصل، قالت إن زوجها بات ملتحياً وهي ارتدت الحجاب؛ حتى يكونا منسجمين مع القوانين التي يطبقها التنظيم “كما لم يعد بإمكاني الخروج من البيت إلا برفقة رجل من العائلة”.
يقول محسن إن هذا كله جزء من خطة التنظيم؛ فهو يركز على الملابس والسلوك بشكل كبير “بل حتى طريقة الحديث والمفردات المستخدمة كلها تغيرت”.
ويضيف محسن أن الشباب والأطفال هم الأكثر عرضة لمثل هذه المتغيرات، فهم ينجذبون إلى أجواء العنف والمغامرات المثيرة “هؤلاء سيصبحون أساساً للعنف؛ لأنهم شاهدوا الأعمال الرهيبة التي يقوم بها التنظيم، من قطع للرؤوس وبتر للأطراف ورجم الناس ورمي بعضهم من أماكن مرتفعة”.
مالياً فإن سيطرة التنظيم على المدينة شلت حركتها الاقتصادية، وبات هناك جيش من العاطلين، أمر يفسره بعض رجال الأعمال في المدينة بأنه متعمد.
يقول عبد اللطيف، وهو بائع سجائر سابق، إن التنظيم يحارب كل سبل العيش وأي مشروع يمكن أن يولد دخلاً، هذا الأمر سيؤدي بنهاية المطاف إلى عدم وجود طبقة ثرية في المدينة، وإن كانت سيطرة التنظيم على المدينة أدت لظهور أثرياء جدد.
الأثرياء الجدد معظمهم من أعضاء التنظيم، كما يقول عبد اللطيف الذي اعتُقل قبل فترة وسجن بتهمة بيع السجائر، الأمر الذي أدى إلى تغريمة مبلغاً مالياً كبيراً قبل الخروج من السجن.
إفقار الناس -كما يقول عبد اللطيف- هي خطة من قبل التنظيم حتى يضطر الفقراء إلى تبني فكر التنظيم والانتماء إليه؛ فالتنظيم يمارس الجباية على كل شيء ويفرض الغرامات، ممّا يسمح للتنظيم بدفع رواتب جيدة لأعضائه تمكنهم من إنشاء بعض المشاريع البسيطة والمربحة، مقارنة بأهالي المدينة الآخرين.
المدينة تبدو بعد عام من سيطرة التنظيم عليها نظيفة؛ فالتنظيم يعتني كثيراً بهذا الجانب، كما أنه يفتح الطرق، وهو أمر يعتبر إنجازاً كبيراً بحسب المهندس عبد، الذي كان يعمل في مجلس المحافظة، مؤكداً أن الحكومات العراقية المتعاقبة لم تكن قادرة على القيام بمثل هذه الأعمال.
كما أن المدينة آمنة بنسبة 90%، كما يقول عبده، مضيفاً: “هذا الأمر من بين أهم الإنجازات التي حققها التنظيم، مصدر القلق الوحيد للأهالي هو القصف الجوي من قبل قوات التحالف”.