بوادر انفراجة تشهدها الأزمة الداخلية في جماعة الإخوان المسلمين، بعد اجتماعات عقدها التنظيم في تركيا للبحث عن حلول ترضي جميع الأطراف.
اتفاق لحل الأزمة
وقالت مصادر مطلعة لـ”رصد” إن قادة الإخوان المسلمين توصلوا إلي شبه اتفاق يحل الأزمة، التي نشبت مؤخرا بين قيادتين متنازعتين على القيادة، ومن المتوقع أن يعلن تفاصيل الاتفاق غدًا في ظل اجتماعات مستمرة تجريها الجماعة، وترقبًا لنتائج اجتماع اسطنبول الذي عقد أول أمس بين ما يقرب من 25 قياديًا في جماعة الإخوان المسلمين.
اجتماع اسطنبول
وكانت قيادات في الجماعة قد عقدت اجتماعا الأحد في مدينة اسطنبول لحل الخلاف داخل الجماعة، حضره ممثلون عن الفريقين المتنازعين على تولي مسؤولية مكتب الإرشاد، من بينهم محمود حسين الأمين العام السابق للجماعة، وأحمد عبد الرحمن مسؤول المكتب الإداري لإخوان الخارج، إضافة إلى يحيى حامد وزير الاستثمار الأسبق، وعمرو دراج وزير التعاون الدولي الأسبق، وأيمن عبد الغني أمين الشباب بحزب الحرية والعدالة.
كما شارك في الاجتماع – عبر الهاتف – قيادات في التنظيم الدولي للإخوان، منهم يوسف ندا القيادي الإخواني المقيم في سويسرا، والدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، فضلا عن عدد من قيادات وشباب الإخوان داخل مصر.
اجتماع غدًا وتنحية طرفي الأزمة
وأكدت مصادر داخل الجماعة – كانت حاضرة في اجتماع اسطنبول – أن اللقاء أسفر عن حل جزء كبير من الخلاف، وتم الاتفاق على عقد اجتماع جديد الاثنين لاستكمال باقي النقاط العالقة.
وذكر المصدر أنه “يتمّ التداول باقتراحٍ يحظى بتأييد الكثير من المجتمعين، ويقضي بإجراء انتخابات جديدة لمجلس شورى الجماعة”.
وأضاف: “يختار المجلس بعد انتخابه مكتب إرشاد جديد، على ألا تشارك فيه أي من القيادتين المتنازعتين في الانتخابات ترشحاً، في حين تُعتبر لجنة إدارة الأزمة التي تم انتخابها في فبراير 2014، بمثابة إدارة انتقالية لحين إجراء الانتخابات”.
عقاب للفريقين
ويقول مراقبون إن هذا الإقصاء كان بمنزلة عقاب للفريقين، حيث أقر كل من تدخل لحل الأزمة بارتكاب الجانبين أخطاءً كبيرة، على رأسها تبادل الاتهامات عبر وسائل الإعلام، في انحراف واضح عن نهج الجماعة في إدارة خلافاتها الداخلية.
كما يتضمن الاقتراح “التعاون للتوصّل إلى صيغة وسطية بين وجهتي النظر المتعلقة بمنهج الجماعة في مواجهة الانقلاب العسكري في مصر، وتجمع بين السلمية والمنهج الثوري”.
ويدعو الاقتراح إلى “وضع ضوابط واضحة للعمليات النوعية وعدم التوسع في عمليات عنف عشوائي، يصعب معها كبح جماح الشباب في الرد على انتهاكات العسكر، مع إقرار آلية تتيح الدفاع عن النفس والعِرض والممتلكات”.
الشباب يرفض طرفي الأزمة
وفي نفس السياق أعن شباب الجماعة رفضهم للطرفين، حيث أعلنت “أمانة شباب جماعة الإخوان” عن رفضها لأي خلاف يدور بين صفوف الجماعة، سواء من القيادات الجديدة والقديمة، معتبرة أن قيادة الجماعة كلها فشلت في الوصول للأهداف.
ولفت الشباب في بيان لهم، إلى أن الظروف الحالية لا تحتمل أي خلاف، معتبرة أن قيادات ما قبل ثورة 25 يناير حتى 14 أغسطس ومن فبراير 2014 إلى الآن لم توفق في دورها المنوط بها، سواء على مستوى الإدارة الداخلية للجماعة أو في مسار العمل السياسي.
وقالت الأمانة: “لقد طالعنا الأزمة الحاصلة بين بعض إخواننا الأعزاء في القيادة العليا لجماعتنا المباركة الإخوان المسلمون”، وحاولنا أن نكون طرفا فاعلا في التقريب بين الطرفين، ولقد آلمنا وقوع ذلك الخلاف، خصوصا أننا كنّا نستعد لإطلاق سلسلة من الإجراءات الجديدة والنوعية ضد النظام العسكري المجرم.
وأشارت إلى أن الاختلاف في وجهات النظر هو أمر صحي، ولعل خروج هذه الاختلافات للإعلام، وإن كان خطأ، إلا أننا نعتبره خيرا، فالجماعة ملك للجميع، ومن حقهم أن يشتركوا في إيجاد حل مناسب للخلاف الحاصل.
وأوضحت أن “الخلاف الذي دار، ليس بين سلمية وعنف كما يشيع البعض، ولكن الخلاف عن الطريقة التي نقتص من خلالها من قادة الانقلاب العسكري ومن معاونيه وقضاته وداخليته ورجال أعماله وإعلامه”.
وقال البيان: “كنّا نتمنى من إخواننا الأعزاء أن يؤجلوا خلافهم لوقت مناسب وعبر الطرق اللوائحية بالجماعة”.
الشباب ترفض العودة للخلف
وأكد شباب الإخوان أنهم لن يقبلوا بخطوة واحدة للوراء، “ولا تراجع حتى تحقيق القصاص من كل الذين تورطوا في قتل وتعذيب وعمليات الاغتصاب لأخواتنا”.
ولفت البيان إلى أن الشباب ليسوا طرفا في الأزمة الحالية بين “بعض القيادات داخل الجماعة”، معتبرين أن قيادتي الجماعة في فترة ما قبل ثورة يناير حتى فض رابعة أغسطس ٢٠١٣، ومن فبراير ٢٠١٤ إلى الآن لم توفقا في دورهما المنوط بهما، سواء على مستوى الإدارة الداخلية للجماعة أو في مسار العمل السياسي، وكان على القيادتين الاعتذار وأن تقدما نفسيهما للجنة تحقيق داخلية”.
وأكد البيان أن تيارا عريضا تشكل على مدار الخمس سنوات الأخيرة، يعلم الفشلة والقتلة والسفلة وسيأتي يوم يحاسب فيه كل هؤلاء، تيار يقود حركة تغيير جذرية منضبطة واعية، على حد وصفه.
ودعا البيان المختلفين في الجماعة إلى وقف التجاذب الإعلامي، وأن ينهوا خلافهم بعيدا عن قطاع العمل الثوري، وأن يتخذوا قرارا تاريخيا ويصطفوا خلف الثورة وهياكلها فقط لا أن يتصدروا المشهد.