أثار قانون الجرائم الإلكترونية، الذي عرضه مجلس الوزراء على عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري، العديد من ردود الأفعال الغاضبة، حيث أعتبر حقوقيون أن القانون تقييد علي الحريات ويساعد في قمع المعارضين، ومحاولة من النظام لتضييق القيد على الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي.
يرفع العقوبة لمصاف الجنايات
وينص مشروع القرار على التعريف بجرائم تكنولوجيا المعلومات التي لم يسبق تجريمها من قبل، وتحديد مجموعة الجرائم التي تدخل تحت هذا التصنيف، والأركان المادية الخاصة بتلك الجرائم، وكذا المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي في حال إدانته بأي جريمة من تلك الجرائم، كما تم تشديد العقوبة في حال وقعت الجريمة على الدولة أو أحد أجهزتها، بأن رفع الفعل إلى مصاف الجنايات.
وتضمن مشروع القرار النص على العقوبات التكميلية كالمصادرة لأية أدوات أو مهمات تكون قد استخدمت في ارتكاب تلك الجرائم، أو التسهيل لارتكابها، وكذلك غلق المنشأة أو الكيان الذي ارتكبت من خلالها، وكذا غلق المواقع والروابط التي تقع على شبكة المعلومات وتمثل تهديدًا للأمن القومي.
اعتداء علي مبدأ المساواة
ومن جانبها، هاجمت الناشطة الحقوقية منى سيف مشروع قانون الجريمة الإلكترونية ووصفته بأنه “أكبر اعتداء على مبدأ المساواة”.
وقالت في تدوينة عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: “تصور إن فيه مستشفى خاص وإن فيه شخص دخل المستشفى الساعة 10 الصبح واستغل ثغرة في نظام الحراسة وسرق ملفات لمرضى من غرفة الأرشيف وإن الشخص دا اتمسك بعدها”.
وتابعت: “تصور إن فيه شخص ثاني قاعد على القهوة استعمل الأنظمة المعلوماتية زي الحاسوب ووصلة الإنترنت واستغل ثغرة في نظام المستشفى المعلوماتي ووصل للنسخة الإلكترونية لأرشيف نفس المستشفى وسرق نفس الملفات بالضبط، و اتمسك بعدها”.
وأضافت: “الاثنين اعتدوا على حقوق نفس الأشخاص المرضى والمستشفى وسببوا نفس القدر من الضرر لو مشروع قانون الجريمة الإلكترونية الجديد بقى جزء من القانون، المجرم اللي استخدم المعلوماتية هيتعاقب عقاب مختلف عن المجرم اللي راح المستشفى برجله”.
وذكرت: “مختلف قد إيه؟ على حسب الجريمة، اعتبر مثلاً أبو إسلام أحمد عبدالله، أبو إسلام كان بيطلع على التليفزيون وبيوصل لمئات الألوف أو يمكن ملايين يسمعوه بيحرض ضد المسيحيين ويقول رأيه في المسيحية وحاليًا بيقضي عقوبة حبس خمس سنوات بجريمة في القانون المصري اسمها “إزدراء الأديان”.
وأردفت: “بعد تمرير قانون الجريمة الإلكترونية اللي هيقول نفس الكلام اللي قاله أبو إسلام لكن باستخدام الإنترنت عقوبته هتوصل للمؤبد.
واستطردت: “أغلب اللي هيتطبق عليهم القانون هيكونوا مستخدمين لإنترنت سواء استخدموها لأغراض مشروعة أو لأ، ليه عقوبة الفعل باستخدام الإنترنت أكبر من عقوبته باستخدام أي طريق ثاني؟ لأن إنترنت هي أكثر وسيط ديمقراطي، إنترنت بتساوي بين الناس وبالتالي هي وسيط الأضعف والأفقر والمستبعد و”أولاد الزبالين”.
واختتمت: “مشروع قانون الجريمة الإلكترونية الجديد في تقديري أخطر اعتداء “قانوني” على مبدأ المساواة أمام القانون، ما فيش حاجة اسمها جريمة إلكترونية، الجريمة جريمة مهما كان طريق ارتكابها”.
يشكل تهديد علي ما بقي من حرية التعبير
فيما قال الكاتب الصحفي أسامة عبدالرحيم: “إن هذا القانون كغيره من حزمة قوانين ما بعد (30 يونيو) يشكل تهديداً جديًا وصارخاً لما تبقى من حرية التعبير عن الرأي، علاوة على أن أحكامه فضفاضة ومبهمة الصياغة وتناقض المعايير الدولية بشكل صارخ، إذ تنص فعلياً على منح السلطات صلاحيات واسعة لمعاقبة كل من يقوم بنشر أو تبادل محتوى رقمي يعتبره الباشا أبو دبورة ضاراً بسلطة العسكر”.
وأضاف “عبدالرحيم” في تصريح خاص لـ”رصد”، أن الخطر الحقيقي في تقديري أن يقوض القانون الجديد من التعبير السلمي والمشروع عن الرأي من خلال تيسير القمع التعسفي للمعارضة السلمية للانقلاب، إذ انه يشترط على مزودي خدمات الاتصالات القيام بحجب المواقع الإلكترونية، أو تزويد سلطات الانقلاب بأدلة أو سجلات بناء على طلبها، وهو ما لا يوجد مثيل له سوى في ديكتاتوريات كوريا الشمالية والصين، ليتهم يتعلموا من “إسرائيل” ديمقراطيتها مع شعبها المحتل.