تعاني حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين منذ فترة من أزمة مالية خانقة وصلت ذروتها هذا الشهر باتخاذ الحركة إجراءات تقليص أعداد العاملين في دوائرها ومؤسساتها.
ولم يتلقى العاملين رواتبهم منذ أكثر من ثلاثة أشهر ، ووصل الأمر إلى تقليص ميزانيات وتقليل أعداد العاملين في فضائية فلسطين اليوم التابعة للحركة، وإغلاق مكتبها في القدس وفق ما أكد مصدر مطلع لشبكة رصد.
ورغم نفي قادة الجهاد بداية وجود أزمة، إلا أن بياناً رسمياً للحركة مساء الخميس أقر بوجودها دون الإشارة إلى السبب الرئيسي.
وجاء في البيان الذي وصل شبكة رصد “أن شعبنا كله في فلسطين، وخاصة في قطاع غزة المحاصر، يعاني من ضائقة مالية واقتصادية قاتلة جراء الحصار الظالم والاحتلال، ونحن جزء من هذا الشعب الصابر الصامد نعاني ونكابد ما يعانيه. وإن هذه المعاناة ليست جديدة، وهي نتاج الظروف المعقدة والمحزنة التي تمر بها قضيتنا وأمتنا.
ولم يوضح البيان السبب الحقيقي وراء هذه الأزمة، غير أن مصدرا في الحركة أكد لشبكة رصد أن إيران أوقفت دعمها المالي، مستبعدا أن يكون للأمر بعدا سياسا قائلا : إن المسألة فنية بسبب أزمة إيران الداخلية وانشغالها في دول المنطقة”.
وتوقع المصدر أن تحل الأزمة قريبا، كاشفاً عن أن أمين عام الجهاد الإسلامي رمضان شلح سيزور إيران قريباً، نافيا بذلك التقارير التي تتحدث عن وجوده بطهران وأنه يعتزم العودة إلى بيروت بسبب هذه الأزمة.
وبالنظر إلى توقيت الأزمة التي بدأت قبل ثلاثة أشهر ، تزامنا مع “عاصفة الحزم” ، يمكن التكهن أن السبب يرجع إلى رفض قيادة الحركة إدانة “عاصفة الحزم” السعودية على اليمن، وبالتالي تأييد موقف ايران وتحالفها السياسي من تلك الحرب، وفق ما تقول تقارير إعلامية تناولت الأزمة.
ويمكن قراءة هذا السبب من بيان الجهاد الذي أكد : “على موقفنا ونهجنا الثابت وهو عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد عربي أو إسلامي أو أجنبي، وعدم الزج بفلسطين وقضيتها ومقاومتها في أي صراع أو نزاع بين أبناء الأمة.
وجددت حركة الجهاد التأكيد على أنها “حركة مقاومة، لها خطها النضالي المعروف، وقرارها السياسي المستقل، ولا أحد يملي علينا خياراتنا ومواقفنا، وأن علاقاتنا مع الجميع تقوم على الاحترام المتبادل.
وأعرب البيان عن رفضه ” اتخاذ البعض إيران، البلد المسلم، عدواً للعرب والمسلمين، لأن العدو الأول والتاريخي للأمة هو الكيان الصهيوني، الذي يحتل فلسطين، وينكل بشعبها، ويهوّد أرضها ومقدساتها.
ويشير قيادي في الجهاد لم يكشف عن اسمه إلى البعد السياسي في الأمر ، قائلا ” مع تدهور الأوضاع على الساحة السورية، وكذلك على الساحة اليمينية بدأت تضغط إيران على حلفائها، وفي هذه الحالة على الجهاد الإسلامي الفلسطيني، أن يعلنوا موقفا واضحا من مجمل القضايا الإقليمية.
وأضاف في تصريح منقول “الإيرانيون لم يعودوا يقبلون مواقف محايدة، وبدأوا يضغطون بشكل كبير أن تتبنى الحركة موقفا واضحا لا لبس فيه ومؤيدا لهم في كل القضايا الإقليمية الرئيسية، وعلى رأسها الملف السوري والملف اليمني”.
ويؤكد هذا التوجه الإيراني أحد قيادات الجهاد، جميل عبد النبي، الذي كتب على صفحته الخاصة “فش اشي ببلاش” وهو اعتراف أبدى الكثيرون موافقتهم عليه وأنه كان واضحا من أن الأمر سيصل إلى هذا الحد، وأن الدعم الإيراني لم يكن “من أجل سواد عيون الفلسطينيين”.
وحذر الكاتب الفلسطيني أكرم عطا الله من أن تكون فلسطين هي ضحية هذا الصراع بالنسبة لإيران “فإذا فعلت ذلك هذا يعني سقوط كل الشعارات التي رفعتها إيران منذ الثورة حول فلسطين ومشروع التحرير فالقدس ليست عدن وليست الرقة أيضاً، بل هي التي وضعها الإمام الراحل أمانة في أعناق الورثة وجعل لها يوماً خاصاً أصبح جزء من ثقافة الشعب الإيراني، وإن فعلت ذلك فإن هذا مدعاة لسؤال كبير عن المصداقية الإيرانية تجاه فلسطين .
ولم تعلن الجهاد “الطلاق” من إيران، لكن من الواضح أنها لم تعد الابن المدلل، وهي المكانة التي برزت بعد تدهور علاقة إيران بحماس.