أودعت محكمة جنايات القاهرة، حيثيات حكمها في القضية المعروفة إعلامياً بـ«غرفة عمليات رابعة» والصادر فيها الحكم، بالإعدام شنقًا لـ14 من معارضي الانقلاب العسكري، وفى مقدمتهم محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان ومحمود غزلان وصلاح سلطان، وذلك بالقضية المعروفة إعلاميًا بـ”غرفة عمليات رابعة”والمؤبد لـ 37 آخرين ، منهم سامحي مصطفى وعبدالله الفخراني وعمرو فراج وعمر شاهين ، صحفيو رصد، ومحمد سلطان – المضرب عن الطعام منذ 470 يومًا.
صدر الحكم برئاسة المستشار محمد ناجي شحاتة رئيس محكمة جنايات القاهرة وعضوية المستشارين ياسر ياسين، عبد الرحمن صفوت الحسيني وحضور حسام فتحي وكيل نيابة أمن الدولة وسكرتارية أحمد صبحي عباس . وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها إنه بعد الاطلاع على الأوراق وطلبات الدفاع ومرافعة النيابة العامة والدفاع في الجناية رقم 2210 لسنة2014 العجوزة (و المقيدة برقم 59 لسنة 2014 كلي شمال الجيزة قررت بجلسة 16/3/2015″ إحالة أوراق المتهمين من الأول حتى الرابع عشر إلى فضيلة الدكتور مفتي جمهورية مصر العربية لإبداء الرأي الشرعي في الدعوى وحددت جلسة11/4/2015 للنطق بالحكم وقد ورد رد فضيلة بتلك الجلسة منتهياً فيه إلى أن هؤلاء المتهمين قد حاربوا الله ورسوله ووجب تطبيق حد الحرابة عليهم ولم تظهر بالأوراق شبهة تدرأ الحد عنهم ومن ثم كان جزاؤهم الإعدام حداً لمحاربتهم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وسعيهم في الأرض فساداً وتحريضهم على ارتكاب الجرائم المنسوبة إليهم عمداً جزاء وفاقاً.
وكشفت الحيثيات إن المحكمة لا تلقى بالاً إلى إنكار المتهمين للتهمة المسندة إليهم بحسبانه وسيلة من وسائل الدفاع قصدوا منها الإفلات مما جنته أياديهم على غير سند من الواقع أو صحيح القانون ومن ثم لا تعول عليه المحكمة.
ولما كان ذلك كذلك وكان ما وقفت عليه المحكمة وظفر بقناعتها واستقر في وجدانها صحة ما أوردته تحريات قطاع الأمن الوطني وصلاحيتها كي تكون قرينة تكملها باقي عناصر الإثبات في الدعوى المتمثلة فيما تم ضبطه من أدوات ومطبوعات تقطع بأن أعضاء الجماعة الإرهابية المتهمين في هذه الدعوى قد اتخذت من الشيطان نصيراًلها في تدبيرها وهدفها بالنيل من أمن هذا الوطن وإماطة وإشاعة الرعب والفوضى فيه كي يسود الظلام وتهوى مصرنا الغالية إلى الانحلال والتفكك وكان مأمور الضبط القضائي غير ملتزم بالكشف عن مصادره السرية اللهم إذا كان هذا المصدر قد ساهم فعلياً في نشاط إجرامي معين شكل الواقعة المؤثمة قانوناً وكان الثابت من الأوراق المطروحة أمام المحكمة أن تحريات الأمن الوطني قد أكملتها أدلة الثبوت في الدعوى القولية منها والفنية بما يكفي لإهدار ما سلف إليه الدفاع من تشكيك في قناعة المحكمة تجاه تلك التحريات ومن ثم تضرب المحكمة صفحاً عن هذا الدفع.
وحيث إنه عن الدفع ببطلان التحقيقات مع المتهمين لعرضهم على النيابة العامة بعد مرور الميعاد المقرر بالمادة 36 من قانون الإجراءات الجنائية فإنه مردود بأن الثابت من مطالعة الأوراق المعروضة على المحكمة أن الضابط القائم بالقبض على المتهمين كان حريصاً على توافر الشرعية الإجرائية في عمله فاتصل تليفونياً بالسيد المستشار المحامي العام لنيابة أمن الدولة العليا وأبلغه بصعوبة نقل المتهمين المضبوطين طبقاً لإذن النيابة العامة للظروف الأمنية التي كانت تجتاح البلاد في هذا الوقت فأذنت له النيابة العامة متمثلة في المستشار المحامي العام سالف الذكر بعرض المتهمين على النيابة في اليوم التالي مراعاة منها للظروف الأمنية وكإجراء من إجراءات الحذر الواجب مراعاته عند نقل هذه النوعية من المتهمين المذكورين ومن ثم فإن ذلك قاطع الجزم بفساد هذا الدفع.
وحيث إنه عما يثيره الدفاع بالنسبة لعدم دستورية المواد 48، 95، 96 من قانون العقوبات فإن المحكمة لا يفوتها أن تنوه إلى أن المحكمة لا تحاكم المتهمين طبقاً لنص المادة 48 عقوبات المتعلقة بالاتفاق الجنائي والتي قضي بعدم دستوريتها والمحكمة أعلم من الدفاع بهذه الجزئية ومن ثم فإنها لا تقيم سنداً للدفع في خصوص المادة سالفة الذكر لانعدام سنده القانوني أما بالنسبة للمادتين 95، 96 عقوبات فإن المحكمة تشير إلى أنه من المقرر قانوناً في قضائها أن الدفع بعدم الدستورية لابد أن تلتمس المحكمة جديته وكان ما استخلصته المحكمة في هذا المقام أن الدفاع قد أبدى هذا الدفع قصداً منه لإطالة أمد النزاع بغير مبرر مقبول ومن ثم فإنه يتسم بعدم الجدية فضلاً عن أنه ما دام لم يصدر حكم بعدم دستورية هذين النصين تحسبه المحكمة ذلك كي تعملها كأساس للعقاب في مقام الدعوى الراهنة ما داما صالحين لأداء المقصود منها في مقام الدعوى الجنائية ومن ثم لا تلقى المحكمة بالاً لهذا الدفع.
وحيث إنه عما أثاره الدفاع من محاولات مستميتة لإبعاد المحكمة عن نظر هذه الدعوى تارة بادعاء باطل بأن رئيس هذه الدائرة يُكن حقداً وبغضاً لمن أسماهم بالإخوان المسلمين وتارة بادعاء شرعية وجود جماعته المذكورين فيما سلف فإن المحكمة تقرع سمع الدفاع بأن القانون قد حدد بعض الملامح التي تتصف بها تلك الجماعة والتي جعل من مجرد كيانها ووجودها أمراً مشكلاً لجريمة قائمة بالفعل إذا ما وضع في الاعتبار مصلحة الدولة العليا في أمنها الداخلي الذي يقتضي عدم الانتظار أو الترتيب حتى تؤتي هذه الجماعات والكيانات الإرهابية ثمارها المرجوة من قبل من كونها.
وأول ما حرص عليه المشرع في هذا المقام هو اعتبار جريمة إنشاء مثل هذه الكيانات الإرهابية جريمة تنظيمية تمت في إطار تنظيمي وأصل ما حرص عليه المشرع بداية هو إدخال مكون الكيان الإرهابي ذاته حيز التأثيم بمجرد إنشائه تجعل من بداية وجود الكيان الإرهابي موجباً للعقاب فعاقب على الإنشاء أو التأسيس وساوى بين بداية الكيان المؤثم ونشأته واستمراريته فجعل من استمراره موجباً آخر للعقاب حتى عاقب على الإدارة أو التنظيم وبالتالي جعل منها جريمة مستمرة وجعل هذا الاستمرار موجباً آخر للعقاب يبقى ما يفي هذا الكيان الإرهابي والذي ينشأ في صورة لمجموعة من الأغراض التي تبناها مجموعة أفراد ويتولى آخرون تنظيمها وقد يكون الكيان الإرهابي علنياً أو سرياً وقد يتحقق به الصفتان فيكون سرياً لوقت معين ثم يصبح علنياً وقد يعلن هذا الكيانأغراضه وقد يخفيها ويستتر خلف أغراض وأهداف أخرى يجعل منه أمام الكافة مواكباً للقانون على خلاف الواقع وتلك نتائج منطقية تسعى لأغراض ضد أمن الدولة الداخلي بأي شكل كان وهو ما يجعل هذا الكيان سرياً طول الوقت بما ينعكس أثره على الدليل ويتطلب الأمر إزاء استنباطه واستخلاص القوانين الدالة على وجود الكيان الإرهابي وأغراضه.
وقد اتخذت جماعة ما يسمى “الإخوان المسلمون”من الإسلام مسمى لها فإذا كانوا هم الإخوان المسلمون فمن يكون من ليسوا أعضاء بها مما يدل على أن هذه الجماعة تهدف لأغراض وبواعث عنصرية لا تهدف عنصري الأمة من مسلمين ومسيحيين بل تهدف إلى التفرقة بين المسلمين أنفسهم فهذه الجماعة ولدت ولازالت مخالفة للقانون وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث تمارس التمييز العنصري على أساس الدين والفكر والرأي والعقيدة وهي من استباحت الدماء وعرضت حياة المواطنين للخطر سواء مدنيين أم عسكريين وليس أدل على ذلك من قول رئيسهم “المتهم الأول” عندما وقف مخاطباً أنصاره إبان ثورة يونيو بقوله “أقف أماكم اليوم حامياً للشرعية ودمي دونها…وأنتم الأعلم بما نعايشه من حينها من سفك دماء المصريين جهاراً نهاراً” فهذه الجماعة التي تمثل أمام المحكمة كان غرضها الرئيسي وهو معارضة فكرة الدولة ووجودها فدعت لانتهاك دستورها ومؤسساتها من وزارة دفاع ومحكمة دستورية وجهاز أمن الدولة واقتحامها والدعوة لإسقاطها والتعدي على حرية مواطني الدولة ممن لا ينتمون لفكرهم الضال.
ورغم ما ارتكبته هذه الجماعة من جرائم إلا أن المشرع لم يشترط لجريمتهم الماثلة وقوع نتائج إجرامية فهي من قبيل جرائم الخطر التي تهدد مصلحة عليا وهي مصلحة الدولة في أمنها الداخلي ومنهنا كان عقاب المشرع على فعلتهم لخطورة فكر هذه الفئة الضالة حتى إنها تصل بالوطن لشفا حفرة من النار ومن هنا كان تدخل المشرع بالمادة 86 مكرر عقوبات وما تلاها لتقف حائلاً بين هذه الفئة الضالة وإفلاتهم من العقاب دون اشتراط حدوث النتيجة بل لمجرد الخطر. وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن من بين القرائن التي تدلل على الاتفاق وحدة الباعث بين المتهمين ومعينهم في الزمان والمكان ويتحقق ذلك بما أوردته الأدلة من لقاءات واجتماعات فيما بين المتهمين علاوة على وحدة الغرض أو الأغراض الإجرامية التي سعوا إليها ودلت عليها وقائع الدعوى وللمحكمة أن تستخلص الاتفاق من ظروف الدعوى وملابساتها ما دام في وقائع الدعوى ما يسوغ الاعتقاد بوقوعه وهما في ذلك ليست مطالبة بالأدلة المباشرة فقط بل إن لها استخلاص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة متى كان ذلك لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي.
وحيث إنه لما كان ذلك كذلك وكانت المحكمة- نظراً لطبيعة سرية عمل المتهمين في الدعوى الماثلة- تطمئن إلى التحريات التي سطرها الشاهد الأول في محضره المؤرخ 15/8/2013 الساعة 2م وشهد بشهادته بتحقيقات النيابة العامة والتي ظفرت بقناعة المحكمة وسكن في وجدانها في أنه في أعقاب 30/6/2013 وإبان اعتصام دعت إليه جماعة الإخوان الإرهابية بميدان رابعة العدوية تم تشكيل غرفة عمليات لمتابعة تحركات أعضاء التنظيم بالقاهرة الكبرى والإشراف على تنفيذ مخطط معد سلفاً بواسطة المتهمين الأول والثاني (المتهم محمد بديع- المتهم محمود غزلان) مسئول قطاع التنظيم بالقاهرة الكبرى كان هدفه قلب دستور الدولة وشكل حكومتها بالقوة وإشاعة الفوضى بالبلاد باقتحام أقسام الشرطة والمؤسسات الحكومية والخاصة ودور عبادة المسيحيين ووضع النار فيها للإيحاء للخارج بعدم قدرة النظام القائم على إدارة شئون البلاد تمهيداً لإسقاط الدستور وإعلان تلك الجماعة عن اسم القائم بأعمال رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة من بينهم تكون عملاً للاعتراف بها دولياً وبدأ تنظيم المخطط المعد سلفاً أعقاب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة حيث أصدر المتهم الأول تكليفاته للمتهم الثاني المبينة أسماؤهم فيما سلف لسرعة نقل غرفة العمليات إلى مقر آخر خشية رصدها أمنياً وأن المتهم محمود البربري خصص وحدة سكنية مملوكة له لهذا الغرض.
وصدرت تكليفات للمتهم الثالث حسام أبو بكر الصديق من المتهم الثاني لاستكمال تنفيذ هذا المخطط الموضوع سلفاً ونفاذاً لتلك التكليفات عقد المتهم الثالث لقاءً تنظيمياً بمقر غرفة العمليات ضم كل من سعد الحسيني وصلاح الدين عبدالحليم سلطان والثامن عمر حسن مالك وسعد محمد عمارة ومحمد المحمدي حسن شحاتة وعبدالرحيم محمدعبدالرحيم ومحمود البربري وكارم محمود رضوان ومحمد أنصاري محمد مصطفى وعصام مختار موسى محمد اتفقوا خلاله على تنفيذ خطة التحرك متمثلة في التنسيق مع لجان التنظيم الإلكترونية للترويج لمشاهد وصور كاذبة توحي بسقوط قتلى وجرحى من المعتصمين جراء فض اعتصامهم وتوجيه هذه المشاهد وتلك الصور للخارج بقصد الإيحاء باستخدام الأمن للقوة المفرطة ومخالفة معايير حقوق الإنسان الدولية ومحاولة الاعتصام بميادين جديدة بالقاهرة والجيزة وتنظيم مسيرات تضم عدداً من أعضاء التنظيم المسلحين بقصد تعطيل سير وسائل النقل وإشاعة الفوضى وبث الرعب بين الناس .
وتكليف بعض أعضاء الجماعة العاملين بمؤسسات الدولة بوضع النار داخلها واستهداف المنشآت الشرطية حال التأكد من ضعف تأمينها وسرقة ما بها من أسلحة وذخائر بالاستعانة ببعض العناصر الإجرامية والإخوانية المسلحة وتنفيذ عمليات اغتيال لضباط وأفراد الشرطة وتوفير الدعم المالي والأسلحة والذخائر اللازمة كما تضمن اتفاق المتهمين المخططين لما سلف بيانه تشكيل غرف عمليات فرعية بعيدة عن الرصد الأمني للاتصال بمسئولي المجموعات المنفذة وتوفير احتياجاتها فضلاً عن شراء مساحات إعلانية بوسائل الإعلام الأجنبية لترويج إشاعات كاذبة توحي باستخدام الأمن للقوة المفرطة إبان فض الاعتصام الإخواني الإرهابي.
ونفاذاً لذلك المخطط تولى المتهم سعد الحسيني مسئولية الاتفاق مع العناصر الجنائية المرافقة لعناصر هذا التنظيم الإرهابي خلال مسيراتهم لمهاجمة قوات الأمن والمنشآت العامة وتولي المتهم صلاح الدين سلطان القيادة الميدانية لأعضاء التنظيم بينما تولى المتهم عمر حسن مالك توفير الدعم المادي للاتفاق على ذلك المخطط بأكمله وتولى المتهم سعد محمد عمارة تدبير الأسلحة والذخائر للمشاركين بالمسيرات وتولى المتهم محمد المحمدي حسن مهمة مساعدة التنظيم عن طريق جمع لقطات مصورة للأحداث وتزييفها وإعادة بثها للخارج عبر شبكة المعلومات الدولية للإيحاء للخارج باستخدام الأمن للقوة المفرطة واستخدام شبكة المعلومات الدولية لنقل التكليفات لأعضاء التنظيم لاستهداف المنشآت الشرطية وتوفير المبالغ المالية اللازمة لتلك التحركات .
وتولي المتهم محمود البربري تجهيز غرفة العمليات والاتصال بالعناصر الإجرامية المرافقة للمسيرات وتولي المتهم عبدالرحيم محمد عبدالرحيم مساعدة التنظيم عن طريق إيواء أعضاء التنظيم وإمداد مصابيهم خلال المواجهات بالأدوية والمستلزمات الطبية وتولي المتهم كارم محمود مساعدة التنظيم بتحديد مسار اتتحرك عناصر التنظيم بالشوارع والميادين وتولي المتهم محمد أنصاري محمد مساعدة التنظيم عن طريق الجانب التربوي والدعوي لحث عناصر التنظيم على العنف بدعوى الشهادة في سبيل الله وتولى المتهم عصام مختار مسئولية تحديد بعض المنشآت الشرطية توجيه أعضاء الجماعة لاستهدافها واتخذ من محل إقامته مقراً تنظيمياً لخدمة التنظيم.
وفي إطار تشكيل غرف العمليات الفرعية والتي تم إعدادها لتنفيذ تكليفات وتوجيهات اللجنة الإعلامية تبين وجود “مركز السواعد لتدريب العمال”ويتولى مسئولية المتهمان فتحي إبراهيم شهاب الدين وصلاح نعمان مبارك هلال والذي يستخدم لتخزين وإخفاء الأدوات والمهمات لإمداد المشاركين في تنفيذ المخطط بها لاستخدامها فيأعمال العنف بالبلاد ومركز آخر باسم “شركة مزيد للاستيراد والتصدير” ويتولى مسئولية المتهم يوسف طلعت محمود وثالثا يدعى “شركة ثري- دي للإنتاج الإعلامي”ويتولى مسئولية المتهمون عاطف محمد حسن وأيمن شمس الدين وسمير محمد أحمد .
وحيث إنه ولئن كانت التحريات طبقاً لما هو مقرر قانوناً لا تعد دليلاً كاملاً وإنما تمثل قرينة ينبغي أن تتساند مع قرائن أخرى أو دليل حيث يمكن للمحكمة أن تطمئن إليها- ولما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق المطروحة أمام المحكمة أن المتهم الثالث “حسام أبو بكر الصديق” قد أقر بالتحقيقات أمام النيابة العامة أنه انضم للجماعة الإرهابية منذ عشر سنوات وأنه تدرج في هيكلها التنظيمي حتى عضويته بمجلس شورى الجماعة في غضون سنة 2005 ثم انتخب لعضوية مكتب الإرشاد بشهر أغسطس سنة 2011 واختص بالإشراف على قطاع القاهرة- إدارة شرق ووسط القاهرة- وأضاف بأن المتهم الخامس عشر هو المسئول عن مكتب وسط القاهرة.
وحيث إن المحكمة وقفت على حقيقة التنظيم الذي ضم هؤلاء الإرهابيين وكونه من ناحية بنائه وهيكله من خلال أقوال المتهمين اللذين أقروا بتحقيقات النيابة بكونهم أعضاء في هذا التنظيم وكيف يتم العمل داخله وأن المتهم الأول الذي يشغل منصب المرشد العام لجماعة الإخوان الإرهابية هو الرئيس الأعلى لهذا التنظيم وكيف يأتمر جميع المتهمين بأوامره وتكليفاته وكيف كان هؤلاء المتهمين المشار إليهم يؤدون عملهم من خلال المراكز واللجان الفرعية التي تم مداهمتها والعثور داخلها على المطبوعات والاسطوانات المدمجة والهواتف المحمولة والتي كانت تستخدم لتسهيل اتصال أعضاء هذه اللجان ببعضهم وكيف كانت وسيلة انتشارهم داخل البلاد للسيطرة على مقدراتها ودور هذه اللجان في رصد تحركات قوات الشرطة والقوات المسلحة وتدبير سبل مقاومتها ومنعها من أداء واجبها لدحر هذه الموجة الإرهابية الشرسة والتي كانت تستهدف ترويع الآمنين من أبناء هذا الشعب الآمن.
وكيف كان تجمعهم داخل اعتصام ميدان رابعة العدوية والذي لم يكن اعتصاماً سلمياً كما أشاعوا ذلك وإنما كان بؤرة إجرامية ناتئة داخل جسد المجتمع المصري كما وقفت المحكمة من خلال الأدلة المطروحة عليها قولية كانت أو فنية وكيف كانهذا التجمع الإجرامي إيذانا للأعداد للقضاء على أمن هذه البلاد من خلال جماعة أسست على خلاف أحكام القانون والذي لم يسبغ يوماً صفة الشرعية على مثل هذا التنظيم الذي ضحى بالدين وبفكرة الوطن والوحدة الوطنية طالباً إسباغ الشرعية على طغمة باغية استولت في غفلة من الزمن على سدة الحكم في هذه البلاد وهدفت أول ما هدفت إلى جعل هذا الوطن جزءاً لا يتجزأ من مشروع الخلافة الإسلامية حيث ضحى أفراد هذا التنظيم بفكرة الوطن والمواطنة وتوهموا أنهم بهذا البغي والعدوان سوف يحكمون بالحديد والنار هذه الملايين من المواطنين تحت التلويح بالقهر والإرهاب لمن خالف شريعتهم الذي يلفظها الدين الإسلامي الحنيف.
وحيث إن أدلة الثبوت التي أولتها المحكمة حقها في الفحص والتدقيق قد باتت دالة على أن المتهمين من الأول حتى السادس كان هدفهم تعطيل أحكام الدستور والقوانين كي تحول البلاد إلى غابة البقاء فيها هو حق لكل من اعتاد شرب الدماء وسفكها سعياً وراء هدف محموم أراد الله له أن ينكشف ستره كي يفضح هذا التنظيم الذي هدف إلى منع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحقوق الشخصية والعامة والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي مخططو المقاومة جهاز الشرطة والتعدي على أفراده ومقاومة رجال القوات المسلحة واستهداف دور العبادة للمسيحيين شركاء المواطنة في هذا البلد وذلك بإحراقها بغية تأليب المجتمع الداخلي وإثارة ثغرة الطائفية فيه والتي مزقت أمماً ودولاً في الوطن العربي إلا أن وحدة الوطن وعافيته لم تكن في أذهان هذا الفريق من ممارسي الإرهاب فكان حقاً على المجتمع أن يكسر شوكتهم ويدحر هذا الشر الذي ابتلى به جسد هذا الوطن كي يعود سليماً معافى بالقضاء على هذا التنظيم الخبيث الذي كان الإرهاب هو دستوره وهدفه.
وحيث إن المحكمة وقد طالعت فحوى المضبوطات التيتم العثور عليها وتبين لها أن أهداف هذا التنظيم قد تم إعدادها بدقة ومكر وخبث شديدين حيث يتم التخطيط للقبض على رئيس الجمهورية ووزير الدفاع وصفوة المجتمع من رجاله وقيادييه وقضاته اللذين لم تلن لهم عزيمة وقت أن قفز هؤلاء المجرمون إلى سدة الحكم فقام الشعب بعزل رئيسهم الذي لم يكن سوى ستاراً يخفى خلفه الحاكم الحقيقي لهذا التنظيم وهو المتهم الأول فكان الرد بعد أن طاش صوابهم واختل توازنهم إلى المسارعة بإعداد الخطط الأصلية والبديلة سعياً لترويع هذا المجتمع وأمنها في إعادة رئيسهم المخلوع لكرسي الحكم مهما كان الثمن أو إهدار الدم الذي سوف يدفعه أبناء هذا الوطن الآمن فكان المهم في نظر هذا التنظيم هو أحد أمرين إما الحكم وإذلال الشعب أو القضاء على أفراد الوطن الذين لا ينتمون للفكر الفاسد الذي رفع أعضاء هذا التنظيم رايته شعاراً لهم فكان ذلك حسب المحكمة كي تسبغ على تنظيمهم الماثل صفة الإرهاب ومحاكمتهم على هذا الأساس.
وحيث إن ما استقر في يقين المحكمة وظفر بقناعتها أن المتهمين من أولهم حتى الرابع عشر منهم كان يرأسهم الستة الأول بينما كان باقيهم يعمل على إمداد هذا التنظيم الغادر بالمال والمساعدات اللوجستية سعياً منهم لخدمة غرض هذا التنظيم سيما وأن ما تيقنت منه المحكمة من واقع اللجان التي أسسها هذا التنظيم كانت قاطعة في أن المتهمين جميعاً كانوا يعلمون بالغرض من هذا التنظيم وأهدافه والإعداد لتنفيذ تكليفات كبيرهم المتهم الأول ومعه المتهمون من الثاني حتى السادس وقطعت المضبوطات والهواتف المحمولة التي تم ضبطها وتفريغ محتوياتها من مواد أن أعضاء هذا التنظيم كان كل منهم يعلم بهدف الآخر وأن تشكيل هذا التنظيم وهيكلة التنظيمي .
والذي كشفت عنه المضبوطات التي سردتها المحكمة فيما سلف سيما وأن المحادثات والإشارات التي تم رصدها أمنياً كانت قاطعة الدلالة على تعاون التنظيم على حشد أكبر عدد من الإرهابيين وذوي السوابق الإجرامية وضمهم لصفوف التنظيم أثناء مسيراته الإرهابية والتي لم تكن تستهدف الاعتصام في مكان واحد بل كان مخططهم إلى الاعتصام بكافة الميادين في نطاق مدينة القاهرة وتعطيل وسائل النقل العام والسعي لإحداث شلل كامل بطرق البلاد من جنوبها لشمالها والمطالبة بالعصيان المدني سعياً منهم إلى الإيحاء للرأي العام الخارجي بفساد إدارة الأمور من القائمين على حكم هذه البلاد وما قد يحمله ذلك من خطر التدخل الأجنبي في البلاد وقد ثبت من الأوراق المضبوطة كيف كان هذا التنظيم يحرص على صيانة أرقام هواتف أعضاء الكونجرس الأمريكي وأعضاء الاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمم المتحدة وفروعها لنيل الرضا والتعاطف من خارج البلاد ومباركة الإرهاب الأسود الذي تم الإعداد له كي يتمكن هؤلاء المجرمون من حكم هذا الوطن.
وحيث إنه ومما استخلصته المحكمة من واقع الأوراق المطروحة عليها وما تم ضبطه بالمقرات واللجان الفرعية التي نظمها أفراد هذا التنظيم الآثم أنهم اتخذوا من تنظيم جماعة حماس الفلسطينية أساساً لفكرهم الإجرامي فقد ثبت من المضبوطات ببعض مقراتهم كتباً وملازم مثل (أمن المطارد لإسماعيل هنية وموسى أبو مرزوق – وبارود القسام – حرب العصابات- فن الحرب) ولعل ما تم ضبطه بالهاتف المحمول المضبوط مع المتهم الثامن والذي أقر بملكيته له أن هناك محادثة على برنامج (واتس آب) عبارة (مش هزار- لو فيه دكر يقول أنا مع السيسي ولعوا في القسم ومدرعات الشرطة).
وما عثر عليه ذاكرة الهاتف المحمول المملوك للمتهم التاسع والأربعين من مطبوع يسمى “التمهيد”ويتناول تطور العمل العسكري عبر العصور ومراحله وكيفية إجراء الرصد للهدف المستهدف وشروط الراصد والتخطيط وكيفية إطلاق النار عليه وتاريخ حركة حماس ما يقطع بأن هذا التنظيم كان من هدفه الإرهاب وليس غير ذلك بالإضافة إلى ما ثبت بالمضبوطات ونوعياتها بمقرات اللجان الفرعية والتي فصلتها المحكمة إبان استعراضها لأداة الثبوت في الدعوى وكذلكما ثبت للمحكمة من خلال مطالعتها لأرقام الهواتف التي كان يحويها المتهمون ومدى التحريض الذي تشتمل عليه ودفع أعضاء التنظيم للاحتشاد بأي وسيلة كانت وبيان أماكن التجمع لهم وتوجيههم إلى كيفية التحرك والزي الواجب ارتداؤه بديلاً عن الجلباب وضرورة التحرك في جماعات إمعاناً في التمويه والبعد عن الرصد الأمني بما تقطع بوحدة الأغراض التي هدف إليها أعضاء هذا التنظيم من شل حركة المواصلات في البلاد واحتلال الميادين العامة بها والاعتداء على حرية المواطنين العامة والخاصة وقبول كل منهم لهذا الغرض والسعي لإنجاح مخطط التنظيم هو دليل قاطع على توافر القصد الجنائي لأعضاء هذا التنظيم جميعاً.
وكان ذلك كافياً كما تراه المحكمة لاعتبار هذا التنظيم مؤسساً على خلاف أحكام القانون وحيث إنه عن القصد الجنائي في هذه الجرائم فإنه يقوم على عنصري القصد الجنائي العام وهما العلم والإرادة بحيث يفترض علماً بالوقائع أو كل ماديات الجريمة فيعلم الشخص يكون فعله يشكل انضماماً أو قيادة أو زعامة أو إمداداً أو تمويلاً ولابد من علمه يكون ذلك الفعل متصلاً بالجماعة بصورة مباشرة أو غير مباشرة كأن يكون عن طريق وسيط طالما علم أن ما قدمه من تمويل وإمداد على سبيل المثال يصل في النهاية للتنظيم الآثم المتفق على وحدة غرضه ومتى استبان للمحكمة أن هذا التنظيم يسعى لتحقيق غرضه باستخدام الوسائل الإرهابية وهما الصورة الأعم في مثل هذه الجماعات.