قال الباحث والمحلل السياسي المختص بشئون الدول الخليجية والطاقة، “سايمون هندرسون”، أن الأمير محمد -أحد الأبناء الأصغر سنًا للعاهل السعودي الملك سلمان – يعتبر صانع القرار الرئيسي في السعودية فيما يتعلق بالحرب مع اليمن، وكان قد عُين وزيراً للدفاع في يناير الماضي ويمكن أن تكون نتائج الأزمة، التي شهدت نشر وحدات من البحرية والجيش السعودي، مسألة حياة أو موت بالنسبة للسيرة المهنية للأمير الشاب، كما أنها يمكن أن تحدّد إرث والده.
شاب عديم الخبرة
وأوضح سايمون في مقال له أنه عندما أشار المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي – في خطاب ألقاه في 9 أبريل، إلى القادة الجدد في المملكة العربية السعودية كـ “شباب عديمي الخبرة”، لم يكن هناك شك بأنه كان يشير، على الأقل جزئياً، إلى الأمير محمد.
فقد برز الأمير على الساحة منذ أن خلف والده الملك سلمان، العاهل السعودي السابق الملك عبد الله في يناير الماضي، حيث شغل سابقاً منصب رئيس ديوان والده عندما كان الملك سلمان ولياً للعهد، يشغل الأمير محمد حالياً منصب وزير الدفاع فضلاً عن رئاسة الديوان الملكي، ورئاسة “مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية” الذي تشكل حديثاً، بالإضافة إلى كونه عضواً في “مجلس الشؤون السياسية والأمنية” التي هي هيئة رئيسية أخرى لصنع القرار.
واجهة حرب اليمن
وقال الكاتب المتخصص في الشأن الخليجي أنه وفي كثير من النواحي يعتبر الأمير محمد بن سلمان وجه الحرب السعودية مع اليمن التي دامت شهراً [تقريباً]، وحتى تفوّق في ذلك على ابن عمه الأكبر، نائب ولي العهد ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، الذي يشغل أيضاً منصب رئيس “مجلس الشؤون السياسية والأمنية”.
وفي الأسبوع الماضي وحده زار الأمير محمد بن سلمان البحرين لدعوة الملك حمد لزيارة الرياض، كما زار القاهرة لإجراء محادثات مع قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي. وفي الوقت نفسه، أظهرت وسائل الإعلام السعودية صوراً له في اجتماعات عقدها بصورة منفصلة مع قائد “القيادة المركزية الأمريكية” الجنرال لويد أوستن، والسفير الأمريكي جوزيف ويستفول، ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير.
ورغم أنه من الواضح أن الأمير محمد بن سلمان يحصل على قدر كبير من الخبرة العملية، لا تزال هناك الكثير من التكهنات بشأن عمره.
عمره الحقيقي
فالملك سلمان، الذي يبلغ التاسعة والسبعين من عمره هذا العام، قد أنجب ما لا يقل عن اثني عشر ولداً من ثلاث زوجات. والأمير محمد هو الإبن الأكبر من الزوجة الثالثة. وتختلف التقارير عن تاريخ ميلاده وتتفاوت ما بين 1980-1985، مع تاريخ نموذجي لعام 1988، مما يعني أن عمره لا يزيد عن سبعة وعشرين عاماً. وللحصول على تأريخ ولادة محدد هو أمر صعب التحقيق: فموقع السفارة السعودية في واشنطن العاصمة لا يعطي تاريخ ميلاد الأمير محمد بن سلمان في قائمته عن أعضاء مجلس الوزراء السعودي.
خبرة سياسية
وقال سايمون انه وبغض النظر عن عمره، فإن الأمير محمد قد اكتسب بالفعل سمعة باعتباره منفذ سياسي عديم الرحمة. فعندما أصبح والده وزيراً للدفاع في أواخر عام 2011، استخدم الأمير محمد منصبه كرئيس ديوان والده سلمان لتقويض عدد من نواب وزراء الدفاع. وقد تم شغل المنصب من قبل أربعة أمراء مختلفين في الفترة ما بين أبريل 2013 يونيو 2014، وكان المنصب شاغراً منذ ذلك الحين. وبالمثل، بصفته رئيس “مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية،” ينظر إليه على أنه المسؤول عن إقالة كل من وزير الإسكان ووزير الصحة في الشهرين الماضيين، لعدم كفاءتهما الإدارية على ما يبدو.
ويُعزى الصعود السريع جداً للأمير إلى علاقته الوثيقة مع والده، الذي يبدو أنه يحبه بشغف وقوة. ويبدو أن الملك قد وضع مسار مهنى خاص لمحمد. ورغم أن بعض الأبناء الأكبر سناً للملك سلمان قد التحقوا بجامعات في الولايات المتحدة أو بريطانيا، إلا أن الأمير محمد التحق بـ “جامعة الملك سعود” في الرياض حيث درس القانون. ومن ضمن أخوته غير الأشقاء الأكبر سناً الأمير سلطان (58 عاماً)، ورائد الفضاء السابق المسؤول عن السياحة، وعبد العزيز (55 عاماً)، الذي قضى حياته المهنية في وزارة البترول والثروة المعدنية، ورُقّي لمنصب نائب وزير في يناير. وكلاهما يجد نفسه مرؤوساً لشقيقه الأصغر بحكم رئاسته لـ “مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية”.
ومن خلال بقائه مقرباً من والده، فإن ذلك قد سمح للأمير محمد بأن يصبح مساعداً رئيسياً للملك سلمان على مر السنين، وخصوصاً بسبب تدهور صحة العاهل السعودي، الذي يستخدم حالياً عصا للمشي ويمكن أن يظهر في حيرة من أمره خلال جدوله الحافل باللقاءات – في كثير من الأحيان – مع كبار الشخصيات الزائرة.
هجوم خامنئي
وقال الكاتب انه في وقت سابق من هذا الشهر، تضمنت التصريحات الشائكة لعلي خامنئي إشارة إلى تغريدة تؤكد أن السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية قد تغيرت من “رباطة جأش” إلى “همجية”، في إشارة واضحة إلى المقاربة الأكثر فاعلية التي تنتهجها المملكة تحت حكم الملك سلمان، مقارنة بالحذر الذي لوحظ أثناء حكم الملوك السابقين. وبغض النظر عن كيفية اعتبار التحوّل، قد يبدو أنه سيعكس النظرة الإقليمية لمحمد بن سلمان.
وفي الشهر الماضي قال لوفد من الكونغرس الأمريكي كان يزور السعودية بأنه “لا يمكن الوثوق بإيران”، وسأل لماذا تتفاوض واشنطن مع الإيرانيين بشأن القضية النووية بينما يكون الإيرانيون مسؤولين عن تزايد التوترات في الشرق الأوسط.
وخلال جولة قام بها في وقت سابق من هذا الشهر، التقى بنائب وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن خلال زيارة الأخير إلى الرياض – وهي رحلة شملت أيضاً لقاءات مع وزير الخارجية سعود الفيصل، الذي يشغل منصبه لفترة دامت 40 عاماً، ومع محمد بن نايف، الذي كان الشخص المسؤول عن المناقشات الثنائية حول مكافحة الإرهاب لمدة دامت عشر سنوات على الأقل، ومحمد بن سلمان، الذي كان آنذاك وزيراً للدفاع لمدة شهرين ونصف.
وعندما سأل كاتب هذه السطور نائب وزير الخارجية بلينكين في منتدى في 15 أبريل ما الذي لديه قوله عن محمد بن سلمان في ضوء الإهانات التي صدرت عن خامنئي، أجاب بلينكن انه وجد الأمير ذو “اطلاع واسع للغاية، ويتركز [في مسؤولياته]، ويتواصل [مع الآخرين]”، قائلاً، “كان لدينا تبادل آراء جيد للغاية”. ولا تشير أياً من هذه الكلمات، مع الأخذ بنظر الاعتبار المفردات الحذرة التي يستعملها الدبلوماسيون، أنه كان هناك الكثير من الاتفاق مع مواقف وزير الدفاع الشاب.
مواجهة مع إيران
من مصلحة الولايات المتحدة أن لا تُشعر الرياض بالحرج من “مبالغتها” في قدرتها. فالدبلوماسية الرصينة، إلى جانب الضغط الذي هو أقل من أن يأتي في الوقت المناسب والناتج عن استبدال مخزونات الذخائر أو قطع الغيار المستهلكة، قد يكونا قد دفعا نحو اتخاذ قرار لوقف الغارات الجوية، التي كانت تسبب تصاعد الخسائر في صفوف المدنيين. ولا يزال هناك خطر قيام مواجهة مباشرة مع إيران، على الأقل في البحر. وفي معظم البلدان الأخرى، فإن القائد العسكري أو وزير الدفاع الذي لا يحقق نتيجة واضحة يصبح ضحية سياسية. واذا لم يحدث ذلك في المملكة العربية السعودية، فقد يجد الملك سلمان نفسه تحت ضغط من قبل كبار الأمراء نحو إحداث تغيير أكثر جوهرية.