لم يكن اعتراف أكثر أعضاء حزب النور – الذراع السياسي للدعوة السلفية – وأحد أبرز الدعائم التي قام عليها الانقلاب العسكري على أول رئيس منتخب، بالتعاون مع الأمن الوطني وتكليف أعضائه بإعداد قوائم لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين والمشاركين في الحراك الثوري في المحافظات، صادمًا للثوار ومناهضي حكم العسكر، خاصة في ظل ولاء الحزب السلفي ورجاله التام لنظام السيسي، وإظهار العداء في أكثر من مناسبة لسائر فصائل الإسلام السياسي.
عدد من السياسيين والدعاة الإسلاميين كشفوا -في تصريحات لشبكة “رصد”- منهج الحزب السلفى فى التعامل مع الحياة السياسية قبل وبعد ثورة 25 يناير، مؤكدين أن العديد من أعضاء “النور” هم عملاء لجهاز أمن الدولة “الامن الوطني الحالي”، وكانوا يرشدون عن باقي الإسلاميين حتى قبيل ثورة 25 يناير مقابل الانتشار في المساجد وإلقاء الدروس والخطب، وهو المحرك الذى دفع قياداته للسير فى فلك الانقلاب للحفاظ على المكتسبات التى ظفر بها جراء علاقته الوثيقة بالجهات الأمنية.
فتوى “المبتدعة”
عطية عدلان -رئيس حزب الإصلاح- أكد أن الدعوة السلفية كانت على علاقة قوية بالجهات الأمنية، إذ كانوا دائمي الاتصال بجهاز أمن الدولة، لافتا إلى أن بعض تلاميذهم كانوا يصرحون بأن مشايخ السلفية افتوا بإبلاغ الجهات الأمنية عن -ما وصفوهم- بـ”المبتدعة”، أي غير من يتبعون نهجهم وطريقتهم.
وقال عدلان -في اتصال هاتفي مع شبكة “رصد-“:”أنا شخصياً تضررت من بعض تلاميذهم، وفي 2006 تم تلفيق تهم لـ 27 من الإخوة كنت على رأسهم، وحكم علينا ما بين 6 أشهر وعام، مؤكدًا أن وشاية 4 أعضاء من الدعوة السلفية في الإسكندرية كانت وراء الاعتقال وتلفيق التهم التي تتضمن انشاء جماعة على خلاف القانون والسعي إلى هدم مؤسسات الدولة وغيرها من التهم المعلبة”.
وطالب عدلان شباب الدعوة السلفية، بعدم الانصياع لقادتهم، لافتا إلى أن هناك العديد من الشباب الصالحين داخل حزب النور، ولكن الأغلبية يطيعون قادتهم طاعة عمياء دون تفكير في ما يحدث على أرض الواقع”- على حد قوله-.
الدعوة بـ”المقايضة”
من جابنه، قال د. عبد الحميد بركات -عضو التحالف الوطني لدعم الشرعية-: إن بوادر الخلاف ظهرت مع بداية تأسيس الحزب السلفي الذى لم يخف علامات العداء والخلاف لسائر فصائل الإسلام السياسي، حيث نشأ “النور” بعد 25 يناير ليسلك اتجاها مخالفا عن الاخوان وباقي الأحزاب الإسلامية ” .
وأكد بركات -في تصريح لشبكة “رصد-“:” كان الكثير من أعضاء حزب النور يتعاملون مع جهاز أمن الدولة تحت ملف “النشاط الديني”، حيث كانت “الدعوة السلفية” هي الجهة المرضية عنها قبيل الثورة، وكان يسمح لأعضائها بإلقاء الخطب والدروس الدينية في المساجد دون سواهم حتى استحوذت على أكثر مساجد الإسكندرية”.
وأشار إلى أن أكبر دليل على تورطهم مع الأمن، هي دعوة ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية، إبان ثورة 25 يناير بعدم الخروج عن الحاكم، بينما الأمر تناقض تماما في الخروج على مرسي، حيث أعلنوا دعم الانقلاب والخروج على الرئيس الشرعي”.
وأوضح عضو تحالف الشرعية، أن قياداتهم كانت ترتب مع جهاز أمن الدولة بنظام المقايضة، إذ يتم الإرشاد عن الإسلاميين المناهضين للحكم، في مقابل استمرار انتشارهم في المساجد وإلقاء الخطب على نهجهم فقط”.
وحول قرار محكمة القضاء الإداري بعدم الاختصاص في الفصل في دعوى حل حزب النور، علق بركات: “للأسف محكمة القضاء الإداري حين حكمت بعدم الاختصاص، كانت تناقض نفسها، إذ سبق وأصدرت حكم على حزب الحرية والعدالة بالحل، لافتا إلى أن انجرار حزب النور نحو الانقلاب، كان ثمته البقاء” –على حد قوله-.
طلاب أمن الدولة
بدوره، قال د. محسن عبدالعال -أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر- أن سنوات ما قبل الثورة كان العديد من الطلاب الذين ينتمون لفكر “الدعوة السلفية” يمارسون أنشطة دينية بشكل مباشر ودون قيود، لافتا إلى أن الأمر كان مختلفا مع باقي الطلاب سواء في نشاط دعوي أو سياسي أو ثقافي.
وأوضح عبد العال -في تصريح لشبكة “رصد”-:” أن هناك العشرات من الطلاب تم الإرشاد عنهم من قبل طلاب برهامي وأمثاله، مؤكدًا أن الأمر وصل إلى حد تجنيد شباب الدعوة السلفية للإرشاد عن الأساتذة، وكتابة تقارير أمنية لصالح جهاز أمن الدولة”.
الخروج عن الحاكم
يذكر أن ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، قد أصدر فتوى لطلابه بأن الخروج في تظاهرات 25 يناير حرام، بحجة أنها دعوة للخروج عن الحاكم، ثم بعد تنحي مبارك، خرج قيادات الدعوة السلفية، بتصريحات تفيد بأن دعوتهم لعدم المشاركة في الثورة كانت تهدف لمنع المفاسد وحرصًا على عدم سفك الدماء.
بينما حينما تكرر الأمر في الثالث من يوليو مع الرئيس الشرعي الدكتور محمد مرسي، أعلن حزب النور والدعوة السلفية دعمه للانقلاب العسكري.
“المخبر بكار”
نادر بكار -مساعد رئيس حزب النور لشئون الإعلام- كشف دون مواربة عن قيام الدعوة السلفية، بالإبلاغ عن إمام مسجد، وضع شعار رابعة، ووجه عبارات مسيئة لعبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري، على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”.
وقال بكار -في لقاء تلفزيوني-: “إحنا وصلنا لمعالي وزير الأوقاف، إمام مسجد ربعاوي بيقول على السيسي إنه قاتل وخائن”.
برهامي العميل
وكان الداعية الإسلامي الشيخ محمد عبدالمقصود، قد أكد أن ياسر برهامي -نائب رئيس الدعوة السلفية- أحد عملاء أمن الدولة، وأضاف:”حذرت مرارا وتكرارا من برهامي وحزب الزور، والله لقد قام برهامي بالإبلاغ عن العديد من الدعاة الإسلاميين لأمن الدولة”. -بحسب تعبيره-
وقال الشيخ محمد المرشدي -الداعية الإسلامية- :”عندما يكون الموقف من الخروج على الحاكم ( المعادى للتيار الإسلامى ) قبل ثورة 25 يناير له أدلته الشرعية، ويكون لعكسه من دعم الخروج على الحاكم ( الموالى للتيار الإسلامى ) بعد الثورة أدلته الشرعية أيضا”.
وتابع:”عندئذ نحن أمام نصوص شرعية متعارضة، أو أمام فهم خاطئ لها ممن ليس له حق النظر والاجتهاد في شئون الأمة، أو أمام مجموعة سياسية انتهازية توظف الدين في كل موقف، ولا أقول مجموعة دعوية، لأن الدعاة آسرى للنص الشرعى يدورون حيث دار”.