نشرت صحيفة واشنطن بوست تقريرًا مطولاً تحت عنوان "هل تكون اليمن فيتنام مصر مرة أخرى؟"، واستعرضت الصحيفة الأمريكية أهم الخسائر التي عانتها مصر في تلك الحرب التي استمرت لثمان سنوات من 1962 حتى 1970، أي بعد ست سنوات فقط من بدء لحرب الأمريكية في فيتنام وتكبدت الولايات المتحدة خسائر فادحة.
ولم يثنِ ذلك الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عن السعي وراء التدخل في اليمن بريا، والتي لم تكن مغامرة مأمونة المخاطر، وذلك دعمًا للانقلاب الجمهوري بقيادة الجيش للإطاحة بالنظام الملكي في البلاد.
ولأن الولايات المتحدة تكبدت خسائا فادحة، وكذا مصر في حرب اليمن، خسائر عدها المأرخون باللاف وديون لم تسلم منها مصر، ولأن فيتنام كانت تتمتع بخصائص طبيعية تسببت في خسارة عدوها الأمريكي، هكذا اليمن، تتسم بصفات تجعل رسالة واشنطون بوست إلى الخليج المتمثلة في "على الخليج أن يحذر من فيتنام مصر".
ومن تلك العوامل:
أولا: الطبيعة الجبلية
أرض اليمن عبارة عن جبال عالية بركانية، تشرف على ساحل البحر الأحمر من جهة الغرب، وتنحدر في الشرق نحو صحراء الربع الخالي، وتتخللها الأودية.
وما بقي من أرض اليمن فهو عبارة عن سهل ساحلي قاحل على البحر الأحمر، عرضه حوالي 70 كلم وسهل ساحلي آخر على بحر العرب وخليج عدن، وهو سهل ضيق جداً تتخلله بعض الواحات.
وتمثل هذه الطبيعة الجبلية، لاسيما إذا صاحبها ندرة في الخرائط الطبوغرافية، عائقًا أمام أي قوة برية نظامية، واعترف بذلك مدير المخابرات العامة المصرية، صلاح نصر، إبان حرب اليمن عام 1962؛ حسب وكالة الأناضول للأنباء.
وواجهت الولايات المتحدة نفسها هذه المشكلة مرتين، ولم تستطع رغم تقدم وسائل الاستطلاع لديها وتوافر الخرائط الطبوغرافية في حلها، وكانت المرة الأولى في حربها بفيتنام عام 1956، حيث المساحات الشاسعة من الغابات، والمرة الثانية في حربها بأفغانستان عام 2001 حيث الطبيعة الجبلية.
وقال العميد صفوت الزيات، خبير عسكري لرصد إن "التدخل البري لن كون سهلا من قوة دولية واحدة بسبب طبيعىة الأرض"، مؤكدا أن الطريقة الفضلى هي التدخل بضربات جوية وعمليات خاطفة، لافتا غلى التنسيق الأخير بين السعودية وباكستان.
وأضاف "ربما تكون الحرب فقط حرب عصابات، وستواجه قوات التحالف سلاح الطبيعة الجبلية وعصابات الحوثيين".
ثانيا: الطبيعة العقائدية
"لا تحارب الجبال والإسلام معًا".. هذه العبارة التي قالها ونستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، حينما كان مراسلا حربيا في شبابه، وجاءت عبارته تعليقا على عدم نجاح الحملة البريطانية في أفغانستان أواخر القرن الـ19، والتي أرجعها تشرشل لأمرين: الطبيعة الجبلية، إضافة إلى الطبيعة العقائدية.
وقال بسام القاضي، ناشط يمين لـ"رصد" إن "طبيعة اليمنيين لا تتقبل من يتدخل في شأنها وهكذا الحوثيين يملكون عقيدة قوية تحركهم حتى وإن كانت خاطئة، وقتالهم يستلزم وقتا طويلا ويتطلب حراكا سريعا بريا ينهي العاصفة مبكرا".
ثالثا: الطبيعة القبلية
تشكل القبائل في اليمن نحو 85 بالمائة من تعداد السكان البالغ عددهم ما يزيد على 25 مليون نسمة، وقال الباحث اليمني فؤاد الصلاحي، في دراسة بعنوان "المجتمع والنظام السياسي في اليمن"، نشرها مركز الجزيرة للدراسات والبحوث في 27 مارس 2011، إن "القبيلة تبرز في المجتمع اليمني كبنى اجتماعية فاعلة وليست مجرد تشكيلات تنتمي إلى الماضي".
وأشارت صحيفة واشنطن بوست في تقريرها المنشور الثلاثاء قبل الماضي إلى أن طبيعة القبائل في اليمن تدفعهم للوقوف كتفا واحدا أمام الدخيل عليهم".
رابعا: انتشار السلاح
في ظل الدور الكبير للقبيلة، نشرتCNN أن اليمن تملك ثاني أكبر عدد من أسلحة "الرشاش" والمدافع الآلية، مشيرة إلى أن السلاح بالنسبة لكل يمني جزء مهم من مظهره الخارجي، الأصعب هو أين سيوجه السلاح إذا تم الاقتحام البري.