شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

رسالة من أسير فلسطيني محرر لعبدالله الفخراني المعتقل

رسالة من أسير فلسطيني محرر لعبدالله الفخراني المعتقل
بعث أسير فلسطيني محرر، برسالة إلى عبدالله الفخراني، عضو مجلس إدارة شبكة رصد، والمعتقل في...

بعث أسير فلسطيني محرر، برسالة إلى عبدالله الفخراني، عضو مجلس إدارة شبكة رصد، والمعتقل في السجون المصرية، قال فيها "أتابع أثر السجن عليك، وأستذكر نفسي، نستعيد معًا واقعًا تعيشه أنت وأذكره أنا".

 

وأضاف الأسير المحرر: "السجن ما هو إلا التفاصيل الصغيرة، ووقت نمضيه محاصرين بأحلام الغائبين، أتابعك وأسمع في كلماتك تذمر من كانوا معي، ألمي وخوفي ووحدتي في مرضي، تفتيشي العاري وبصاقي على السّجان، أتحسس مكان الهراوة التي لها ألم يتميز عن كل ألم في وصولها لعظامي، لقد ملأنا الأقسام ضجيجًا يا صديقي وأحلامًا، وأمنية واحدة مشتركة بيننا، أن نرى السماء من دون أيّ سلك شائك".

 

وتابع الأسير: "تُركنا نواجه وحدنا، كأننا قطعة سلاح بدون ذراع، وكأنّ أشجاننا لن تكون حزينة كفاية، أفراحنا لن تكون سعيدة كفاية، أحلامنا لن تكون كبيرة كفاية، وحيواتنا لن تكون مهمة كفاية، لتؤثر، كنا وقودًا للمرحلة وفقط."

 

واستطرد قائلًا: "نحن نواجه وحدنا يا عبدالله، ونستذكر يوميًا كل من خان، وكل من سقط، ونستذكر أصواتنا في المظاهرات مستعيدين مع بعضنا قصص إخواننا بالتحقيق، وأخبار المحاكم، مضيفين بعدًا جديدًا لعالم موازي لا يسمع ضجيجه أحد ولا يكترث له سوى: السّجان، وحارس البوسطة، وأمهاتنا".

 

وأضافت الرسالة: "لقد قرأت لك وكأنّني أسمع دبيب قدمك وأنت ذاهب إلى شباك الزيارة، كأني أراك تحبس دمعك وأنت ترى شيب أمك، والتفاصيل الصغيرة التي تختبئ وراء ’نحن بخير وننتظرك’، أعذرهم فهم لا يعلمون أنك تعيش تفاصيلهم حد الملل، ويقتلك الغياب بحد سيف".

 

وقال الأسير المحرر في رسالته: "لك أن تتخيل يأسي بالزيارة عندما لم أتعرف على فتاة تقف بعيدًا وتبكي، وعند سؤال أمي عنها فما كان منها ألا أن تقول إنها أختك الصغرى، فمع السنين تصبح وجوه من أحببنا أكثر ضبابية ويدور الزمن دورته الخبيثه، فالوقت يقتلنا ببطئ بأخذه معه كل الأشياء الجميلة التي نخبئها جيدًا في الذاكرة".


وتحدث الأسير المحرر عن نفسه، وغيره من الأسرى المحررين، قائلًا: "نحن الأسرى الفلسطينيين، كنا نخجل من إبتسامة من أمضى 36 عامًا في السجون، ورؤية أثر الغاز عليه بعد مواجهة مع الإدارة، نخجل من أسير قدم أخوته شهداء، نخجل من أننا لم نكن رجال كفاية لنقدم أرواحنا، فقدمنا سنين عمرنا فقط، حارب يأسك يا عبدالله بالمواجهة كما فعلنا، فهي غذاء روح عندما ينتزع منك كل شيء".

 

واستطرد: "لعلنا اليوم نقف على أرضيات مختلفة، ولكن إيماننا بأفكارنا هو ما دفعنا للسجون والموت؛ فسقط الأشخاص ولم تسقط الفكرة، فدولة الظلم واحدة لا تتجزأ، وهمنا واحد لا يفترق؛ فربيع دمائنا أزهر في قلوبكم ودمائكم تركت فينا جرحًا لا يندمل".

 

وحملت الرسالة أيضًا، قول الأسير الفلسطيني المحرر: "أستذكر وأنا أراكم جموع الأسرى الفلسطينيين وهم يتحضرون لموت اختياري بإضرابهم عن الطعام، كانت ركيزته الأساسية في التعبئة كتيب صغير اسمه المسلكية الثورية، يقوم على نقطتين الأولى: إيمانك بعدالة قضيتك، والثانية: هي إيمانك بحتمية نصرك. وعليه يتطوع الآلاف منا للموت دون وجل، موت أو نصر، جدلية بحثنا فيها عن كرامتنا بعيدًا عن تجار السياسة ومقاولين الدماء، وخضنا من أجلها قتالنا اليتيم".

 

واستكمل: "نحن لسنا سوى بشر لنا طاقتنا للتحمل ولسنا أولي عزم؛ هذا ما قلته أنت البارحة ودفعني للكتابة، نعم لسنا أولي عزم ولكننا أولي عزيمة نستمدها من بعضنا البعض، من شكوانا على صحن الفول وضجرنا من العدد الصباحي وإيماننا المطلق أنّ ما يراد من كل هذا سوى أن نندم على قول "ا".

 

وأسهب في الشرح، بقوله: "إنه يا صديقي صراع إرادات، فقط نحن والسجان وليس بيننا أحد، لسنا أبطال، ولعلنا نُنسى ونخرج من تاريخ الرواية الرسمية كمجرمين وقاطعي طريق، ولكن سوف نقاتل من أجل بعضنا البعض، لا نستجدي أحد، ولا نطلب تعاطف أحد؛ فهذه معركتنا وحدنا، نحن بمن معنا وسجاننا ولا ثالث لنا، فإما نكون أو يكون، فبعد الدم تنتهي الحلول، وتضج الرؤوس بثلاثة أسئلة فقط هي: كيف ننسى؟ كيف نغفر؟ وكيف نصالح؟ فنستمد منها إجابات تنفي العدم وتُسكن الروح".

 

وتابع قائلًا: "وفي وسط هذا المجون لا تنسى يا عبدالله وأنت بالإنفرادي أن تبكي كي لا يراك أحد، وأن تغني بعد تعبك بأغنية كنت تسمعها من شخص عزيز عليك وتسمع صداك، فتتطهر روحك من جديد فنحن بشر عاديين بالنهاية".

 

وحملت الرسالة حكاية ساقها الأسير الفلسطيني، للفخراني، إذ قال: "لقد اقترب يوم المحكمة يا عبدالله، وسأذكر لك ما فعله أسير فلسطيني يوم المحاكمة؛ فبعد أن لبس أجمل ما لديه ودخل مبتسمًا إلى القاعه وسمع النطق بالمؤبد ضحك، وقال للقاضي: ’الحكم حكم الله ولن تبقى إسرائيل مدى الحياة’ فما كان من القاضي إلا أن أضاف إلى حكمه 30 سنة أخرى، لقد ظن القاضي للحظه أنه قد هزمه ولكن في النهاية وكما قلت لك لا نراهم ولن نراهم فهذه هزيمتنا لهم وهكذا ننتصر في قتالنا اليتيم".

 

واختتم الأسير الفلسطيني المحرر رسالته إلى عبدالله الفخراني، قائلًا: "أطلت عليك يا عبدالله ولا يسعني إلا أن أقول إننا حملنا إرث ’لا’ ولعلها لعنة حلت بنا، وألم اخترناه وختارنا ولم يأتِ لنا طوعًا، وختم بقول تميمنا في مقام عراق: "لا يكون الذنب ذنباً إلا إذا تبرَّأَ منه مرتكبُه، فإن أحبه واعتقده صار قولاً له ورسالةً منه، وما نبيُّ قَومٍ ورسولهم إلا مجرماً عندهم، كانوا مؤمنين قبل أن يَتَنَبَّأْ، فلمَّا جاءَه الوحيُ انقلبوا في التاريخ كُفَّاراً، ألا تراه أوجعهم بها، ألا تراهم جرَّمُوه عليها، لكنه أحبَّ جريمته تلك، حُبُّهُ لهم جَرِيمَتُهُ في حقهم وإن أهداههم خَيْرَ الدارين، وجَرِيمَتُهُ في حقهم حُبُّهُ لهم وإن سفك دماءهم، أَحْبِبْ جريمتَكَ يا أخي تَفُزْ بها والحقُّ حقٌّ على الوَجْهَيْنْ".



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023