شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

في ذكرى وفاته.. أربكان رجل الفكرة والتطبيق

في ذكرى وفاته.. أربكان رجل الفكرة والتطبيق
توافينا هذه الأيام ذكرى وفاة أسم كبير من رجال الحركات الإسلامية ورائد الحركة الإسلامية في تركيا "نجم الدين أربكان".رحل البروفسير نجم الدين أربكان زعيم حركة "مللي كوروش" الإسلامية التركية، ورئيس وزراء تركيا الاسبق
توافينا هذه الأيام ذكرى وفاة أسم كبير من رجال الحركات الإسلامية ورائد الحركة الإسلامية في تركيا “نجم الدين أربكان”.رحل البروفسير نجم الدين أربكان زعيم حركة “مللي كوروش” الإسلامية التركية، ورئيس وزراء تركيا الاسبق، بعد حياة مليئة بالحراك والسجون والعمل؛ لم يتوقف لحظة واحدة عن الجهاد والعمل لفكرته حتى وفاته، وفي أشد ساعات مرضه كان يخرج ويخاطب الأتراك وجماعته، وينصحهم ويأمرهم ويحذرهم من البعد عن المنهج القويم الذي انزله الله للبشر.

قدر الله لي أن أقابل الأستاذ نجم الدين أربكان عام 2007 أثناء اول زيارة لي في تركيا كانت كل كلماته التي وجهها لي في كلامه أن الامة سنتصر لا محالة لكننا نحتاج إلى أن نعمل بكل جد دون ملل لإنقاذ المسلمين وكل الإنسانية مما وقعت فيه من ذل تحت يد النظام العالمي الذي يتحكم في كل شيء في منطقتنا.

كانت أخر رسالة له قبل وفاته بإيام قليلة للأمة وشعب تركيا أنه لا سعادة الا في ظل الاسلام، وما يحدث في العالم الآن هو أكبر دليل علي حاجة الناس للإسلام وقيمه الغائبة، لم يفرط يوماً فيما قاله وفيما وضعه من أسس لحركته التي أسسها حركة وهي حركة “فكر الامة” التي عنى بها الفكر الاسلامي، بالرغم من كل الحروب التي وجهت اليه وإلى حركته عادة كل ما وجه ضد الحركات الإسلامية في كل أنحاء العالم الاسلامي.

وكذلك كانت أخر وصاياه ألا يدفن بمراسم من الدولة وألا تقام له أي جنازات فخمة بحكم انه رئيس وزراء سابق، وأمر ان تكون جنازته عادية.

لن تستطيع الأقلام والكتابات أن توفي حذا الرجل حقه، فهو وبشهادة كل من عاداه من وضع اللبنة التب وصلت لها تركيا حالياُ ولهذا النموذج الذي يحتذى به عالميا الآن، خرجت من زعامة هذا الرجل كثير من رؤساء الوزراء والوزراء ورجال الدولة، فهو مربي واستاذ وسياسي وإسلامي ومفكر، عمل لأجل وطنه وامته طوال حياته، ومن المفارقات أنه يتوفى في اليوم الذي يسبق تاريخ الانقلاب الذي عرف بانقلاب 28 شباط، الذي وقع عليه وعلى حزبه حزب الرفاه عام 1997، وهو الانقلاب الاكثر ضرراً على الشعب التركي.

لقد علم أربكان تركيا كيف تنهض بنفسها وتصنع كل شيء بنفسها وأنها لا تحتاج لأي أحد من الخارج وقدم ذلك واقعا عملياً بالإنجازات القومية الداخلية؛ فكان أربكان يؤمن فكراً وعملاً أن الأولوية في الاتجاه نحو النهضة هو الاعتماد على الإنتاج الداخلي في كل المجالات؛ فكان اول من أنتج المحرك التركي وهو أول موتور تركي يستخدم في السيارات؛ أسس وعمل على تطوير النهضة الصناعية التركية؛ قدم الكثير من الإنجازات في المجال الزراعي والثروة الحيوانية.

وعلى المستوي العالمي والإسلامي قام أربكان بأول خطوة نحو الاتحاد الاسلامي حين أسس “اتحاد الدول الثماني” فور وصوله على رئاسة الحكومة التركية عام 1997 ولكن لم يعرف أحد قيمة هذه المؤسسة وما زال الاتحاد معطلاً حتى الآن؛ حيث جمع الاتحاد أكبر الدول من ناحية الكثافة السكانية وهي مصر وتركيا ونيجيريا وإيران وماليزيا وباكستان وبنجلادش وإندونيسيا.

هو أول من فضح خطط القوي الخارجية والايادي التي تريد أن تفتك بتركيا من صهيونية وإمبريالية عنصرية حتى أخر حياته، وبالرغم أن هذه الكلمات هي التي أدت الي محاربته وغلق أحزابه على مدي 42 عاماً الا انه استمر في جهاده حتى وافته المنية

لقد أمضي نجم الدين أربكان جميع مراحل حياته التعليمية بالتفوق والمستويات الأولي، حتى عند دخوله الجامعة بدأ من الصف الثاني لشده ذكائه واجتهاده.

أنهي الدكتوراه من المانيا في سن مبكرة وأخذ أربكان صداً واسعاً في الأوساط العلمية الألمانية وعمل بجانب أكبر المتخصصين الألمان في ذلك الوقت. وبعد رجوعه إلى تركيا عين استاذ مساعد ليعد أصغر استاذ مساعد في تركيا (27 عاماً).

وترقي أربكان في مناصبه العلمية حتي وصل إلي أن اصبح بروفسورا، كانت له الفرصة ان يمكث في المانيا للعمل والكسب المادي الا انه رفض وقال “أنا أخذت العلم لأخدم بلدي” وفور رجوعه قام بوضع حجر الأساس للصناعة القومية حتى لا يكون الأتراك محتاجين إلى الغرب حسب فكرته، وعمل اول انجازاً له فأسس أول مصانع للمحركات التي تنتج في كل أنحاء تركيا والتي كانت تصنع ببراءة الاختراع إلى الآن واستطاع أن يخرج هو وزملائه أول أوتوموبيل قومي.

بعد كل هذه الإنجازات العلمية قرر أربكان الانتقال إلى الحياة السياسية كي يقدم ما يستطيع لأجل امته ووطنه وكان هذا مسار جدل الكثيرين لماذا يترك هذا الرجل كل هذه الانجازات العلمية الفريدة ويتجه للسياسة.

عندما تقرأ سيرته العلمية قبل توجهه إلي العمل السياسي تتعجب العجب الشديد لكنه أوضح ذلك منذ أعوام حين سأله أحد المذيعين في لقاء تلفزيوني له قائلا – أتعجب ! لو بقي البروفيسور أربكان الرجل العلمي ماذا سيقدم للعالم والإنسانية أكثر من أربكان السياسي. فأجاب قائلا “لقد قدمت اعمالا كثيرة لمدة أعوام لكن طبعا اشكر الله عز وجل أن هداني واخترت العمل لخدمة هذه البلاد وهو بدون شك هو الطريق الأكثر خيرية. لأنه من الممكن أن يكون أي شخص دكتورا في الجامعة بل ويحصل على جائزة نوبل لكنه يعيش في ضنك وسفالة وقلة أخلاق فماذا تنفع إذا جائزة نوبل؛ ولهذا السبب يكون أن الشيء الأكثر فائدة هو العمل لخدمة الأمة.”

قبل فترة ظهور الأستاذ أربكان سعت جميع الأحزاب بشتى أفكارها على استقطاب الشخصيات الإسلامية للاستفادة من أصواتهم في الانتخابات وكسب تأييدها بدا الأستاذ أربكان بالظهور رسميا على الساحة السياسية عام 1969.

1969 هو العام الذي ولدت فيه حركة نجم الدين أربكان التي علمت العالم وخلق ما يسمي مصطلح الاسلام السياسي، وهو نقطة الكسر في العلاقة بين الدين والسياسة في تاريخ تركيا الحديث.

أسس أربكان أول حزب له 1970 تحت أسم “حزب النظام ” وقال يومها “جاء الحق وزهق الباطل” لم يبقي كثيراً لكنه قد نموذجاً جديداً للأتراك المسلمين للحزب العامل الذي يريد أن يحقق شيئا علي أرض الواقع وأنضم في هذا الوقت إلى الحزب أعداد كبيرة من القطاعات الاسلامية التي لم تجد من يوحدها، ولكن الحزب اغلق بعد عام ونصف من تأسيسه وسجن اعضائه. واستمرت أحزاب حركة فكر الامة في الاستمرار حتى يومنا هذا في صعود وانحسار بسبب اغلاقها كل فترة وعمل الانقلابات المصطنعة ضدها فكان حزب السلامة ثم حزب الرفاه ثم حزب الفضيلة وحالياً حزب السعادة.

لقد كتبت مجلدات وكتب، والفت رسائل الدكتوراه والماجستير في حياة أربكان السياسية، علي مدي 42 عاماً من الجهاد قدم أربكان لوطنه ما لم يقدمه أي من الشخصيات التركية المعروفة، وبالرغم انه لم يبقي في منصب أكثر من سنة، لم يخضع في يوم من الأيام إلي أي ضغط خارجي ورفض الإملاءات الغربية والأمريكية، ويروي لي أحد المقربين حين طرد السفير الأمريكي عندما طلب منه التعامل معه وحذره من التوجه الي الشرق.

لم تُعرف حتى الآن القيمة الحقيقية لهذا الرجل الذي سجل نفسه في التاريخ بإنجازاته وخدمته لوطنه وامته ولدينه ما وصلت إليه تركيا سواء الوضع الاقتصادي أو الوضع الإسلامي إنما هو امتداد لجهود هذا الرجل العظيم، ما ترك الجهاد حتى وافته المنية ورفض نصائح الأطباء قبل وفاته بعد إجهاد نفسه بالأمور السياسية ومتابعة الحزب، يروي رفيق دربه رجائي كوتان قبل وفاته كنا نتحدث عن حال الأمة عاش للأمة ومات من اجلها فاللهم أرحمه وأسكنه فسيح جناتك.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023