كشف الخبير الاقتصادي ورئيس مجلس إدارة الإهرام السابق ممدوح الولي حقيقة بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن نسب البطالة في مصر.
وأكد في تدوينة على صفحته بالفيس بوك أن العينة التي اعتمد عليها الجهاز للدلالة على أن معدل البطالة قد انخفض ثلاث مرات خلال العام الماضي، بسبب التحسن الذي طرأ على الأنشطة الاقتصادية وزيادة العمالة في مشروع توسيع قناة السويس، غير دقيقة.
وكان الجهاز قد قال إن معدل البطالة تراجع من 13.4% خلال الربع الأول من العام الماضي ، إلى 13.3% خلال الربع الثاني من العام، واستمر في التراجع خلال الربع الثالث إلى 13.1% كما واصل تراجعه إلى 12.9% بالربع الرابع من العام الماضي.
الولي قال إن الجهاز يقوم بسؤال حوالي 23 ألف أسرة بالمحافظات، عن أوضاع البطالة بها كل ثلاثة شهور، ثم يعلن النتيجة لتعبر عن وضع البطالة في مصر، وهكذا تعتبر نتائج أقل من 23 ألف أسرة ، معبرة عن أوضاع نحو 21 مليون أسرة في مصر”.
وتابع الولي أن عينة البحث لا تمثل سوى نسبة 0.1% من الأسر المصرية، أي نسبة واحد بالألف وبالطبع فإنها عينة غير كافية للتدليل على الوضع الحقيقي للبطالة.
وأضاف أن الأمر الثاني هو تعريف المشتغلين لدى باحثي جهاز الإحصاء، مشيرًا إلى أنهم وفق التعريف: “الأفراد الأكثر من 15 عامًا والذين يزاولون العمل، بأي نشاط اقتصادي لبعض الوقت، بمعدل ساعة على الأقل خلال الأسبوع الذى يجرى به البحث “.
وأوضح أن باحثي الإحصاء عندما يسألون الشخص، اذا كان قد عمل لمدة ساعة واحدة خلال الأسبوع الأخير عند سؤاله ، فإنه يكون مشتغلا ويخرج من صفوف العاطلين .
وأشار إلى أن إحصاءات الجهاز تُخرج من حسابات البطالة العمالة المؤقتة والمتقطعة والموسمية، رغم أنها تذكر أن تلك النوعيات تشكل نسبة 16 % من عدد العاملين.
ولفت الولي إلي أن الجهاز يعلق على وسيلته بتحديد نسب البطالة بأن هذا التعريف مأخوذ من منظمة العمل الدولية، ومعمول به في دول الاتحاد الأوربي، رغم أن الوضع مختلف بهذه الدول عن مصر حيث إنها توفر إعانات بطالة حتى يجد المتعطل عملا وتأمين صحي.
وأضاف: الأمر الثالث في عدم تصديق الكثيرين مقولة تراجع البطالة خلال العام الماضي، هي الأوضاع الصعبة التي تمر بها كثير من الأنشطة، حتى أغلقت بعضها أبوابها مثل مصانع النسيج والألومنيوم وورش الجلود وغيرها، أو تعمل بعضها بجزء من طاقتها الإنتاجية مثل مصانع السماد والحديد والأسمنت وقمائن الطوب .
وأوضح أن المشاكل التي تواجه الأنشطة الاقتصادية كثيرة من نقص الطاقة سواء الغاز الطبيعي أو الكهرباء أو غيره، ونقص التمويل من البنوك وارتفاع فائدة الإقراض، وقلة تدبير البنوك للعملات الأجنبية لاستيراد الخامات أو السلع الوسيطة، والاضطراب الأمني بما يعنيه من حالات سلب للسيارت، القادمة من الموانىء أو المتجهة إلى المخازن أو إلى توزيع المنتجات، فضلا عن وصعوبة تسويق المنتجات في ضوء ارتفاع تكلفة الإنتاج بسبب زيادة قيمة مكون الطاقة والنقل والأجور، والركود بالسوق المحلية، وإغلاق أربعة أسواق رئيسية لصادرات المنتجات المصرية بالعراق وسوريا واليمن وليبيا .
وتساءل الولي: بعد كل هذه المشاكل الاقتصادية والاضطرابات كيف استوعبت تلك المصانع عمالة جديدة في ظل تلك الظروف، مما أدى لانخفاض معدل البطالة ؟”.
وعلق على استيعاب توسيع قناة السويس جانب كبير من العمالة، بإشارته إلى أن تصريحات مسؤلي التوسعة تتحدث عن 23 ألف شخص مصريين وأجانب يعملون في التوسعة، وتصريحات وزيرة القوى العاملة التي قالت إنها وفرت 151 ألف فرصة عمل بالقطاع الخاص، خلال الشهور التسعة من مارس وحتى نهاية العام الماضي، كما ذكرت في نفس الوقت أن 65 ألف مصري قد عادوا من ليبيا خلال العام الماضي.
وتابع الولي: “بينما بيانات جهاء الإحصاء تتحدث عن إضافة 452 ألف مشتغل خلال العام الماضي، دون أن تذكر أية تفاصيل عن أماكن اشتغالهم أو نوعية المهن التي ينتمون إليها أو التوزيع الجغرافي لهم، واكتفت فقط بالعدد الإجمالى”.
الولي فسر بيانات الإحصاء عن تراجع معدلات البطالة بأنها ناتجة عن التلاعب لإصدار بيانات سياسية.
وتابع: “لأن معدل البطالة يأتي من خلال قسمة عدد المتعطلين على عدد قوة العمل، فإن المسألة ميسورة بزيادة عدد المشتغلين من قوة العمل كي يقل عدد العاطلين، وكلما قل رقم العاطلين وتمت قسمته على قوة العمل، كلما جاءت النسبة منخفضة “.
وأضاف أن نتيجة بيانات الإحصاء جاءت بعد الإشارة لزيادة عدد المشتغلين 452 ألف شخص، وبالتالي انخفاض عدد العاطلين بنحو 101 ألف شخص، عما كان عليه العدد بالعام الأسبق، وقال الولي: “ولكن بيانات الجهاز تناست أن هناك خريجين بالجامعات يدخلون سوق العمل، وهم الذين بلغ عددهم 463 ألف خريج بالعام الأسبق، يضاف إليهم خريجي المدارس الفنية والمتسربين من التعليم، والأميين الذين يبلغون سن الخامسة عشر عامًا فما فوق”.
وأكد الولي أن التلاعب ببيانات البطالة سبق انتهاجه عندما كان الدكتور عثمان محمد عثمان وزيرًا للتخطيط، حينما ذكر أن بيانات البطالة قد انخفضت بشكل مستمر في سنوات 2006 و2007 و2008 ، حتى بلغت 8.7% رغم تداعيات الأزمة المالية العالمية وقتها على الاقتصاد المحلي، وهي الوزارة التي يتبعها جهاز الإحصاء، وكان وزير التخطيط الحالي مساعدًا للدكتور عثمان، ومازال جهاز الإحصاء تابعًا لوزارة التخطيط !.
وأشار إلى أنه ربما يقول البعض إن معدل النمو قد زاد خلال العام الماضي، حتى بلغت نسبته 3.7% بالربع الثاني من العام الماضي، وزاد إلى 6.8% بالربع الثالث من العام، ونقول إن نفس النهج اتبعة الدكتور عثمان، حينما أوصل أرقام النمو إلى 7 % ، ورغم ذلك فلم تنخفض معدلات البطالة أو معدلات الفقر مما دفع إلى قيام ثورة 25 يناير، وأجمع خبراء نظام مبارك وقتها أنه نمو غير مولد لفرص عمل .
وتابع الولي : الظروف الدولية وتباطؤ النمو لدى دول الاتحاد الأوربي، الشريك الرئيسي لمصر تجاريًا واستثماريًا والذي بلغ 0.8% بدول اليورو خلال العام الماضي كما بلغ النمو 0.4% بفرنسا وانكمش بإيطاليا بنسبة 0.4% ، وكذلك تراجع أسعار البترول إلى النصف خلال النصف الثاني من العام الماضي، قد أثر على دول الخليج وبما ينعكس على تجارتهم واستثماراتهم بمصر، وهي أمور لا تدفع بمعدلات البطالة لدينا للتراجع”.
واستطرد: “هاهي بيانات البطالة في دول الاتحاد الأوربي نفس شهر ديسمبر الذي قال جهاز الإحصاء المصري إن معدلات البطالة لدينا قد انخفضت إلى 12.9%، قد وصلت إلى 23.7% بإسبانيا 13.4% بالبرتغال و12.9% بإيطاليا بسبب مشاكل اقتصادية وارتفاع نسب الديون، وهي مشاكل ليس من بينها الاضطراب الأمني والسياسي الموجود لدينا، كما ترتفع لدينا نسبة الديون إلى الناتج لمعدلات قريبة منهم، ومن هنا فإن معدلات البطالة بين الشباب بدول اليورو التسعة عشر خلال نفس الشهر بلغت 23 % وبدول الاتحاد الأوربي الثمانية والعشرين 21.4%”.
وختم الولي بأن بيانات الإحصاء تشير إلى تكرار التضليل في البيانات الرسمية، من بيانات الحريات الإعلامية التي تنعم بها مصر حاليًا، إلى بيانات عدم مسؤلية الداخلية عن أي قتلى بالمظاهرات المتكررة، إلى بيانات استمرار تراجع معدلات البطالة !.