“أعطنى إعلاماً بلا ضمير.. أعطِك شعباً بلا وعى”، مقولة شهيرة قالها جوزيف جوبلز، وزير الإعلام النازى لدى هتلر فى أربعينات القرن الماضى، تتفق مع المشهد الحالي لعدد من الإعلاميين المصريين الداعمين للانقلاب العسكري ولقائده عبدالفتاح السيسي.
منذ انقلاب الثالث من يوليو ومع خطاب إعلان الانقلاب صار أغلب الإعلاميون بالقنوات الفضائية يسيرون في ركابه، يأتمرون بأمره وينهون عما ينهي عنه، ووصل الأمر بكاتبة قالت له: “إغمز ونحن ملكات يمينك”.
ولعل ما كشف ذلك هو أحد التسريبات التي أذيعت له والتي تحدث خلالها عن فكرة الأذرع الإعلامية، وها هي أذرعه تمارس دورها وفقًا لما خططه لهم.
قلما وجدنا إعلاميًا يطالعنا على القنوات الفضائية يهجو وينتقد السيسي، فدومًا ما نسمع وصلات المديح والإطراء، ولكن فجأة خلال الأيام الماضية، بدأ عدد من الإعلاميين في انتقاد السيسي وتحميله مسئولية الأخطاء السياسية التي ترتكب طيلة الفترة الماضية، في شكلة “هوجة” إعلامية.
وبالرغم من حملات الدعم والتأييد التي مارسها الإعلامي مصطفى بكري طيلة العام ونصف العام من أجل قائد الانقلاب العسكري، نجده يتحول من دعم إلى انتقاد، إذ به يحذر السيسي من استمراره في إدارة الكثير من الملفات بشكل خطأ قائلاً :”كلنا عارفين لو الرئيس فشل كلنا حنضيع”.
وقال “بكري” في برنامجه على قناة “القاهرة والناس”: “بصراحة احنا اتخنقنا بصراحة إدارة أمور كثيرة جدًا في مصر غلط ، وإحنا بنحذر من بدري لأن كل مصري عارف لو الرئيس فشل كلنا ضعنا”.
أما الإعلامي محمود سعد المعروف بتودده لقائد الانقلاب وأحد الذين صمتوا على جرائمه، صار منتقدًا السيسي، ففي برنامجه “أخر النهار” مساء الأربعاء الماضي، سخر من تصريحات السيسي بأن “شيماء الصباغ” كابنته.
وقال سعد خلال برنامجه على شاشة قناة “النهار”الفضائية “يلا يا ريس إحنا خلصنا من الحكاية ديه، حكاية بنتي وأب.. دي مسئولية.. مسئولية الحاكم مش موضوع أبوة، كل واحد عليه مسئوليته لابد أن يقوم بها”.
ووجه حديثه للسيسي : “إحنا شبعنا شعارات وعناوين، مينفعش، كفاية شعارات، محتاجين مجتمع وحق وعدل وقانون يطبق على كل الناس، علشان تظهر دولة حقيقية”.
ليس هما فحسب، بل أيضًا كان من المنتقدين للسيسي على مدار الأيام الماضية، إبراهيم عيسى، إذ به يكتب في مقاله الثلاثاء الماضي – بصحيفته المقال التي يرأس تحريرها، إن حادثة استاد الدفاع الجوي نموذج لمأساوية غياب العقل السياسي في مصر، مشددا على أن هذه الأزمة كاشفة لغياب العقل السياسي في الحكم، ولابد من دفع ثمن هذا التقصير، وفق قوله.
وأضاف “ليس أمام السيسي لو كان يريدها سياسة، وليست إدارة مجموعة موظفين إلا أن يقيل وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم”.
ويُشار إلى أن ” عيسى” يُعد واحدًا من الذين داعموا وأيدوا تولي السيسي منذ أول وهلة، وصفق وأيد فض الميادين والاعتداء على المعتصمين، وكان يدعون قائد الانقلاب العسكري لمزيد من الشدة.
وعلى غير العادة، في صحيفة من الصحف المحسوبة على الانقلاب العسكري، والمعروفة بتوجهاتها الداعمة لسلطات الانقلاب، كتب أنور الهواري مقالة بصحيفة “المصري اليوم” الخميس الماضي تساءل فيها: “هل هذا هو القائد المنتظر؟” في إشارة إلى قائد الانقلاب؛ ليشير خلالها أن السيسي لم يقدم شيئًا ولم يفيد البلد، وأنه كان مخطط معد له ليأتي للسلطة.
ويتهكم “الهواري” على تصريحات “السيسي” عقب وصوله للسلطة قائلاً: “فور انتخاب القائد الجديد، قال: “مافيش وقت، أنا مش حستنّى البرلمان، عاوزين نشتغل – ، فهمتُ إلى أين نحن ذاهبون، وبالفعل: بدأت الأصوات إياها ترمى بالونة تأجيل البرلمان، والقائد ملتزم الصمت الجميل، وذهبنا نتمطوح فى الضلال المبين حتى وصلنا إلى هذا الحال الذى لا يسر عدوًا ولا حبيبًا، فلا نعرف كيف سيتشكل البرلمان، ولا نعرف كيف سندير البرلمان، ولا نعرف كيف سيكون شكل العلاقة بين القائد والبرلمان، وللمرة السادسة، تلعبُ الفئرانُ فى عِبّى”.