يرى خبراء ومحللون، أن ما جرى فى مشروع قانون الاستثمار الجديد يثير التساؤلات ويحتاج لتفسير، فمن تبشير واسع بقانون جديد يشجع المستثمرين من كافة دول العالم على ضخ استثمارات جديدة فى مصر بعد الانقلاب العسكرى، إلى إجراء تعديلات متكررة على مشروع القانون، ثم إعلان صادم من أشرف سالمان وزير الاستثمار بحكومة الانقلاب عن التراجع عن القانون الجديد والاكتفاء بتعديلات محددة على القانون القديم.
ماذا حدث اذًا ؟ ولم تراجعت حكومة الانقلاب عن مشروعها وكيف؟ وهل يصب ذلك فى صالح الاستثمار أم ضده؟ وكيف يمكن جذب استثمارات أجنبية جديدة فى ظل ذلك المناخ المرتبك والمتخبط؟ لماذا رفض الجيش قانونًا ينتزع اختصاصات لطرح الأراضي؟.نصت المادة “50” فى الفصل اﻷول من الباب الـ4 المتعلق بتخصيص اﻷراضى ،على “أنه تلتزم الجهات صاحبة الولاية على اﻷراضى بموافاة هيئة الاستثمار بخرائط تفصيلية محددة عليها كل اﻷراضى الخاضعة لولايتها على مستوى الجمهورية والمتاحة للاستثمار، باﻹضافة إلى قاعدة بيانات كاملة تتضمن الموقع، والمساحة، والسعر، والشروط اللازمة للتعاقد، والسلطة المختصة بالتصرف، كما تلتزم هذه الجهات صاحبة الولاية بتحديث هذه البيانات بصفة دورية“.
وبما أن الجيش يعد المالك الأكبر للأراضي في مصر، بحسب صحيفة “الجارديان” البريطانية، التي قالت، في تقرير لها: “إن ذلك أتى وفقًا للقرار الرئاسي الصادر في عام 1997، بمنح القوات المسلحة المصرية حق إدارة كافة الأراضي غير الزراعية، والتي تشكل 87% من مساحة مصر، فكان من الطبيعى للمؤسسة العسكرية رفض البنود الخاصة بطرح الأراضي ومنح التراخيص الخاصة بها مما كان سببًا رئيسًا في استبعاد مشروع قانون الاستثمار الموحد، الذي كان يجري العمل على إعداده، والاستقرار على إجراء تعديلات فقط على قانون الاستثمار القائم حاليًا والصادر قبل نحو 18 عامًا حسبما جاء فى تصريح صحفى لمسؤول فى وزارة الصناعة”.
وأوضح المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، في تصريح لموقع “العربي الجديد” : “أن مشروع قانون الاستثمار الموحد واجه رفضًا كبيرًا من جانب الجيش، وكذلك الهيئات التي يقع تحت ولايتها منح التراخيص والموافقات الخاصة بالأراضي”.
وأضاف: “الجيش ينظر للأراضي باعتبارها مصدر دخل إضافي له، ولا يمكن أن يتخلى عن ذلك.. لقد واجه مشروع القانون مقاومة كبيرة من جانب مراكز القوى في الدولة”.
وفى تقرير مترجم عن صحيفة “العالم” الألمانية تحت عنوان “الجيش المصري هو القوة الإقتصادية الحقيقية في مصر الذى يسيطر على نحو 45% من الاقتصاد المصري”.
وأكدت الصحيفة أنه بعد رحيل “مبارك” وتولى المجلس العسكري زمام الأمور بقيادة المشير حسين طنطاوي البالغ من العمر 75 عامًا فإن المجلس عمل بكل ما لديه من قوة على حماية تلك المصالح القتصادية المربحة، والتي جعلت من الجيش إمبراطورية تجارية وأحد أهم العوامل المؤثرة في اقتصاد البلاد.
ونقلت الصحيفة عن الخبير في شؤون الشرق الأوسط “روبرت شبرنجبورج” أن الجيش صار أشبه بالإمبراطورية التي تشغل مئات الآلاف من المدنيين وتجني مليارات الدولارات، وأن الجيش أصبح كالشركة التي لا تخوض حروبًا في الخارج ولكن تعمل على سد استهلاك المدنيين، كما أن وزير الدفاع أصبح يعمل كمدير لتلك الشركة وبدلاً من التفكير في المسائل العسكرية، أصبح وزير الدفاع مشغولاً طول الوقت بإدارة أعماله التجارية.
حتي المستثمرون الراغبون في الإستثمار في القطاع الخاص سواء في الإستثمارات العقارية ،أو المنتجعات السياحية علي طول البحر الأحمر عليهم تأجير مساحات الأراضي المطلوبة من وزير الدفاع .
وذكر “شبرنجبورج” والذي يعمل أستاذًا في كلية البحرية الأمريكية في كاليفورنيا: “أن تلك المصالح التجارية يمكن أن تكون الدافع وراء عدم قمع الجيش للثورة من اللحظة الأولى فالثورة ومشاهد الدماء في البلاد هما أمر سيء جدًا بالنسبة لأي رجل أعمال” .
كما أضاف: “أن المؤسسة العسكرية بقيادة طنطاي عملت على عدم وصول أي رئيس مدني حقيقي للسلطة حتي لا يتم الكشف عن تللك السجلات”.
ومما سبق يستنتج منه خوف وقلق المستثمرين الأجانب لضخ اموالهم واستثماراتهم فى دولة يسيطر على مايقارب الخمسين بالمائة من حجم اقتصادها مؤسسة عسكرية .
وحسبما أكد محمد البهى ر- ئيس لجنة الضرائب ،وعضو مجلس ادارة اتحاد الصناعات – فى تصريحات صحفية له “أن تصريحات وزير الاستثمار بالعدول عن إصدار القانون الجديد، والاكتفاء بتعديلات محددة على التشريع القديم تُمثل صدمة لمجتمع الأعمال بعد تلك المحاورات والمشاورات التى طالت شهورًا.