"بن علي هرب.. بن علي هرب" بالتأكيد نتذكر جميعا هذه الجملة التي كان يهتف بها مواطن تونسي بهستيريا في أحد شوارع البلد المحرر الذي خط للعرب طريق الثورة، وافتتح الربيع العربي في 14 يناير 2011.
4 سنوات مرت منذ غادرت طائرة الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، تونس ليكون أول حاكم عربي يهرب من احتجاجات شعبه لينجو بنفسه وأسرته دون أن يفكر فيما وراءه.
استقرّ بن علي وأسرته في المملكة العربية السعودية، بعد أن فشل في مواجهة الاحتجاجات التي ظلت تتزايد يوما بعد يوم، واختار بنفسه اليوم الذي تعلن فيه الثورة التونسية انتصارها على رئيس حكمهم بقبضة أمنية حديدية طيلة 23 عاما.
مرت تونس بعدها بالعديد من المنعطفات والتجاذبات بين القوى السياسية والمطالب الشعبية والاستحقاقات الانتخابية، حتى وضعت أوزاها بعد 4 سنوات أمام حركة "نداء تونس" الذي يتكون من سياسيين كانوا على وفاق مع بن علي الهارب، ممثلين أغلبية برلمانية ورئيس دولة هو الباجي قائد السبسي (89 عاما) السياسي المخضرم الذي كان أحد رموز نظام الحبيب بورقيبة الذي حكم تونس بالحديد والنار وشغل منصب رئيس مجلس النواب في عهد زين العابدين بن علي.
والمتابع لخطابات الباجي قائد السبسي يرى خطابا يستميل الثورة، ويسعى للاندماج فيها، إذ نظمت الرئاسة التونسية موكبا رسميا في قصر قرطاج الرئاسي تخليدا لذكرى الثورة، وأشرف السبسي على تلك الاحتفالات، وألقى كلمة بالمناسبة أكد من خلالها أنه "أحد حراس الديمقراطية". مؤكدا تمسكه بالمبادئ والقيم الوطنية المتفق بشأنها وهي على حد تعبيره "حق الشغل وواجب العمل والنجاح واستحقاق العدالة والمساواة".
ولكن احتفالات رئيس الحرس القديم بالثورة لم يخدع عائلات شهداء الثورة الذين احتجوا عليه خلال إلقاء كلمته، واندلعت مشادات كلامية بين الرئيس التونسي وعدد من أسر شهداء وجرحى الثورة المحتجين عما وصوفوه بـ"سوء استقبالهم وتكريمهم في المقام الأول"، بالإضافة إلى عدم إنصاف أبنائهم في ملفاتهم أمام القضاء. وكان رد السبسي أن قطع مراسم الاحتفال قائلا: "الشهداء دائما في البال".
وتعهد السبسي وزير الدفاع السابق -الذي يُعتبر على خلاف ظاهر مع حركة النهضة الإسلامية- بمحاربة الإرهاب وعدم التسامح مع من يخطط له ويبرره، مشيرا إلى أنه سيعمل على توفير الإمكانيات والتجهيزات اللازمة للمؤسستين العسكرية والأمنية للتصدي للإرهاب والجريمة المنظمة.
ويعود السؤال.. بعد تصدّر نداء تونس للانتخابات البرلمانية والرئاسية ويعدّ رئيسها رجل كل العصور: متى يعود بن علي مجددا إلى تونس؟
