قرر الاتحاد الأوروبي وبشكل قد يبدو مفاجئا عدم مراقبة الانتخابات البرلمانية في مصر التي يعتبرها أنصار مسار الثالث من يوليو خاتمة خارطة الطريق التي أعلنها قائد الانقلاب المشير عبد الفتاح السيسي بعد عزل الرئيس محمد مرسي.
وتطابق موقف الاتحاد مع موقف مركز كارتر المنظمة الأشهر عالميا في مراقبة الانتخابات، والتي أغلقت مكتبها وكل فروعها في مصر منتصف أكتوبر الماضي.
فلماذا ترفض هذه المؤسسات ذات المصداقية في مجال تغطية الانتخابات ومتابعتها على مستوى العالم عن المشاركة في مراقبة الانتخابات البرلمانية في مصر؟
الرد جاء على لسان الممثلة العليا لشؤون السياسة الخارجية بالاتحاد فيديريكا موجيريني محددا في نقاط:
غياب حقوق الإنسان
جاء في مقدمة هذه الأسباب غياب حقوق الإنسان في مصر، وعلى حد قول موجيريني: "لا يسمح بأي تفاهم بشأن حقوق الإنسان".
والمتابع لحقوق الإنسان في مصر لا يفاجئه مثل هذا التوصيف، فهناك بحسب إحصائية للبرلمان الأوروبي أكثر من 40 ألف معتقل يقبعون في سجون الانقلاب، بعضهم دون محاكمة حتى الآن.
وهناك أحكام بالإعدام تصدر من أول جلسة على أعداد بالمئات، مما استدعى إدانات واضحة من دول العالم ودعوات لعدم استغلال القضاء لتحقيق أهداف سياسية.
الرأي الواحد
والسبب الثاني الذي ساقته ممثلة الاتحاد الأوروبي يتمثل في "نقص المساحة السياسية للرأي المعارض والمساحة المتقلصة لحريتي التجمع والتعبير".
وغياب الرأي الآخر وتقلص مساحة حرية التعبير له آلاف الشواهد في دولة ما بعد الانقلاب، فكثيرون من معارضي الانقلاب خلف القضبان بتهم تتعلق بالتعبير عن الرأي، حيث يحاكم الآلاف بتهمة خرق قانون التظاهر الذي يحتوي على نقاط كثيرة تعيق الحق في التظاهر، وقد أدانته منظمات حقوقية عالمية على رأسها هيومن رايتس ووتش بالإضافة إلى عدد من الدول والحكومات على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
والإعلام المصري يواجه اتهامات متعددة بالتوجيه وغياب الرأي الآخر، حتى طال عددا ممن لم يكن لهم موقف معارض من الانقلاب مثل الكاتبين يوسف زيدان وعلاء الأسواني والكاتب الصحفي بلال فضل وغيرهم فضلا عن اعتقال 101 صحفي وإعلامي سواء من العاملين في مجال الإعلام، وإغلاق 4 قنوات فضائية، وشبكات صحفية على الإنترنت، ووقف وتعطيل طباعة 4 صحف. بحسب تقرير المرصد العربي لحرية الإعلام والتعبير.
نقص المحاسبة
وأشارت ممثلة الاتحاد إلى أن هناك "قلقاً عميقاً آخر"، يمثله السبب الثالث وهو "نقص المحاسبة"، حيث لم يُوضع أي مسئول مصري منذ الانقلاب وحتى اليوم في موضع المساءلة، بما في ذلك فضّ اعتصامي رابعة العدوية والنهضة في 18 أغسطس 2013.
وتم تبرئة جميع الضباط المتهمين في قتل متظاهري ثورة يناير، وحتى الحكم الذي صدر على نائب مأمور قسم مصر الجديدة وثلاثة من ضباط القسم في قضية قتل 37 في سيارة ترحيلات أبو زعبل تم إلغاؤه وإعادة المحاكمة من جديد.
وهو ما تمثل جليا في تبرئة الرئيس المخلوع حسني مبارك وأنه لا وجه لإقامة الدعوى ضده بقتل المتظاهرين وهو ما يمثل قمة الإفلات من العقاب وغياب المحاسبة بحسب مراقبين.
الاستقطاب العميق
أما السبب الرابع فقد أعلنه من قبل مركز كارتر الذي أغلق مكتبه الميداني وكل فروعه في مصر منتصف أكتوبر الماضي، وأعلن أنه لن يرسل مراقبين للانتخابات البرلمانية، بسبب أن "المناخ السياسي في مصر يشهد استقطابًا عميقًا، وأن الانتخابات المقبلة من المرجح ألا تؤدي إلى تقدم حقيقي في مجال التحول الديمقراطي في مصر".
وكانت اللجنة العليا للانتخابات أعلنت في 8 يناير الحالي أن انتخابات مجلس النواب التي طال انتظارها ستجرى على مرحلتين في مارس وإبريل القادمين.