شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

ملاحقة المدونين في تونس.. هل هي عودة للقبضة الحديدية؟

ملاحقة المدونين في تونس.. هل هي عودة للقبضة الحديدية؟
  شهدت تونس في الأسابيع الأخيرة اعتقالات ومحاكمات شملت مدونين ونشطاء سياسيين، وقد أعادت الحديث في البلاد عن...

 

شهدت تونس في الأسابيع الأخيرة اعتقالات ومحاكمات شملت مدونين ونشطاء سياسيين، وقد أعادت الحديث في البلاد عن تضييقات "ممنهجة" ضد شباب ثورة الياسمين، في حين يستقبل التونسيون بعد أسبوع الذكرى الرابعة لثورتهم، وسط مزيج من الآمال والمخاوف.

 

 

فالانتخابات الأخيرة قطعت شوطًا حاسمًا في الانتقال الديمقراطي، لكن مخاوف النشطاء والمدونين قائمة من انتهاكات الحريات وعودة رموز للنظام السابق.هذا الملف قد يقفز إلى صدارة اهتمامات الحكومة الجديدة التي كلف وزير الداخلية السابق الحبيب الصيد بتشكيلها، رغم توقعات المحللين بأن تهيمن على أولوياتها ملفات الأمن والاقتصاد.

 

 

ويبدو أن الاعتقالات والمحاكمات الأخيرة لبعض النشطاء لن تزيد سوى من تأجيج الجدل المتواصل في تونس حول عودة رموز النظام السابق عبر ما يطلق عليه البعض "حصان طروادة" في إشارة إلى حزب نداء تونس الذي يجمع كفاءات مستقلة و يساريين وكذلك وجوهًا من النظام السابق.

 

 

فأجواء الترحيب المحلي والدولي التي لقيتها الانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرة في تونس وآمال التونسيين بقيام "الجمهورية التونسية الثانية" التي ستقطع مع الاستبداد والقمع الذي عرفته تونس لمدة زهاء نصف قرن، تعكر صفوها حوادث اعتقالات ومحاكمات عسكرية لمدنيين من نشطاء ومدونين ومخاوف من بعض شباب الثورة من عودة رموز النظام السابق وتهديدهم للحريات التي تعتبر من أهم مكاسب ثورة الياسمين.

 

 

فقد تعرضت المخرجة السينمائية إيناس بن عثمان للإيقاف بتهمة "هضم جانب موّظف عمومي أثناء مباشرته لوظيفته". و تعود أحداث الواقعة إلى يوم الجمعة 19 ديسمبر 2014 ، حيث قررت الناشطة والكاتبة العامة لجمعية التقنيين السينمائيين، إيناس بن عثمان، التوجه إلى مركز شرطة بالعاصمة تونس لتقديم شكاية بشرطية(عون أمن) تعمل هناك، كانت قد شتمتها على موقع الفيسبوك، ولكن المشتكية أصبحت متهمة بعد أن اتهمتها الشرطية بالتطاول عليها أثناء أداء عملها وتم إيقاف المخرجة السينمائية بإذن من النيابة العمومية وهي الآن وراء القضبان في انتظار تحديد موعد جديد لجلسة محاكمتها.

 

 

وقبله في منتصف 2014 اعتقلت الشرطة التونسية المدون عزيز عمامي الذي كان له دور بارز في إشعال الثورة التونسية قبل أكثر من ثلاث سنوات، وهي خطوة قوبلت بموجة غضب واسعة في الأوساط الحقوقية والسياسية التي طالبت السلطات بوقف الملاحقات لشباب ورموز الثورة. وقال غازي مرابط محامي المدون إنه تم التعامل مع عمامي بقسوة وتعرض للضرب والإهانة عند اعتقاله.

 

و في 25 ديسمبر 2014، اعتقلت السلطات التونسية المدون والناشط ياسين العياري عند وصوله إلى مطار تونس قرطاج قادمًا من فرنسا. ووجهت إلى العياري تهمة انتقاد أداء المؤسسة العسكرية وتوجيهه اتهامات لعدد من قياداتها البارزة من خلال نشره على موقع فيسبوك مقالات تضمنت معطيات ووقائع واتهامات لقيادات رفيعة على رأسها وزير الدفاع الحالي غازي الجريبي.

 

 

وكانت النيابة العسكرية في تونس قد أوضحت في بيان لها أن إيقاف العياري تم من أجل "ثلب عدد من الضباط السامين والإطارات بوزارة الدفاع الوطني وقذفهم (ثلبهم) علنا ونسبة أمور غير حقيقية إليهم" و"نشر عدد من الإشاعات من شأنها إرباك الوحدات العسكرية والإيهام بوجود مشاكل خطيرة صلب المؤسسة العسكرية على غرار المزاعم المتعلقة بتقديم رئيس أركان جيش البر الحالي استقالته" و"اتهام عدد من القيادات بتجاوزات مالية وإدارية دون تقديم أي إثباتات على ذلك".

 

 

 

ويواجه ياسين العياري حكمًا غيابيًا بالسجن مع النفاذ العاجل لمدة ثلاث سنوات. والعياري هو ناشط ومدون تونسي عرف قبل الثورة بتدويناته المعارضة لنظام بن علي ومشاركته في تظاهرة "نهار على عمار" الشهيرة احتجاجًا على حجب مواقع الإنترنت والمدونات رفقة مدونين آخرين على غرار لينا بن مهني وسليم عمامو وهو أيضًا نجل الطّاهر العيّاري أول ضابط سامي في تاريخ الجيش التونسي يعتبره التونسيون شهيدًا في جبهة قتال مباشرة مع مجموعات إرهابية في مايو .2011

 

ووجه العياري مؤخرًا عبر صفحته في فيسبوك انتقادات لاذعة للباجي قايد السبسي مؤسس ورئيس حزب نداء تونس والذي انتخب مؤخرًا رئيسًا لتونس منددًا بما وصفه المدون الشاب "تزويرًا للانتخابات وللإرادة الشعبية".

 

 

ويوضح شرف الدين القليل، محامي العياري في حديثه إلى DWعربية أن ملف ياسين العياري هو "ليس بسابقة، فقد أحيل شخصيًا على القضاء العسكري من أجل نفس التهمة، وكذلك أيوب المسعودي مستشار المنصف المرزوقي سابقًا، وهي تهمة الفصل 91 من مجلة المرافعات العسكرية التي تقضي بسجن كل عسكري أو مدني يمس من كرامة الجيش وسمعته ومعنوياته من خلال الكتابة أو الصور أو القول".

 

 

ويضيف القليل أن هذه الإحكام هي "أحكام انتقامية وليست ردعية وهي أحكام تتناقض مع ما جاء به الدستور الجديد للجمهورية التونسية الثانية، فالفصل 110 يقر بأن المحكمة العسكرية ليست مختصة في محاكمة المدنيين.

 

 

ويواجه المدون حكيم الغانمي نفس التهمة بعد أن على نشر على مدونته "ورقات تونسية" رسالة مفتوحة إلى وزير الدفاع انتقد فيه بشكل حاد طريقة تعامل المستشفى العسكري بقابس (جنوب شرقي البلاد) مع المرضى.

 

 

هل هي محاولات لعودة القبضة الحديدية؟

 

 

من جهتها، تقول مريم البريبري مدونة ومدافعة شرسة عن قضايا شهداء الثورة التونسية في حوار آخر مع DW إن"القبضة البوليسية الحديدية عادت بل ومن الباب الواسع، وبعد أن جثم النظام لمدة سنوات على أنفاس الشعب التونسي تحت عنوان "حكم الحزب الواحد والديكتاتورية والتمديد والتوريث" هاهو اليوم يعود إلى الواجهة تحت عباءة الشرعية الانتخابية وديمقراطية الصناديق.

 

 

وتضيف البريبري "الأمر لا يتعلق بمخاوف بل بواقع، فبعد الإعلان عن فوز حزب نداء تونس بالأغلبية في الانتخابات التشريعية، قام أعوان الشرطة باستدعاء مجموعة من الشبان والنشطاء على خلفية ما يكتبونه على صفحات فيسبوك حول اعتداءات بعض الأعوان على المواطنين وأثناء التحقيقات استظهر الأعوان للشباب بمجموعة من النسخ مما كتب على فيسبوك وتم التحقيق معهم على خلفية علاقتهم ببعض المدونين والنشطاء".

 

 

وانتقدت منظمات حقوقية محلية وكذلك منظمة مراسلون بلا حدود الايقافات وخصوصًا في حق المدون ياسين العياري. ومن جهتها دعت منظمة هيومن رايتس ووتش الأميركية غير الحكومية في وقت سابق، الحكومة التونسية إلى إسقاط بنود منها البند 91 من قانون القضاء العسكري، المتعلقة بتهم انتقاد الجيش، كما طالبت المنظمة الحقوقية الأميركية بوقف محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية.

 

 

بيد أن الدوائر القريبة من الحكومة التونسية تنفي وجود نوايا أو ممارسات تهدد الحريات، بقدر ما يتعلق الأمر بإجراءات لمواجهة ما تصفه بمظاهر "الانفلات الإعلامي"، والذي قد يتسبب في المس بمعنويات الجنود ورجال الأمن الذين يخوضون مواجهات مفتوحة مع الجماعات الإرهابية.

 

 

وفي رده على المخاوف التي يبديها بعض النشطاء من عودة القبضة الأمنية في ظل تولي حزب نداء تونس للحكم، يعتبر عضو المجلس الوطني لنداء تونس والناشط الشبابي مجدي الحسيني، أن "أكبر مكسب حققه الشعب التونسي بعد ثورة الكرامة هو حرية التعبير وأن المؤسسة العسكرية ليست فوق النقد"، ويضيف أن "الشباب المنخرط والناشط في صلب حزب نداء تونس سيسعى إلى تفعيل ما طالب به الشعب التونسي من حريات وعلى رأسها حرية التعبير" معتبرًا أن الحريات "حق دستوري سيكون الشباب هو الضامن لحمايته داخل الحزب (نداء تونس) وخارجه".

 

 

 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023