اختلفت الدول والعقليات والسياسات واحدة، فمن مصر إلى تونس اختلفت الدول ولكن الاعتقالات واحدة.
ففي الوقت الذي تشهد فيه مصر ردة كبيرة في الحريات، وحملات اعتقال موسعة لكل معارض للسلطات منذ انقلاب الثالث من يوليو، إثر القبضة الأمنية التي يمارسها قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، جاء الباجي قائد السبسي رئيسًا لتونس كي يسير على ذات خطى السيسي في مصر.
ويبدو أنه كتالوج واحد، فصباح الخميس الماضي اعتقلت قوات الأمن في تونس المدون التونسي ياسين العياري لدى وصوله إلى مطار تونس قرطاج الدولي .
ووفقًا لـ"سمير بن عمر" محامي "العياري"، أكد إحالة موكله إلى المحكمة العسكرية بالعاصمة التونسية بسبب صدور حكم غيابي ضده يقضي بسجنه مدة 3 سنوات مع الإذن بالنفاذ العاجل.
وقد وجهت للعياري تهمة انتقاد أداء المؤسسة العسكرية وتوجيهه اتهامات لعدد من قياداتها البارزة من خلال كتابته مجموعة من المقالات، نشرها على حسابه الخاص على شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
وبحسب محامي"العياري"، فبالرغم من اعتراض العياري على هذا الحكم إلا أنه تم إيداعه بالسجن المدني بالمرناقية بانتظار مثوله أمام المحكمة العسكرية في جلسة بتاريخ 6 يناير 2015 .
هذا وقد سادت حالة من الإستياء والغضب داخل الأوساط التونسية إثر اعتقال "اليساري"، فمن جانبه، أصدر حزب "القراصنة" التونسي بيانًا أدان فيه اعتقال المدون "ياسين العياري" معتبرين حكمه حبسه جائر.
وقال الحزب في بيانٍ له: "ورجعت حليمة لعادتها القديمة، على إثر عملية إيقاف الناشط السياسي كاتب عام حركة سواهد، والمدون والمهندس أحد رموز الحراك السيبرني لفترة ما قبل هروب بن على وبعده ولحد تلك الساعة، كنا نظن أن عملية الإيقاف التي تعرض لها ياسين كغيرها من عمليات الإيقاف التي تعرض لها، ولكن تبين لنا أنها ليست مجرد عملية هرسلة بل هي عملية محاسبة وتكبيل لليدين وإخراص للأفواه بتحويله للمحاكمة العسكرية".
فيما علق الكاتب الصحفي وائل قنديل، رئيس تحرير صحيفة العربي الجديد على اعتقال المدون التونسي في مقاله له اليوم قائلًا: "باعتقال الناشط التونسي، ياسين العياري، بسبب تدوينة، وحبس المصري، كرم زكريا، عضو حركة 6 إبريل، بسبب نقرة إعجاب لايك في إحدى الصفحات الثورية على فيسبوك، يكون الواقع العربي قد أسقط آخر ورقة من شجرة الربيع، معلنًا الدخول رسمياً في مرحلة خريف الديمقراطية وحرية التعبير".
وقال "قنديل" في مقالته: "وليس من قبيل المصادفة أن يأتي إيقاف العياري في تونس، وزكريا في مصر، مباشرة بعد الإعلان عن استعادة الدولة العميقة هيمنتها على السلطتين التشريعية والتنفيذية في تونس ومصر، الرسالة شديدة الوضوح: ها قد عدنا للانتقام، يا أوغاد الربيع، فانتظروا حسابًا عسيرًاعلى ما اقترفتموه من حلم بالحرية والديمقراطية والاستقلال".