شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

“سيناء”.. موقع استراتيجي.. وإهمال حكومي

“سيناء”.. موقع استراتيجي.. وإهمال حكومي
"سيناء" هي الجزء الشمالي الشرقي من مصر، وهي مفتاحها العبقري في قلب العالم بقاراته وحضاراته، وهي محور...

"سيناء" هي الجزء الشمالي الشرقي من مصر، وهي مفتاحها العبقري في قلب العالم بقاراته وحضاراته، وهي محور الاتصال بين آسيا وأفريقيا.. بين مصر والشام.. بين المشرق العربي والمغرب العربي.

خاضت مصر من أجلها الحروب، للدفاع عنها واستردادها من العدو تارة، ولمحاولات تعميرها تارة، وأخيرًا محاربة ما أسماه الانقلاب بـ"الإرهاب"، تارة أخرى.

تبلغ مساحتها 60.088 كم2، وتمثل 6% من مساحة مصر، ويسكنها 597.000 نسمة، وتلقب بأرض الفيروز.

تتكون شبة جزيرة سيناء إداريًا من محافظتين: شمال سيناء، وجنوب سيناء. كما يتبع الساحل الشرقي لقناة السويس محافظات بور سعيد والإسماعيلية والسويس، مركزها الإداري والحضري مدينة العريش.

وتنقسم إلى محافظتين ومناطق ثلاثة: مركز العريش في الشمال، وبلاد التيه في الوسط (مركزها مدينة نخل)، ومركز الطور في الجنوب حيث الجبال العالية وأهمها جبل موسى 2.285 مترًا، وجبل القديسة كاترينا 2.638 مترًا (أعلى جبال مصر)، وبتلك الجبال يقع دير سانت كاترين تلك الكنيسة الأثرية الغنية بالمخطوطات، والتي بناها جوستنيان عام 527.

تحاط سيناء بالمياه من ثلاث جهات: البحر المتوسط في الشمال (بطول 120 كيلو مترًا) وقناة السويس في الغرب (بطول 160 كيلو مترًا)، وخليج السويس من الجنوب الغربي (بطول 240 كيلو مترًا)، ثم خليج العقبة من الجنوب الشرقي والشرق (بطول 150 كيلو مترًا)، وهكذا تملك سيناء وحدها نحو 30% من سواحل مصر.

احتلت سيناء من قبل العدو الصهيوني مرتين: إحداهما عام 1956، ثم انسحبت بعد مدة قصيرة، والمرة الثانية بعد أن قام الكيان الصهيوني بشن حربٍ على كلٍ من سوريا وفلسطين ومصر، احتلت على إثرها شبه جزيرة سيناء عام 1967، ثم خاض الجيش بعدها حربًا هُزم فيها، والتى سميت "بنكسة 67"، ثم تم تحريرها عام 1973 والتى سميت بحرب أكتوبر.

خاضت سيناء – ما بعد التحرير – حروبًا أخرى، من نوع آخر، ما بين إثبات وجودها ضمن خريطة مصر، وما بين محاربة إهمال الدولة لها منذ أن تم تحريرها وحتى يومنا هذا، حيث باتت سيناء وأهلها محل تهميش من قيادات الدولة، فكانت دائمًا آخر ما تفكر به الحكومات – بالرغم مما تتمتع به من موقع استراتيجي، وثراء اقتصادي؛ نظرًا لتوافر الخامات الطبيعية والمعادن – وبدلًا من أن تصبح سيناء موقعًا لنمو الاقتصاد وإنشاء المصانع والاستثمار، أصبحت مأوى لتجارة المخدرات والأسلحة.

وفى فترة ما بعد ثورة 25 يناير، بدأ الحديث بشكل مكثف عن تنمية سيناء واستثمار أراضيها، وتنمية أهلها، والاهتمام بها كموقع استراتيجي لمصر، وجاء ذلك خاصة فى البرامج الانتخابية لمرشحي الرئاسة بعد ثورة 25 يناير، وعلى رأسهم الرئيس محمد مرسي، والذى كان قد بدأ بالفعل فى إعداد مشروعات لتنمية سيناء.

وعد مرسي فى فترة رئاسته، بتطهير سيناء من الإرهاب، الذي يعصف بها، حيث بدأت بؤر إرهابية مجهولة فى شن هجماتها على قوات الجيش فى سيناء. وفى شهر أغسطس عام 2012، وإثر هجوم نفذه مجهولون مسلحون على حاجز أمني في مدينة رفح  شمال سيناء قرب معبر كرم أبو سالم، قُتل ١٦ ضابطًا وجنديًا، وأصيب ٧ آخرون،  فيما عرف بـ"مذبحة رفح الأولى".

وفى 16 مايو عام 2013 تعرض 7 جنود مصريين للاختطاف على يد "عناصر مسلحة" شمال سيناء، وأثارت ضجة كبرى في مصر، لكن تمّ الإفراج عنهم في 22 من مايو، دون القبض على الجناة، ودون الإعلان عن هويتهم حتى يومنا هذا، بالرغم من تصريحات قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي بنيته فى الإعلان عن منفذي تلك العملية، واتهامه لمرسي بالتضحية بأرواح المجندين، إلا أنه حتى الآن لم يعلن عن منفذى تلك العملية ولم تتم محاسبتهم.

كانت سيناء"حجة" السيسي الأولى للانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي، ومدخلًا للشعب المصري، لتطهيرها من ما أسماه بـ"الإرهابيين"، وهو الأمر الذى ثبت عكسه مع الوقت؛ فبدلًا من أن يطهر عبد الفتاح السيسي – رئيس الانقلاب – سيناء، قام بقتل الشعب المصري المدني فى كل محافظاته، بالتزامن مع التفجيرات المستمرة بسيناء دون حل ملموس أو تطهير حقيقي.

ومنذ اللحظة الأولى التي أعلن فيها قائد الانقلاب العسكري، المشير عبد الفتاح السيسي، عزل الرئيس المصري محمد مرسي، وتعطيل العمل بالدستور، وتسليم المجلس العسكري مقاليد الأمور في البلد التي لم تمر على ثورتها 3 أعوام – تم إقحام الجيش المصري في المعترك السياسي بصورة مباشرة.

الجيش المصري الذي كانت حادثة إصابة جندي واحد من جنوده كفيلة بإسقاط حكومة، أو ربما إسقاط نظام، لم يعد غريبًا اليوم أن تتصدر أخباره صفحات الجرائد بقتلي وجرحى في صفوف جنوده وضباطه.

وبدلًا من أن يطهر "السيسي" سيناء، أصبحنا نستيقظ – بشكل يومي ومعتاد – على خبر لتفجير، وقتل، وخطف، للجنود المصريين بمنطقة سيناء، حتى شهدت المنطقة – منذ بداية الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013 وحتى الآن – 26 هجومًا إرهابيًا، استهدف قوات الجيش والشرطة، وخلّف  100 جندي قتيل وعشرات المصابين.

ومن الملاحظ أن قائد الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، قد شهد – وهو فى موضع قيادة الجيش منذ عهد الرئيس مرسي وحتى الآن – كل تلك الحوادث، فحين كان السيسي رئيسًا للمخابرات الحربية فى فترة ثورة 25 يناير وحتى عينه مرسي وزيرًا للدفاع، حدثت الكثير من العمليات الإرهابية وقتل الجنود، ثم عين وزيرًا للدفاع فى عهد مرسي، ثم رئيسًا للانقلاب بعد الإطاحة بمرسي، وعلى الرغم من ذلك كله لم تتم محاسبته على كل تلك العمليات حتى الآن.

وفى الوقت الذى خرجت أصوات تطالب بتهجير أهالى سيناء وعزلهم من المنطقة تمامًا، متهمين إياهم بالتخطيط لتلك العمليات الإرهابية، نشرت جريدة الوطن عن مصدر مطلع، عن خطة أمريكية صهيونية فى المنطقة الحدودية فى سيناء، والمعروفة فى اتفاقية السلام باسم المنطقة «ج» تهدف لتعميق الأمن الاستراتيجى الصهيوني، وقال: إن مجموعة من الخبراء الأمريكيين مشطوا المنطقة الحدودية، من مدينة رفح شمالًا وصولًا إلى مدينة طابا جنوبًا، على الشريط الحدودى الموازى مع الأراضى الفلسطينية المحتلة، ورسموا خرائط للمنطقة مدونًا عليها خطة عزل بطول 200 كيلومتر، وبعمق يتراوح بين 10 إلى 20 كيلومترًا، وإخلاء المنطقة من السكان.

وأكد المصدر أن لديه معلومات سرية أن هذا المخطط وضع لضمان أمن الكيان الصهيوني، وعزل منطقة من الحدود لمراقبتها جيدًا، ومنع إطلاق الصواريخ منها مستقبلًا على الكيان الصهيوني، إضافة إلى وضع أجهزة حديثة فى هذه المنطقة تدار من داخل تل أبيب لمنع أى خطر يهدد أمن دولة الكيان الصهيوني.

وأضاف: هناك عدة محاور للمخطط تبدأ بعزل منطقة حدودية بعمق محدد، وزرع أجهزة حساسة على أن يشترط ترحيل الأهالى من المنطقة، مع بقائها منطقة صحراوية خاوية، وتزويد هذا الشريط بطائرات دون طيار لمراقبتها بعد إقناع مصر بضرورة هذا المخطط، على أن توكل هذه المهمة أمام الحكومة المصرية – من الناحية الشكلية – لقوات حفظ السلام.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023