كما هو الحال بعد كل حرب يشنها الكيان الصهيوني على قطاع غزة ، يأتي التفكير فى كيفية إزالة الآثار ما سببه الكيان الصهيوني بالبشر قبل الشجر والمباني ، إلا ان تلك المرة كانت ذات الخسائر الأكبر ، وبالرغم من تعهد مشاركون في المؤتمر الدولي لإعادة إعمار قطاع غزة، في القاهرة مساء أمس الأحد، بتقديم نحو 5.4 مليار دولار نصفها لإعادة إعمار القطاع ، إلا أن سياسيون قد رجحوا أن الأمر بلا فائدة في حال عدم توفر ضمانات دولية بأن لا يعاود الصهاينة لشن حرب على القطاع لتدمر ما تم إعماره.
وكانت صحيفة يديعوت أحرونوت الصهيونية، في عددها الصادر الجمعة، نقلت عن مصدر أمني إسرائيلي، قوله إن "الحكومة الإسرائيلية تعد خطة أمنية تمنع اندلاع مواجهة قريبة مع غزة، وتستلهم تجربتها مع الضفة الغربية".
وقالت الصحيفة إن "الجيش الإسرائيلي تلقى تعليمات من وزير الدفاع موشيه يعلون بالعمل على مد التسهيلات لتشمل قطاع غزة بهدف تأجيل جولات القتال بشكل جوهري".
فيما التزم رئيس الحكومة الصهيونية صمته حيال مؤتمر إعادة إعمار غزة الذي احتضنته القاهرة أمس الأحد، لكن أوساطا غير رسمية وجهات حكومية أبرزها وزارة الخارجية اعتبرت المؤتمر دعما للإرهاب.
وكان المؤتمر قد تعهد بتقديم 5.4 مليارات دولار لإعادة إعمار قطاع غزة الذي دمره العدوان الأخير.
وفي الوقت الذي هاجمت بعض الأوساط مؤتمر القاهرة وشككت في مشروع إعادة الإعمار لم يتطرق إليه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في لقائه مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
وأضافت أن "الطريقة التي سيستخدمها الجيش هي تقديم امتيازات وتسهيلات في التنقل تقدم لسكان الضفة وبصورة تدريجية لسكان غزة، وتنقل المواطنين بين الضفة وغزة".
وقال تيسير محيسن، المحلل السياسي والكاتب الفلسطيني "أن إسرائيل ماضية في التفكير بطريقة عكسية عن سياسة السنوات الماضية، القائمة على التضييق وفرض الحصار القاسي بكافة أشكاله".
وأضاف: "فعليا إسرائيل تريد أن تتخلى عن سياسة (لا تحيا غزة، ولا تموت)، وهي الآن ذاهبة نحو السماح بإعادة إعمار القطاع، وتدريجيا ستقوم برفع الحصار، لأنها أيقنت بعد الحرب الأخيرة التي شنتها أن هذه السياسة فشلت، ولم تنجح بتحقيق أهدافها، فسكان القطاع كشفوا عن صمود أسطوري، والتفاف غير مسبوق حول المقاومة".
وأوضح محيسن أن "إسرائيل توصلت لقناعة بعدم جدوى الحصار"
وفي مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية العامة الأحد، قال وزيرخارجية الصهاينة، أفيغدور ليبرمان، إن "إسرائيل غير معنية بمهاجمة القطاع مرة أخرى"، لافتا إلى أن "إسرائيل لا تبحث عن أي مغامرات ولكن إذا تجدد إطلاق القذائف الصاروخية على أراضيها فمن حق إسرائيل الدفاع عن نفسها".
فيما قال وسام عفيفة المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة "الرسالة" الفلسطينية نصف الأسبوعية إن "عملية إعادة إعمار قطاع غزة التي وفر لها المؤتمر الدولي في القاهرة الأموال اللازمة ستكون بدون أي قيمة في حال عدم توفر ضمانات سياسية ودولية بأن لا تعود إسرائيل لشن حروب جديدة على غزة تدمر فيها ما تم إعماره".
وأضاف عفيفة أن "التوقيع على اتفاقية روما الأساسية هو الحل لعدم شن إسرائيل أي حروب جديدة على غزة في الأعوام المقبلة".
وأوضح أن انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية لمقاضاة مرتكبي "الجرائم الخطيرة" من الإسرائيليين سواء على المستويات السياسية أو العسكرية سيكون ضمان لعدم تكرار شن حروب تدمر ما تم إعماره.
وأشار إلى أنه من الضروري أن يتم إشراك إسرائيل في إعادة إعمار قطاع غزة من خلال إجبارها دوليا على دفع جزء من تكلفة هذه العملية، لأنها المسؤول الأول والأخير عن ما خلفته الحرب من دمار، وليدرك القادة الإسرائيليين أن شن الحروب وإتباع سياسة التدمير الشامل سيكون مقابل ثمن باهظ.
ورأى عفيفة أن عملية الإعمار ستواجه صعوبات كبيرة في ظل توجه بعض الأطراف لاستغلال هذه العملية لفرض سياسة "الإعمار مقابل توفير الأمن لإسرائيل"، مستبعدا أن تقبل الفصائل الفلسطينية بهذه السياسة.
وتوقع أن تنجح الحكومة الفلسطينية في الحصول على الأموال التي قدمتها الدول المانحة خلال المؤتمر الدولي لإعمار قطاع غزة اليوم، بخلاف ما كان عليه الحال بمؤتمر الإعمار الذي عقد في شرم الشيخ، شرقي مصر، عام 2009، حيث فشلت عملية الإعمار في ذلك الوقت بسبب الانقسام الفلسطيني.