تشهد الأزمة اليمنية منذ مساء أمس منحنًا جديداً بعد دخول اليوم الرابع على التوالي في الاقتتال بين قوات الحكومة اليمنية، وبين جماعة الحوثي، حيث سيطرت الجماعة مساء أمس على مقر التلفزيون الرسمي للدولة، وبعضًا من المواقع العسكرية في العاصمة صنعاء، رغم إعلان الأمم المتحدة التوصل لاتفاقٍ لانهاء الاقتتال بين الطرفين، كان يتوقع توقيعه اليوم.
وبدون مقاومة، تسلم الحوثيون البنك المركزي اليمني، ومبنى مجلس النواب، والهيئة العامة للطيران المدني للأرصاد، وعدد من المنشآت الحكومية الرسمية.
وقبل قليل، سيطرت الجماعة على مقر القيادة العامة للقوات المسلحة اليمنية، كما سقط في يديها كل من مقر الحكومة الرئيسي، ومقر إذاعة صنعاء، ومقر وزارة الدفاع؛ عقب سقوط الفرقة الأولى مدرعات، فيما اتجه الحوثيون قبل قليل نحو حدّة، التي شهدت في صباح اليوم، مواجهات في جولة المصباحي.
وبدأ القتال الذي تكثف منذ الخميس الماضي، بعد أسابيع من المظاهرات والاشتباكات، والتي كانت تمثل التحدي الأكبر الذي يواجهه التحول الديموقراطي، عقب إطاحة الرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح، إبان انتفاضة شعبية في 2012,
ويبدو أن نية الحرب ومظاهره هي التي تسود في الجزء الشمالي من العاصمة اليمنية صنعاء، حيث انتهت مهلة الـ12 ساعة الرئاسية التي منحها الرئيس اليمني للجماعة الحوثية المسلحة للتوقيع على الاتفاق الذي كان قد عاد مبعوث أمين عام الأمم المتحدة إلى اليمن، السيد جمال بنعمر، بمسودته النهائية من صعدة حيث يتواجد زعيم الجماعة الحوثية المسلحة.
وخلال المهلة الرئاسية، شهد القسم الشمالي من العاصمة اليمنية، أعنف المواجهات والقصف بين الجيش اليمني وجماعة الحوثي، التي يساندها عسكريون محترفون من الموالين للرئيس السابق، وفقاً لمصادر قريبة من قيادة الجيش، الأمر الذي يعزز الاعتقاد بالطبيعة الانقلابية لتحركات الحوثيين وحلفائهم من أنصار الرئيس السابق، وفقًا لما أكد الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، علماً بأن التلفزيون عاود البث بعد ساعة من توقفه، من موقع آخر في العاصمة، فيما أشارت مصادر إلى أن الحوثيين سيطروا على مقر الفرقة السادسة ومقر القيادة العامة للقوات المسلحة بعد حصول مواجهات بالأسلحة.
وفي وقت لاحق، أعلن "عبد السلام" السيطرة على مقر الفرقة الأولى مدرعات، أي مقر اللواء علي محسن الأحمر، الذي يبدو أنه تمكن من الفرار، مع العلم أنه من ألد أعداء الحوثيين.
وقال إن "اللجان الشعبية أعلنت التطهير الكامل والكلي لمقر الفرقة الأولى مدرع المنحلة وتعلن أن علي محسن الأحمر مطلوبًا للعدالة".
وما زال الحوثيون يحاصرون مبدئيًا جامعة الإيمان معقل الداعية الإسلامي، عبد المجيد الزنداني، وهو أيضًا من أبرز أعداء الحوثيين.
وفي محافظة الضالع، اختطف مسلحون مجهولون، اليوم، مسؤولًا في الأمن السياسي "المخابرات" واثنين من مرافقيه، بحسب مصادر في أسرته.
وقالت مصادر في أسرة العقيد محمد طاهر الشامي، مدير الأمن السياسي بمدينة دمت بمحافظة الضالع، إن "مسلحين مجهولين يرجح انتماؤهم لتنظيم القاعدة، اختطفوا "الشامي" مع اثنين من مرافقيه شمال شرق مدينة دمت أثناء قيامه مع مسلحين قبليين بملاحقة مسلحين آخرين".
وأكد شهود عيان ومصادر سياسية أن عددًا كبيرًا من المقار العسكرية والسياسية التي سيطر عليها الحوثيون لم تشهد أي مقاومة من جانب الجيش.
وفي تلك الأثناء، قدم "باسندوة" استقالته، متهمًا رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي، بالتفرد بالسلطة، وذلك بعد أكثر من شهر على بدء المتمردين الحوثيين الشيعة تحركهم للدفع نحو إسقاط الحكومة والتراجع عن قرار رفع أسعار الوقود.
وأشار "باسندوة" الذي يرأس حكومة وفاق وطني شكلت بموجب اتفاق انتقال السلطة الذي وضع حدًا لحكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح أنه "بالرغم من أن المبادرة الخليجية (اتفاق انتقال السلطة) وآليتها المزمنة نصتا على الشراكة بيني وبين الأخ الرئيس في قيادة الدولة، لكن ذلك لم يحدث إلا لفترة قصيرة فقط ريثما جرى التفرد بالسلطة لدرجة أنني والحكومة أصبحنا بعدها لا نعلم أي شيء لا عن الأوضاع الأمنية والعسكرية ولا عن علاقات بلادنا بالدول الأخرى".
وفى تعليق على الاحداث اليمنية قال موقع "شيعة أون لاين" الرسمي التابع للحوثة الشيعية في إيران، المقرب من الحكومة الإيرانية، حول آخر الأحداث والتطورات الميدانية في اليمن قائلًا،إن "حرب الحوثيين الحقيقية بدأت الآن، بمعارك صنعاء مع التيارات الإسلامية المعارضة لثورة الحوثيين في اليمن".
وأضاف الموقع الإيراني بأن النتائج الرسمية للمفاوضات بين الحكومة اليمنية والحوثي لم تكن إيجابية، وأن الحوثي لم يرضخ أو يتراجع للضغوط التي يتعرض لها خلال المفاوضات التي تجري في صنعاء، وأن الثورة اليمنية الإسلامية مستمرة بقيادة عبد الملك الحوثي ضد الحكومة اليمنية، بحسب تعبيره.
واتهم الموقع حزب الإصلاح، جناح الإخوان المسلمين في اليمن، بأنه شكل مليشيات مسلحة لدعم الجيش اليمني لقتل الحوثيين والثوار، المتظاهرين لإسقاط الحكومة في صنعاء.
وبرر الموقع الإيراني دخول مسلحي جماعة الحوثي إلى صنعاء قائلاً: "إن حزب الإصلاح اليمني، هو من بدء بالهجوم المسلح على مواقع الحوثيين في صنعاء محاولاً إخراج الحوثيين من نقاطهم التي يسيطرون عليها هناك، وعلى هذا الأساس يحق لمسلحي جماعة الحوثي حق الرد على كل من يحاول المساس بالثورة الشعبية، التي انطلقت باليمن بقيادة عبد الملك الحوثي"، على حد قوله.
وأضاف بأنه لو كانت هذه المناطق، "متصلة بالمناطق التي يسيطر عليها الحوثيين لسقطت العاصمة اليمنية صنعاء بيد الحوثيين ولانتصرت الثورة الشيعية بقيادة الحوثي في اليمن".
وأكد الموقع الإيراني بأنه بعد هذه التطورات الميدانية التي شهدتها العاصمة اليمنية صنعاء، نستطيع القول بأن "قد بدء قتال الحوثيين ضد الإسلاميين في اليمن رسمياً، وإن هذه المرحلة سوف تكون مصيرية و حاسمة لتحديد مصير الثورة الإسلامية في اليمن، وإن كافة الخيارات السياسية والعسكرية سوف تكون مفتوحة أمام الحوثيين للدفاع عن ثورتهم العادلة".
ويذكر أن صحيفة كيهان الرسمية الإيرانية التي يملكها المرشد الإيراني علي خامنئي، وتمثل رأي السلطة الإيرانية وخامنئي، أشارت في تحليلها السبت عن الوضع اليمني المتأزم، إنه "بعد اليمن ونجاح الثورة الإسلامية في صنعاء سوف يكون الدور المقبل على سقوط حكومة آل سعود، وتفكك هذه الدولة المفروضة على الحجاز"، بحسب تعبيرها.