أثارت ورقة الامتحان لمادة الأحوال الشخصية بكلية الدراسات العليا في جامعة الأزهر والتي تساءلت عن فسخ خطبة فتاة تبين أنها تخرج في تظاهرات، وأن والدها ينتمي لجماعة محظورة ردود الأفعال.
وأثارت الورقة سخرية النشطاء، حيث وضعت الورقة الطالب أمام خيارين، إما أن يتنازل عن أفكاره ومبادئه وينجح في المادة، وأما أن يضيع عليه تعب السنة ويسقط ويكون في النهاية مصيره أمن الدولة وسجن ليمان طرة.
وقد وضع الأمتحان الدكتور عبد الله مبروك النجار؛ أستاذ الدراسات العليا، ورئيس قسم القانون الخاص بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، وجاءت الأسئلة كالتالي "مسئولية شاب في العدول عن الزواج من فتاة تبين أنها تخرج في تظاهرات، وأن والدها ينتمي لجماعة محظورة يقصد الإخوان المسلمين".
جاءت أسئلة الامتحان على النحو التالي: "خطب شاب فتاة ثم عدل عن خطبتها بعد ان انفقت مبلغا كبيرا لتجهيز نفسها استعدادا لهذا الزواج لكنها خيب آمالها بالعدول عن هذا الزواج وضيع عليها تلك الأموال ولما سئل عن سبب عدوله قال: إن اباها ينتمي لجماعة محظورة وإرهابية وإنها تخرج في مظاهرات هوجاء لا تتورع عن إتلاف ما يقف أمامها من الأرواح وإحراق الأموال العامة والخاصة" والمطلوب منك ما يلي
أولا: هل على الشاب مسئولية في هذا العدول؟ وعلى أي أساس تقرر هذا؟ وما نوع هذه المسئولية؟
ثانيا: هل الضرر الحاصل على التفاة في تلك الحالة يستوجب التعويض؟ وعلى أي أساس تقرر ذلك؟
ثالثا: كيف يتم تعويض هذا الضرر إن وجد وما هي شروط هذا التعويض وكيفيته".
وقال محمد مصطفي محلل سياسي أن أسئلة ورقة الامتحان كشفت عن الفخ الذي تم وضعه للطلاب الممتحنين، والتي قد تذهب بأحدهم إلى ليمان طرة بدلا من غرفة أساتذة الجامعة.
وأضاف أن ورقة الأسئلة ما هي إلا استمارة موجهة من قطاع أمن الدولة لمعرفة ميول كل طالب بالكلية التي من المفترض أن يخرج منها كل واحد فيهم للعمل أستاذ بالأزهر.
ومن جانبه قال الصحفي محمد كمال أنه لعل المدقق في ورقة الأسئلة يلمح خبث السؤال الذي تم وضعه وكأنه موجه من جهة أمنية لمعرفة ميول كل طالب السياسية أو التجسس عليهم، خاصة وأن واضع الأسئلة حكم مسبقا على الفتاة بأنها تنتمي لجماعة إرهابية ومحظورة في المجتمع وبالتالي فهي تدخل في حكم المفسدة، ومن ثم فلا حقوق لها نظرا لكونها جانية مهما كان الضرر الواقع عليها من خطيبها الذي لا يجد أمامه سوى البعد عن هذه الفتاة انتصارا لوطنيته حتى وإن كلفها ضياع أموالها.
وأضاف أن "الإجابة بهذه الطريقة هي الخط الذي رسمه واضع أسئلة للامتحان للممتحنين للجواب على أسئلته بهذا الجواب النموذجي دون غيره بعد توجيهه لهم بأن الفتاة تنتمي لجماعة غير وطنية وإرهابية وبالتالي فلا تعاطف معها، في حين يكشف من خلال جواب المختلف مع هذا المسار المرسوم له عن ميوله السياسية والتي قد تذهب به إلى سجن طرة بدلا من مجلس أعضاء هيئة التدريس".
وتساءل كمال: "هل تسير ورقة الأسئلة والأجوبة بالجامعات في المستقبل استمارة أمنية لتحديد ميول كل طالب السياسية والتعامل معه؟ وخطورة ذلك على أمانة العلم؟ خاصة وان الجواب قد يكون سببا في نجاة صاحبه في الدنيا وهلاكه في الأخرة؟
وقال عبد الله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية وأستاذ الدراسات العليا بالأزهر، إن "السؤال المتداول على مواقع التواصل الاجتماعي في أحد أسئلة امتحان نهاية العام في مادة الفقه حول حكم العدول عن الزواج من فتاة تبين أنها تخرج في تظاهرات، لم يقصد به الدعوة لفسخ خطوبة الفتاة المنتمية لجماعة الأخوان".
وأضاف في تصريح نشرتها وكالة "الأناضول" أن "السؤال على عكس ما تم تداوله، حيث يهدف إلى الدفاع عن حق الفتاة لأنه (أي فسخ الخطبة) يعتبر ضررا يستحق التعويض، كما أن السؤال قصد به الإتيان بقضية معاصرة حول الخروج للمظاهرات وما يستحق المرأة عند فسخ خطبتها لهذا الأمر، فهذه قضية مجردة وإن كان أحد يفسره لعلة في نفسه فتلك مشكلته".
وأوضح أن توصيف السؤال على أنه عن جماعة الاخوان هو كمن يقول: "كاد المريب"، حيث أن "الأمر يتعلق بقضية معاصرة تحتاج لإعمال العقل فالتظاهر حق، وطلاق المرأة أو فسخ خطبتها يوجب إعطاءها كافة الحقوق، والإجابة على سؤال خاصة بتلك القضية يحتاج لعقل مفكر".
من جانبها قالت جامعة الأزهر: "لا نتدخل في وضع أسئلة امتحانات أي مادة ولو كانت سياسية"، وقال أحمد حسني نائب رئيس الجامعة: "أستاذ أي مادة في أي كلية حر في وضع السؤال وفق مايراه مناسبا ولا نحجر على أي امتحان بسبب رؤية البعض أنه يحمل توجها ما، لكن في المقابل كل أستاذ يتحمل نتيجة أسئلته في امتحان مادته".