شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

قلنا شكرا للانقلاب..ونقول شكرا للحرب على غزة – د.ناهد عز الدين

قلنا شكرا للانقلاب..ونقول شكرا للحرب على غزة – د.ناهد عز الدين
كان المثل الشعبي الذي تردده جدتي يا "أزمة اشتدي وريني عدوي من صديقي
كان المثل الشعبي الذي تردده جدتي يا "أزمة اشتدي وريني عدوي من صديقي".
في كل المرات السابقة التي اعتدى فيها الصهاينة على غزة كان البكاء والحزن والحسرة والإحباط الشديد هو الإحساس الغالب، هذه المرة الإحساس مختلف هناك شعور أكثر تماسكا وأكثر ثقة بل ربما حتى هو إحساس يملأه الأمل. يغلب حتى على الحزن على الشهداء، والإشفاق على هؤلاء بقدر ما هو اعتزاز وافتخار بهم. هناك أكثر من نقطة يمكن أن تساعد في تفسير ذلك:
 
 -1أننا شهدنا على مدار العام، وتحديدا في نفس شهر رمضان الماضي مجازر ومذابح على بعد أمتار من بيوتنا وفي شوارع نمر عليها يوميا بيد مصريين وضد مصريين، وهذا شرخ كبير وجرح عميق وصدمة مفجعة لم يسبق لها مثيل وعار ما بعده عار.
 
2- الفلسطينيون وحماس لم يرفعوا شعار سلميتنا أقوى من الرصاص (أعلم أن السياق مختلف جذريا فلا يسيء أحد فهم ما أقصده، أو أنني كنت أفضل الرد بعنف ولكن إبداع أشكال أكثر فعالية للمقاومة) نحن نراهم يتعاملون بندية وصمود وبطولة، ويردون اعتداء جيش من أقوى جيوش العالم، ويتحدونه بصلابة وثبات فهم لا يذبحون مجانا، ودماءهم التي تسيل الآن هي ثمن ضروري للحرية والكرامة والشرف.
وهم يواجهون عدو الله وعدوهم…ويرفعون رؤوسنا جميعا بثباتهم، وبما أبدعوه تحت الحصار من تسليح محلي مصداقا للحديث النبوي الشريف الذي يصفهم بأهل الرباط ويؤكد أنه "لا يضرهم من خذلهم".
 
3- عندما يتورط الجيش في قتل المعتصمين، ومطاردة المتظاهرين، وإلقاء القبض على صغار السن من تلاميذ وفتيات من خيرة أبناء مصر؛ فهذا ليس دليل قوة لدى هذه المؤسسة، وإنما هو علامة ضعف فهي من ناحية اصطدمت بأبناء الشعب، وهذه وصمة في تاريخها ومشكلة كبيرة في مستقبلها وسمعتها ونظرة الناس واحترامهم لها- وهي من ناحية ثانية قتلت أناسا عزلا غير مسلحين، وهذا يثبت أي قدرة أو كفاءة قتالية لدى تلك القوات إن لم يكن العكس هو الصحيح.
 
ولا يسعدنا على الإطلاق أن ينصرف الجيش عن وظائفه وأدواره الوطنية المنوطة به في حماية الحدود، والدفاع عن مصر ضد عدوها الخارجي، وعدوها الخارجي الوحيد هو إسرائيل.
 
4- الحرب الإسرائيلية على غزة أعادت الأمور إلى نصابها، وأعادت القصة إلى نقطة بدايتها. مرة أخرى مواجهة واضحة وضوح الشمس بين الحق والباطل، وعادت القضية إلى جوهرها الحقيقي الذي جرى التلبيس والالتفاف والتشويش عليه كثيرا مؤخرا، وحاول البعض أن يهيل عليه التراب تحت ادعاء أن هذه الحرب لم يعد لنا فيها ناقة ولا جمل، وأن الصراع بيننا وبين إسرائيل قد انتهى، وهي أبلغ رد على أن الصراع العربي الإسرائيلي هو الصراع الحضاري الممتد والقضية الفلسطينية لا زالت هي القضية المركزية وإفشال وضرب محاولات البعض من الخبثاء والعملاء؛ لتزييف الوعي وتزوير الحقائق وتحطيم الثوابت من خلال رفع شعار "الحرب على الإرهاب"، وأنها هي الحرب التي ترسم بناء عليها خرائط الأصدقاء والأعداء، ونشرا لثقافة الهزيمة والخنوع والإذعان والخزي والركوع والخذلان، تمهيدا لإعادة تشكيل المنطقة وتقسيمها وتفكيك الصف وتفتيت الشعوب وفقا للمخطط الأمريكي الصهيوني المعلن و المعروف؛ حيث المواطن منزوع النخوة ..مدمن الذل …المهزوم داخليا ….هو خير سند لثنائية الاستبداد والاستعمار..وكلاهما استعداد "للاستعباد".
 
5- الحرب تعيد طرح السؤال والنقاش حول معنى النجاح والانتصار، والفرق الشاسع بين الفشل والإفشال ….الجدل الذي دار حول تجربة الثورة، ودار حول تجربة الإخوان في الحكم، ويدور الآن حول تجربة المقاومة، ومع اختلاف الحسابات والسياقات؛ القيمة والبعد القيمي يكاد يكون واحدا فكل التجارب غايتها "الحياة الكريمة".
وجود معنى جديد للنجاح وما يقتضيه من تضحية وبذل واجتهاد وعمل وسعي ..يستدعي وقفة للتأمل والمقارنة واستخلاص الدروس المستفادة.
 
 
6- كان هناك فريق من مؤيدي الانقلاب يدعي أخذ هذا الموقف ترجيحا؛ لاعتبارات الوطنية المصرية بمفهومها الضيق كما يفهمها هو، وأنه لولا فشل مرسي والإخوان في تحقيق أهداف الثورة لما أيد الانقلاب عليهم وإزاحتهم؛ أي أنه اتخذ من أخطاء الإخوان ومرسي مبررا لموقفه (حتى لو يكن مقبولا )، وهذا الفريق لا يستطيع الآن أن يدعي أنه يؤيد ضرب غزة كما يفعل بعض الإعلاميين المعروفين من باب الوطنية أيضا أو كرها في حماس، لأن هذا يستدعي على الفور استنتاج أنه يساند إسرائيل.
 
وليس مفاجأة أن هناك من المنافقين من اضطرته تلك الحرب الأخيرة للإعلان عن ذلك فعلا بصراحة ووقاحة، كما اضطرت إعلام العار لاستخدام نفس خطاب الكراهية والتحريض ومعاداة الإخوان في إظهار معاداة غزة وحماس، لدرجة جعلته مصدرا يستشهد به الإعلام الإسرائيلي بمنطق شهد شاهد من أهلها (وهو طبعا ليس من أهلها).
 
هؤلاء دخلوا التاريخ من أقذر أبوابه؛ الباب الذي دخل منه والي عكا…باب الخيانة، ومن ثم فقد أسقطت تلك الحرب عن المزيد من الوجوه المزيد من الأقنعة، وكانت محطة جديدة من محطات الفرز.


تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023