من يقرأ التاريخ يعرف أن التنازل عن "الشرعية" لا يفعله عاقل، فالشرعية بحد ذاتها قوة مؤثرة تحسم كثيرا من المعارك، ولتنشيط الذاكرة يمكن أن نذكر بهذه المعارك:
(1) عجز الخليفة القوي هشام بن عبد الملك عن خلع ولي العهد الوليد بن يزيد لما له من بيعة الولاية.
(2) هزيمة ومقتل أبي مسلم الخراساني على يد أبي جعفر المنصور، في ظرف كل موازين القوى فيه لصالح أبي مسلم ولا يملك أبو جعفر إلا "الشرعية"
(3) استطاعة عبد الرحمن الداخل الذي لا يملك إلا نسبه الأموي (وهذه هي شرعية ذلك الوقت) أن يؤسس حكما في الأندلس حتى لقد قال زعيم القيسية كلمة مدهشة مفادها أن نزاعه مع اليمانية نزاع أنداد بينما "لو نزل هذا الفتى جزيرتنا فبال غرقنا في بولته".. وكان عمر الفتى 23 عاما فقط.
(4) عجز كل من سيطروا على الخلفاء العباسيين عن خلعهم من منصب الخلافة رغم انهيار ميزان القوة ضد الخلفاء، بل لم يكن للخلفاء قوة إلا شرعية المنصب.. وهو ما أتاح ظهور خلفاء أقوياء بعد عصور الضعف ولو طالت.
(5) عجز المنصور بن أبي عامر وهو من أقوى ملوك الإسلام عن عزل الخليفة الصبي هشام بن المستنصر، وظل ينادى بالحاجب المنصور أو الملك.. بينما عطاؤه للأمة لا يقارن بهشام.
(6) اتخاذ بني عباد شبيها للخليفة الشرعي هشام بن المستنصر في عصر ملوك الطوائف بالأندلس.
(7) بل إن السلطان المملوكي محمد بن قلاوون تولى السلطنة طفلا لأنه الوحيد الذي يملك "شرعية" -بمفهوم الشرعية آنذاك- في ظل تضارب قوى العساكر الأقوياء من حوله، وكان كلما خُلِع كلما أعيد إلى السلطنة مرة أخرى.. حتى اشتد عوده وحكم بنفسه ثلث قرن فكان من أقوى السلاطين المماليك عبر تاريخهم كله.
(8) ولم يفكر المماليك في عزل العباسيين من الخلافة على ضعفهم، وبرأيي أنه لولا أن كانت دولتهم عسكرية في جغرافية سهلة كمصر، لاستطاع العباسيون أن يجددوا ملكهم لو ظهر فيهم قوي وحاول.
(9) فشل محاولة الانقلاب على يلسن في روسيا.
(10) فشل محاولة الانقلاب على تشافيز.
هذا ما جاء عفو الخاطر في هذه اللحظة بعد قراءة أنباء "الكيان" السياسي الجديد، الذي يبدو أنه سيتنازل عن عودة #مرسي لمحاولة جمع صف ثوري موهوم، كثير منه كان خنجرا في ظهر الثورة بوعيه الحاقد أو بغبائه وغفلته.
* رجاء حار: ألا تنجر التعليقات لمناقشة تفاصيل الأحداث التاريخية كي لا يضيع مقصودها: الشرعية التي تحسم المعارك المسلحة بقوتها الذاتية المعنوية.