شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

تفاصيل جهود فريق ملاحقة مجرمي الحرب بمصر

تفاصيل جهود فريق ملاحقة مجرمي الحرب بمصر
  قال المحامي البريطاني المعروف طيب علي " إن الفريق القانوني الدولي المكلف بمتابعة جرائم الحرب المرتكبة من...

 

قال المحامي البريطاني المعروف طيب علي " إن الفريق القانوني الدولي المكلف بمتابعة جرائم الحرب المرتكبة من قبل السلطات المصرية بعد الانقلاب وصل إلى مرحلة مهمة وحاسمة من البحث والتحقيق في الأدلة.

 


وأضاف علي، الذي ينسق أعمال الفريق الدولي في تصريحات خاصة لـ"عربي 21"، إن المحامين حصلوا على أدلة كثيرة وكافية حول جرائم ضد الإنسانية ارتكبت من قبل نظام الانقلاب العسكري في مصر، وأن الفريق الآن دخل في مرحلة جديدة هي مرحلة ملاحقة المتهمين بارتكاب هذه الجرائم. 

 


ويقول علي واثقا بما تم إنجازه: "على صعيد الأدلة، يمكنني القول أننا نملك أدلة ممتازة، فنحن مثلا نعلم وبالدليل أن الوزراء قد اتخذوا بعض القرارات بالإجماع، وكان لهذه القرارات تداعيات على الأرض، كما حدث في مجزرة رابعة وما تم ارتكابه من تعذيب في السجون، وبالتالي فإن هؤلاء الوزراء جميعا يتحملون مسؤولية هذه الجرائم، على الرغم من أنها تمت بتعليمات من السيسي.. نحن نعلم من المسؤول عن هذه الجرائم، ولدينا دلائل بالتفاصيل جمعناها في موقع الأحداث من الضحايا وشهود العيان.


وتابع أن "ما أستطيع قوله أننا نمتلك ما نحتاج من أدلة وقد بدأت الآن بالفعل مرحلة العمل لما ينبغي علينا أن نعمله".


جرائم التعذيب


وأشار طيب علي في حوار حصري مع "عربي 21" إلى أهمية الفيديو الذي حصل عليه الفريق القانوني الدولي ونشرته صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية، والذي أظهر صورا من داخل الزنازين عن الأوضاع المزرية التي يعيشها المعتقلون السياسيون في مصر، كما عرض شهادات لمعتقلين، لا يزالون رهن الاعتقال، عن التعذيب الذي تعرضوا لها أثناء التحقيق، منوها إلى أن فريقه يمتلك فيديوهات أخرى لا تقل أهمية عن الفيديو الذي تم الكشف عنه.

 


وبحسب علي، فإن الفيديو المنشور يمتلك أهمية بالغة لأنه يتحدث عن حدوث تعذيب أثناء التحقيق وهو أمر محرم دوليا، مضيفا أن الفيديو يمثل شهادة من الضحايا أنفسهم، "ومن المعروف أن شهادات الضحايا هي أعلى مستوى من الشهادات التي يمكن أن تستخدم كأدلة في التحقيق مع مرتكبي الجرائم"، ولم ينس المحامي الإشادة بأصحاب هذه الشهادات "أريد أن أحيي شجاعة المعتقلين الذين قدموا شهاداتهم من داخل السجن (…) وأؤكد أن الجيش الآن يبحث عنهم وأتمنى أن أعرف ماذا حصل لهم إذا تم التعرف عليهم من قبل الجيش".


وأبدى علي استغرابه من طريقة تعاطي السلطات العسكرية في مصر مع الأدلة والشهادات الموجودة في الفيديو، مشيرا إلى أنه سجل حديثا، خلافا لما تدعيه بعض وسائل الإعلام المؤيدة للانقلاب: "عندما تم الكشف عن الفيديو المسجل في السجن، كان الرد الفوري من السلطة العسكرية في مصر أنه مزور، وأنه غير حقيقي… السلطة لم تطلبه منا للتحقق منه وبدلا من ذلك نفته مباشرة… الإجراء الطبيعي المتوقع من أي سلطة مسؤولة هو أن تطلب الأدلة المصورة حتى تقوم بالتحقيق فيها وهذا لم يحدث، بل إن ما حدث هو أن السلطة المصرية شككت فيه مباشرة وقالت إنه مزور". 

 


وتساءل: "كيف عرفوا ذلك؟… إنني أتحدى السلطات المصرية أن تلجأ للقضاء للبحث بصحة الفيديو وما جاء فيه". 


وأشار طيب إلى أن عددا من المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام في العالم طلبوا منه نسخا من الفيديوهات للتحقق منها، بينما لم تفعل الحكومة المصرية ذلك على الرغم من أهمية هذه الأدلة، "فهي تقوض أي إجراء قانوني مهما كان صغيرا في مصر الآن، لأن الشهادات تقول إن المعتقلين تعرضوا للتعذيب للحصول على اعترافات، وهذا يشكك بأي إجراء من النظام القضائي المصري".


الجنائية الدولية


وقال منسق الفريق القانوني الذي يضم عددا من المحامين المرموقين على مستوى العالم، إن اللجوء لمحكمة الجنايات الدولية هو أحد الخيارات التي يمتلكها الفريق لملاحقة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية في مصر، وأن لقاءات قد تمت بالفعل بين المحامين وبين المحكمة الجنائية الدولية بخصوص هذه القضية، وأشار، ردا على سؤال لـ "عربي 21"، إلى أن عدم انضمام مصر لاتفاقية روما لا يعني أن الحكومة العسكرية محصنة ضد الملاحقة.


وأضاف أن الفريق مكلف من الحكومة الدستورية- حكومة مرسي-، وهو ما يجعل المحكمة لا تمتلك أي خيار سوى قبول الدعوى، لأنها- أي المحكمة- مؤسسة قانونية تتعامل بالقانون والدستور وليس مؤسسة سياسية تتعامل بالأمر الواقع.


وأضاف "إذا كان السيسي يمتلك القوة ويستطيع أن يعتقل الآلاف ويسيطر على الدولة بالقوة فهذا لا يعني أنه أصبح يمثل الحكومة الشرعية، بل هو حكومة الأمر الواقع.. بينما، في الجانب الآخر، كون الحكومة الدستورية تعرضت للإزاحة بالقوة فإن هذا لا يعني أنها فقدت موقعها كحكومة شرعية، وبما أننا نتقدم للجنائية الدولية من منطلق قانوني دستوري، فإن هذا يجعل المدعي العام لا يمتلك أي خيار سوى التعامل مع الشكوى".


وتابع: "مهما تغير من يقيم في المباني الرئاسية في مصر، فهذا لا يغير من حقيقة أن الحكومة الدستورية هي الحكومة الدستورية حتى الآن".


وبدا علي متيقنا من استراتيجية الفريق الذي ينسق أعماله، "يوجد شواهد تاريخية استجابت فيها الجنائية الدولية للتحقيق في دول غير أعضاء في اتفاقية روما… ساحل العاج أحد هذه الشواهد؛ حيث حققت الجنائية في جرائم حرب اتهم بها رئيس الأمر الواقع بطلب من الرئيس المنتخب الذي لم يمكن من الحكم"، ولكنه رفض إعطاء المزيد من التفاصيل حتى لا يظهر معلومات قد تضر باستراتيجية الفريق في إقناع المحكمة الجنائية الدولية.


الولاية القضائية الدولية


وأضاف المحامي طيب علي أن الخيار الآخر الذي يمتلكه الفريق القانوني لملاحقة مرتكبي الجرائم هو تقديم دعاوى ضدهم في الدول التي تطبق ما يعرف بـ "الولاية القضائية الدولية"، وهي الولاية التي تجبر أجهزة الشرطة والقضاء المحلي في أكثر من 16 دولة على التحقيق في أي دعوى تقدم ضد متهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في أي مكان من العالم.
ويقول علي "أنا أمثل حزب الحرية والعدالة والحكومة الدستورية في مصر، ولكنني أيضا أمثل عددا كبيرا من الأفراد المدنيين المتضررين من الانتهاكات، مثل الضحايا وشهود العيان والذين اعتقلوا دون سبب، كما أمثل أيضا مواطنين بريطانيين كانوا موجودين في مصر وقت ارتكاب الجرائم، وهم لا ينتمون لأي تيار سياسي في مصر… وهو ما يعني أننا نمتلك تفويضا من جهات مختلفة لاتخاذ إجراءات قانونية ضد مرتكبي الجرائم وأن هذه الملاحقة القانونية ستستمر بغض النظر عن أي تطور سياسي في مصر نحو الانفراج أو التأزم".
وتقوم استراتيجية الفريق القانوني الدولي على ملاحقة المتهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في مصر في حال سفرهم إلى إحدى الدول التي تطبق بند "الولاية القضائية الدولية"، حيث يقول علي: "أعضاء الحكومة والمسؤولون العسكريون المتهمون بارتكاب جرائم يريدون السفر للقيام بمهمات حكومية أو لأسباب عائلية أو شخصية… وهذه هي الفرصة التي أنتظرها، إذ أنني أستطيع تقديم شكوى ضدهم لأجهزة الشرطة المحلية للتحقيق معهم… وهذا يمكن أن يتم في عدد من الدول التي تطبق الولاية القضائية الدولية بما فيها بريطانيا، وعند ذلك ستحقق الشرطة بالأدلة وإذا وجدتها حقيقية فإنها ستأمر باعتقال المتهمين".


وكشف طيب بأن قضايا قد رفعت بالفعل لاعتقال مسؤولين مصريين متورطين بالجرائم، ولكنه رفض الإفصاح عن المزيد من التفاصيلسواء ما يتعلق بتواريخ رفع القضايا أو أسماء البلدان التي تمت فيها، أو أسماء المتهمين المعنيين، مضيفا أنه سيتم الكشف عن كل هذه المعلومات في الوقت المناسب.
تحدي حصانة المسؤولين الحكوميين

 


وفي سؤال "عربي 21" للمحامي علي حول موضوع الحصانة للوزراء، وإن كانت تعيق ملاحقتهم تحت بند الولاية القضائية الدولية، قال إن "من يتمتع بالحصانة اليوم قد يخرج من منصبه غدا ليفقد هذه الحصانة، وعندها سيتم اعتقاله، وهذا ما حدث مع تسيبي ليفني التي طلب التحقيق معها عندما كانت وزيرة للخارجية؛ وعند الانتهاء من التحقيق في الأدلة كانت قد خرجت من المنصب، فسقطت عنها الحصانة، وصدر أمر باعتقالها
وتابع أنه من المعروف أن "هذه هي حال السياسة، فقد تكون اليوم في الحكومة وتتركها غدا، وكما هو معلوم لدينا فإن بعضا ممن شاركوا باتخاذ القرارات التي ترتب عليها ارتكاب جرائم قد غادروا الوزراة بالفعل".

 


ولكن الفريق القانوني الدولي، كما يقول علي، لن يكتفي بانتظار خروج مرتكبي الجرائم من مناصبهم، بل إنه يتبع استراتيجية مدروسة لمحاسبة المجرمين حتى وهم على رأس عملهم، يقول طيب: "يوجد للوزراء وبعض المسؤولين حصانة ضد الملاحقة، ولكننا سنتحدى هذه الحصانة أمام السلطات المحلية في بريطانيا ومن ثم في كافة الدول الأوروبية، ونحن نعمل الآن مع الشرطة هنا بالرجوع للقانون الدولي، ونحاول الاتفاق على تعريف مفهوم الحصانة بالقانون، وبناء عليه فإننا لن نعمل فقط على المطالبة باعتقال من هم خارج الحكومة الآن وننتظر من يعملون بالحكومة حتى يفقدوا مناصبهم، ولكننا سنعمل أيضا على تحدي الحصانة الموجودة لدى من هم في مناصبهم الآن، لأننا لا نستطيع أن نخذل الضحايا وعائلاتهم من موكلينا الذين ينتظرون منا تحقيق العدالة وملاحقة مرتكبي الجرائم".

 


وأضاف علي إن "تاريخ المحاكم المختصة بجرائم حقوق الإنسان فيه الكثير من الشواهد على تجاوز عقبة الحصانة، فقد تمت ملاحقة الرئيس السوداني عمر البشير مع أنه لا يزال في مكتب الرئاسة، كما تم اعتقال الرئيس التشيلي السابق أوغستو بينوشيه في لندن على الرغم من تمتعه بحصانة كعضو في مجلس الشيوخ التشيلي، إضافة إلى اعتقال عسكري نيبالي سابق أثناء زيارته لبريطانيا في العام 2013 بتهمة ارتكاب جرائم حرب في بلاده، مع أنه لا يزال يتمتع بحصانة كونه يعمل دبلوماسيا في الأمم المتحدة". 
الأمر الذي أكد لعلي أن عمل الفريق القانوني ليس نوعا من الرفاهية "بل هو عمل قابل لتحقيق نتائج عملية". 

"قامت استراتيجية الفريق القانوني في "تحدي الحصانة" للمتهمين بارتكاب جرائم على الطلب من الشرطة التحقيق مع بعض هذه الشخصيات التي تعمل ضمن النظام العسكري في مصر للحصول على رد من الشرطة بأنهم يحملون حصانة بحيث يستخدم المحامون هذا الرد للاسئناف ضده في المحكمة العليا؛ يقول علي: "لقد حصلنا على ما نريد حتى نتحدى هذا الرد قضائيا، لأننا نريد أن نؤكد ان لا حصانة لأي متهم مهما كان موقعه" بحسب علي.


فريق خبير وواثق من النتائج


وأنهى علي موجّها رسائل مزدوجة للضحايا وللمتهمين بارتكاب الجرائم على حد سواء قائلا لـ"عربي21": "يجب أن يُلاحظ أننا نعمل في مجال ملاحقة المتهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية باللجوء إلى بند الولاية القضائية الدولية منذ زمن بعيد، ولهذا فإن الشرطة البريطانية خصوصا تأخذ الدعاوى المقدمة من قبلنا على محمل الجد". 
ويضيف علي أن فريقه القانوني بات معروفا بمهنيته وحرفيته في مثل هذا النوع من القضايا من قبل الشرطة، ولذلك فإن إجراءات التحقيق بالشكاوى التي يقدمها الفريق تأخذ وقتا أقل من المتوقع


وللدلالة على خبرة الفريق بهذا النوع من القضايا، يقول علي: "نحن لا نعمل فقط لملاحقة النظام المصري، بل لدينا تجارب أخرى أيضا، فنحن على سبيل المثال لاحقنا تسيبي ليفني وأضطرت للهرب من لندن خوفا من الاعتقال، وطالبنا الشرطة البريطانية في تشرين الأول/ أكتوبر 2013 بالتحقيق مع قائد سلاح البحرية الإسرائيلية السابق أليعازر ماروم؛ وهو المسؤول المباشر عن تنفيذ اقتحام سفينة "مافي مرمرة" وسفن أسطول الحرية في العام 2010، وأحد المتهمين بارتكاب جرائم حرب أثناء ذلك الاقتحام
وتابع "لقد تلقينا ردا رسميا من الشرطة أن ماروم خرج من بريطانيا في اليوم التالي لدخوله، وأنه لم يعد لتقديم محاضرة كان مدعوا مسبقا لتقديمها، وهو ما يؤكد أنه هرب، من وجهة نظري، وهو ما يعني أيضا أن الشرطة لم ترفض طلب التحقيق بل إن خروجه من البلاد هو الذي أوقف التحقيق".


وأكد علي أن فريقه قدم بالفعل للشرطة البريطانية طلبات للتحقيق والاعتقال ضد عدد من مسؤولي النظام العسكري المصري المتهمين بارتكاب جرائم حرب، مضيفا أن عددا من محققي الشرطة المختصين يعملون في هذه اللحظة لدراسة هذه الدعاوى والتحقق منها.


ويختم علي حديثه حول ملاحقة مجرمي الحرب في مصر بتوجيه رسالة للأفراد الذين يعملون بإمرة النظام المصري قائلا: "يجب أن يكون واضحا أن أي نظام عسكري ليس حريصا على أفراده أو على السياسيين الذين يعملون لمصلحته، وقد بدا ذلك واضحا أثناء التغيير الحكومي الأخير حيث لم يتم إعلام الوزراء بإقالتهم وعلموا بذلك من الإعلام!… أنت تخاطر بمستقبلك وحياتك وأخلاقياتك لأجل نظام عسكري لا يكترث بك.. وأنت بعد خروجك من الخدمة لا تتمتع بالحصانة في أي بلد".

 

المصدر:
http://arabi21.com/Story/736611



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023