إنى لأبحث عن حروف تفى بفداحة المصاب فلا أجد عبارات، وأبحث عن عبارات تفى بوصف مصاب المسلمين فى مصر فلا أجد كلمات، وأبحث عن كلمات تفى بشرح البلاء الذى حل بالبلاد والعباد فتعجز كل السطور عن نقل طوفان الغيظ الذى يملأ قلبى إلى جمل وفقرات!
فأعود متسائلا:
ماذا دهاك يا أزهر العلماء فحجب عن المسلمين صدع صوتك بالحق فى وجه الطغيان؟!
ماذا دهاك لترى دماء المسلمين فى مصر أنهارا تجرى فتصمت! وأشلاء المسلمين فى مصر نفايات تطوى وتحرق فلا تنطق؟! ماذا أصابك فأمسك عن حبس الحرائر لسانك، وغاب فى وحل الظلام بيانك؟!
ماذا دهاك وكل ناعق يصرخ ليحمى رايته، فهذا يصرخ وينادى دون حياء لا مكان للإسلام فى مصر!! وهذا ينادى فى كل ميدان، الحديث عن الشريعة من الأوهام!! وثالث يرفع عقيرته بعلمانية الشعب والنظام، وآخر يحرق المساجد، وغيره يحرق الساجد، وأنت أنت نعم أنت ماذا دهاك؟ ماذا أصابك، وماذا تحمى؟ وبماذا تنادى؟ وما قضيتك؟ وما قيمتك وقد رضيت بالهوان؟!
من أسكتك حتى ترى العلماء يُساقون من محراب المساجد إلى غياهب السجون؟! أما رأيت أهل الهوى ينتصر بعضهم لبعض؟! أما رأيت المخرج العربيد ينتصر لمن رأى فيهم قربا من منهجه ومسلكه؟! فأهل الرقص يتناصرون، وأهل الخنا يتحالفون، وأهل كل مهنة يتكافلون، وأنت وليت الأدبار، فلم تنتصر للعلماء الأخيار؟؟ وقُتل طُلابك فما أحقر بيانك! وحبس شباب الأزهر سنوات وسنوات وليتك والله فى عداد الأموات!
هل غاب سمعك فآذانك لا تسمع بها؟! (ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم).
أم أعمى الله بصرك؟ وأطفأ نور بصيرتك؟! (لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل).
ماذا دهاك يا أزهر الإسلام حينما يحكم على البنات الحرائر بالسجن قاض جائر؟! فيودعن فى الحبس مع الساقطات، وتُلقى بنات الإسلام بين المجرمات! أم ترى أنهن لا حرمة لهن لقربهن من الإخوان؟ فما أحقره من فهم، وما أضيعه من علم! وما أنقصه من دين! فلو كانت فتاة نصرانية أكنت تسكت؟ ولو كانت فنانة شاهينية أكان مفتيك يصمت؟!
أسألك وقد أعيانى السؤال: إذا كان قد ضعف دينك فهل ضاعت رجولتك؟! ولو كان قد ضاع علمك فهل ضاعت شهامتك؟!
ولو كان الله قد أعمى بصرك، فهل ختم على قلبك، وأعمى بصيرتك؟!
ما الذى يمكن أن يُنهضك؟ ما الذى يمكن أن يُوقظك؟ ما الذى يمكن أن يعيدك للحياة روحا تسرى فى الأمة من جديد؟!
من يعيدك من دركات المذلة إلى درجات العزة والكرامة؟!
ماذا دهاك حتى يخرج سفلة النصارى يريدون دستورا لا أثر فيه للإسلام؟! ويجاهرون بذلك فى وسائل الإعلام، وتصل الوقاحة بقساوستهم أن يهددوا بالانسحاب من خمسينية البغى والضلال!
أليست هذه هى السياسة التى تنادى معهم أنه لا ينبغى أن ينشغل بها رجل الدين؟!
هل هان الإسلام عليك لهذا الحد؟! هل هان القرآن عليك لهذا الحد؟! هل هان الإنسان المسلم عليك لهذا الحد؟!
فى أى دين يُعتقل الآلاف، ويمنعون من بدهيات الحقوق حتى الصلاة؟! فماذا أعددت لتجيب الإله، حينما يسألك عن حقوق المسلمين التى استرعاك أمانتها بنص الكتاب؟!! وعن دماء المسلمين التى أوقفك حارسا لها من كل سفاح وأفاك؟!!
وأعراض المسلمين التى أقام الإسلام حروبا عظيمة، ومعارك كبيرة، وقدم تضحيات مهولة من أجل الحفاظ عليها فماذا فعلت؟!
أين العمائم الحمراء، والألقاب الزهراء، والكلمات الفصيحات، والعبارات البليغات؟!
لا أجد كلمات أختم بها إلا أن أقول: إن الأمة تتهيأ للنهوض، ولن يُستخدم فى نصرة الإسلام إلا من كان مستحقا، والدفاع عن الإسلام شرف لا يستحقه إلا المخلصون، والمخلصون فى الشوارع يتأهبون، وفى المعتقلات لربهم يتضرعون، وفى الدجى لحبيبهم يجأرون، ويشكون له خذلانك، فماذا دهاك يا أزهر؟