شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

صحيفة ألمانية: الدولة العسكرية عادت إلى مصر

صحيفة ألمانية: الدولة العسكرية عادت إلى مصر
ترجمة مقال صحيفة "دي تسايت" الألمانية تحت عنوان "الدولة العسكرية عادت إلى مصر"للكاتب  مارتن...
ترجمة مقال صحيفة "دي تسايت" الألمانية تحت عنوان "الدولة العسكرية عادت إلى مصر"للكاتب  مارتن جيلين
 
الربيع العربي انتهي، علي الأقل في مصر. فمع استيلاء الجيش علي السلطة في 3 يوليو بدأت العودة الكبري لنظام مبارك علي يد القيادة الجديدة؛ بل إن المستقبل الذي تريد تلك القيادة بناءه قد أصبح الآن في وجود وحضور مبارك ذاته.
 
إن ما يحدث في مصر الآن ليس تصحيحاً لخطأ الإسلاميين في المسار في أول كيلو متر علي طريق الديموقراطية كما راق للدكتور محمد البرادعي حامل جائزة نوبل للسلام والراحل إلي فيينا أن يقوله للرأي العام. إن ما يحدث في مصر الآن هو إعادة تقوية وترميم لأحجار الزاوية التي يقوم عليها هيكل السلطة القديمة التي حكمت لعقود.
 
وبإسقاط محمد مرسي صعد الجيش من جديد وبقوة ليعلن نفسه أنه الجهة الإشرافية فوق الساسية  الدائمة في مصر في الوقت الذي إتسعت فيه هوة التناحر بين المعسكرين العلماني والإسلامي وعادت فيه الدولة البوليسية التي لم يحدث لها أي اصلاح أو تطوير في فترة ما بعد مبارك , عادت تلك الدولة كاملة دون أن تمس بسوء بل وراحت تستخدم العنف بطريقة توحي أنها عادت أشرس وأكثر وحشية من ذي قبل.
 
هناك قراءتان للأحداث في مصر الآن يسيران بالتوازي مع بعضهما البعض : قراءة داخلية وقراءة خارجية .
فمن وجهة نظر القادة الجدد ومن يدعمهم من الرأي العام أن الوطن الآن يشهد مواجهة رهيبة وحاسمة بين قوي النور وقوي الظلام، وفي هذا الصدد يتم وصم الملايين من الإخوان المسلمين بتهمة الإرهاب بل تجد أن المذبحة الأخيرة التي راح ضحيتها أكثر من 600 قتيل والتي إرتكبتها قوات الجيش والشرطة في حق المتظاهرين والتي تعد واحدة من أكثر جرائم إستخدام العنف المفرط بشاعةً من قبل قيادة سياسية ضد شعبها ليس في تاريخ مصر فحسب بل في تاريخ العالم المدني المتحضر، تجد أن هذه المذابح يتم تبريرها في سكرة الشوفينية "المبالغة في الوطنية". 
لا مجال للتنازلات.
 
لقد أغضب القيادة الحاكمة الجديدة في مصر أنه بخلاف السعودية لم يتفق معهم أحد في العالم حول رؤيتهم الخاصة للأمور، بل راقبنا جميعاً كيف كانت تحذيرات الغرب للجيش والنخبة السياسية واضحة من ضرورة إشراك الإخوان المسلمين في السلطة مستقبلاً وهو الأمر الذي بدا أن الجيش والنخبة السياسية لم يعودا يرغبان في سماعه.
 
ومن خلال ذلك الصلف ازداد الاستقطاب عمقاً وتماسكاً برغم كل مساعي الحكومة المصرية وذلك لأن الطبقة السياسية المصرية لا تملك من المقومات العقلية ما يمكنها من إعادة بناء الثقة بين المعسكرين المتناحرين ومن وقف عمليات الشيطنة المتبادلة بين الطرفين وذلك حرصاً علي صالح الوطن؛ حيث لا توجد لدي تلك الطبقة السياسية ثقافة الإعتدال ولا تحجيم الذات ولا تملك حلولاً وسطا حقيقية ولا قدرة على تقديم تنازلات فمن سيتراجع بإرادته سيتم إتهامه بالضعف ومن سيستجيب للتنازلات سوف يخسر ماء وجهه ويعتبر في حكم الخاسر.
 
الثقافة السياسية السائدة في مصر يتأصل فيها أن إمتلاك السلطة هو لعبة لا رابح فيها ومحصلة كل اللاعبين فيها لابد أن تكون صفر ومن يملك أن يضغط علي الزر يقوم بدعس الآخر وسحقه ويأخذ منه كل ما يملك والويل كل الويل لو تبدلت الأدوار – كما هو الحال في حالة مرسي – ففي هذه الحالة سيتكرر نفس النهج إلا أنه في الاتجاه العكسي أي في إتجاه مرسي وجماعته الذين هم علي رأس السلطة.
 
في ثقافة كتلك الثقافة لايمكن للصراعات علي السلطة أن تجد لها مكاناً في منتصف الطريق. في ثقافة كتلك تحتدم الصراعات إلى أن تنتهي نهاية مريرة، نهاية تجعل من القوي المتسلط أكثر قوة وتسلطاً ومن المعزول والمهزوم فريسة بلا حماية. 
 
كل شيء إما أبيض أو أسود. والنخبة المصرية تفتقد إلي الآليات التي تمكنها من الخروج من طريق الإستقطاب المسدود وفي هذا الصدد وطبقاً لملامح هذا الطريق المسدود تتكشف لنا الأحلام المَرَضية بإبادة الإخوان المسلمين من قبل السلطة الحاكمة. 
 
ربما يُصعق كثيرون في الغرب من هذا الكلام لاسيما عندما يتسائلون علي أي أساس مدني بالغ التعقيد ومتعدد الوجوه كهذا يمكن للتعددية والتسامح والتبادل السلمي للسلطة أن يعتمد؟ وفي الأخير: علي أي أساس كهذا يمكن لديموقراطية حقيقية أن تعتمد؟
 


تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023