شبكة رصد الإخبارية

إعلام عبري: شهادات مفزعة حول قتل المدنيين الفلسطينيين للتسلية في غزة

نشرت مجلة “mekomit” العبرية المعارضة تقريرا استعرضت فيه شهادات جنود إسرائيليين تحدثوا عن الغياب شبه الكامل لقوانين إطلاق النار والاشتباك في حرب غزة، حيث يطلقون النار متى شاؤوا ويضرمون النار في المنازل التي يمرون بها، ويتركون جثثا من الشهداء في الشوارع ويقتلون المدنيين في غزة لمجرد التسلية، وكل ذلك يحدث بموافقة قادتهم في الجيش.

وقالت في هذا التقرير، إن قناة الجزيرة بثت في أوائل يونيو سلسلة من مقاطع الفيديو الصادمة التي وصفتها بـ”الإعدامات الميدانية” حيث ظهر جنود إسرائيليون وهم يطلقون النار على عدد من الفلسطينيين كانوا يسيرون بالقرب من الطريق الساحلي في قطاع غزة. حدث ذلك في ثلاث مناسبات منفصلة، وبدا أن الفلسطينيين كانوا في كل حالة غير مسلحين ولم يشكّلوا تهديدا وشيكا لهؤلاء الجنود.

تعتبر مثل هذه اللقطات نادرة نظرا للقيود الشديدة المفروضة على الصحفيين في المنطقة المحاصرة والخطر المستمر على حياتهم. لكن هذه الإعدامات، التي لم تظهر أي منطقٍ أمني، تتوافق مع شهادات ستة جنود إسرائيليين تحدثّوا مع المجلة   بعد تسريحهم من الخدمة الفعلية في غزة في الأشهر الأخيرة، مشيرين إلى شهادات شهود عيان وأطباء فلسطينيين طوال الحرب، وصف الجنود كيف تم السماح لهم بإطلاق النار على الفلسطينيين دون قيود تقريبا، بما في ذلك المدنيون.

وذكرت المجلة أن الجنود الستة من الجيش الإسرائيلي – الذين تكلّم كل واحد منهم شرط عدم الكشف عن هويته عدا واحدا فقط – رووا كيف أعدم الجنود الإسرائيليون بشكل روتيني المدنيين الفلسطينيين لمجرد أنهم دخلوا منطقة صنّفها الجيش بأنها “منطقة محظورة”.

وتَرسم الشهادات صورة لمنطقة تنتشر فيها جثث المدنيين التي تترك لتتعفن أو تأكلها الحيوانات الضالة ولا يقوم الجيش بإخفائها عن الأنظار إلا قبل وصول قوافل المساعدات الدولية، حتى “لا تظهر صور لأشخاص في مراحل متقدمة من التحلل”. وشهد جنديّان على السياسة المنهجية لإشعال المنازل الفلسطينية بعد الاستيلاء عليها.

وذكرت المجلة أن عدة مصادر وصفوا كيف مثّلت قدرة الجنود على إطلاق النار دون قيود وسيلة للتخفيف من التوتر أو الملل في روتينهم اليومي. قال جندي احتياطي خدم في شمال غزة “لقد أطلقت شخصيا بعض الرصاصات دون سبب، نحو البحر أو الرصيف أو مبنى مهجور، أو ما يعرف بـ ‘نيران طبيعية’، وهو الاسم الرمزي لـ ‘أنا أشعر بالملل’، لذلك أطلق النار”.

ومنذ الثمانينيات، رفض جيش الاحتلال، الكشف عن قوانين إطلاق النار المعمول بها من قبله على الرغم من تقديم العديد من الالتماسات إلى المحكمة العليا. ووفقا لعالم الاجتماع السياسي ياجيل ليفي، فإن الجيش الإسرائيلي منذ الانتفاضة الثانية “لم يقدم للجنود قواعد اشتباك مكتوبة” تاركا الكثير لتفسير الجنود في الميدان وقادتهم. بالإضافة إلى المساهمة في قتل أكثر من 38 ألف فلسطيني، أقرّ هؤلاء الجنود بأن هذه التعليمات المتساهلة كانت جزئيا مسؤولة أيضا عن العدد الكبير من الجنود الذين قتلوا بنيران صديقة في الأشهر الأخيرة.

ونقلت المجلة عن جندي آخر خدم في القوات النظامية في غزة لعدة أشهر، بما في ذلك في مركز قيادة كتيبته، أنه “كانت هناك حرية كاملة في العمل. إذا كان هناك حتى شعور بالتهديد، فلا توجد حاجة لشرح – فقط تطلق النار. وعندما يرى الجنود شخصا يقترب، يسمح بإطلاق النار على مركز الكتلة جسمه، وليس في الهواء”. وأضاف هذا الجندي: “يسمح بإطلاق النار على الجميع، سواء كان الهدف فتاة صغيرة أو حتى امرأة مسنة”.

وقد وصف هذا الجندي حادثة وقعت في تشرين الثاني/ نوفمبر عندما قتل الجنود عدة مدنيين خلال عملية إخلاء مدرسة قريبة من حي الزيتون في مدينة غزة كانت تستخدم كمأوى للفلسطينيين النازحين. وقد أمر الجيش بإخلاء النازحين نحو اليسار باتجاه البحر بدلا من التوجه إلى اليمين حيث يتمركز الجنود. وعندما اندلع اشتباك داخل المدرسة، تم إطلاق النار على كل من اتجه نحو اليمين في خضم الفوضى.

ذكر هذا الجندي أنه “كانت هناك معلومات استخبارية تفيد بأن حماس تريد خلق حالة من الذعر. وقع الاشتباك داخليا فهرب الناس. هرب البعض نحو اليسار باتجاه البحر لكن البعض الآخر ركضوا نحو اليمين، وكان بينهم أطفال. وقد قتل كل من توجّه نحو اليمين – من 15 إلى 20 شخصا. كانت هناك كومة من الجثث”.

“أطلق الجنود النار كما يريدون، بكل قوتهم”

ونقلت المجلة عن هذا الجندي أن التمييز بين المدنيين والمقاتلين في غزة كان صعبا، بتعلة أن أعضاء حماس غالبا ما “يتجوّلون من دون أسلحتهم. ولكن كنتيجة لذلك، كان يشتبه في كل رجل بين سن 16 و50 سنة بأنه إرهابي”. وتابع هذا الجندي: “إذا رأينا شخصا ينظر إلينا من نافذة، فهو مشتبه به لذلك نطلق النار. ففي تصوّر الجيش أي مواجهة مع السكان تعرّض القوات للخطر ويجب إنشاء وضع يحظر الاقتراب من الجنود تحت أي ظرف من الظروف. لقد تعلّم الفلسطينيون أنه عليهم الفرار عندما ندخل”.

حتى في المناطق التي تبدو غير مأهولة أو مهجورة في غزة، انخرط الجنود في إطلاق نار كثيف في عملية تعرف باسم “إظهار الحضور”. وقد شهد جندي احتياطي آخر كيف كان زملاؤه “يطلقون النار كثيرا، حتى بدون سبب”. وفي بعض الحالات، أشار إلى أنهم كانوا يهدفون “إلى.. إخراج الناس من مخابئهم أو إظهار حضورهم”.

في سياق متصل، أوضح جندي احتياطي آخر خدم في قطاع غزة أن هذه الأوامر كانت تأتي مباشرة من قادة الكتيبة في الميدان، مضيفا أنه “عندما لا تكون هناك أي قوات أخرى للجيش الإسرائيلي في المنطقة.. يكون إطلاق النار غير محدود، جنونيا. وليس فقط بالأسلحة الصغيرة، بل أيضا البنادق الآلية والدبابات وقذائف الهاون”.

وتذكر جندي آخر أنه سمع عبر الراديو كيف أن جنديا متمركزا في موقع حماية أطلق النار على عائلة فلسطينية تسير بالقرب من موقعه: “في البداية، يقولون إنهم أربعة أشخاص. ثم طفلان بالإضافة إلى شخصين بالغين، وفي النهاية يصبح رجلا، امرأة، وطفلين. يمكنك تجميع الصورة بنفسك”.

ذكرت المجلة أن جنديا فقط من الجنود الستة الذين أجريت معهم المقابلة وافق على الكشف عن اسمه وهو يوفال غرين، جندي احتياط يبلغ من العمر 26 عاما من القدس خدم في اللواء 55 للجنود المظليين خلال شهري تشرين الثاني/ نوفمبر وكانون الأول/ ديسمبر الماضيين (وقد وقّع مؤخرا على رسالة مع 41 جنديا احتياطيا أعلنوا رفضهم الاستمرار في الخدمة في غزة بعد غزو الجيش لرفح). أكد هذا الجندي أنه “لم تكن هناك قيود على الذخيرة. كان الجنود يطلقون النار لتخفيف الملل فقط”.

وصف غرين حادثة وقعت ليلة مهرجان حانوكا اليهودي في كانون الأول/ ديسمبر عندما “أطلقت الكتيبة بأكملها النار معا مثل الألعاب النارية، بما في ذلك الذخيرة المتوهجة”.

وذكر جندي آخر خدم في غزة أنه عندما سمع الجنود طلقات نارية، كانوا يتصلون عبر الراديو لتوضيح ما إذا كانت هناك وحدة عسكرية إسرائيلية أخرى في المنطقة، وإذا لم تكن هناك، يفتحون النار. ولكن كما أشار هذا الجندي، فإن إطلاق النار من دون قيود يعني أن الجنود غالبا ما يتعرضون لخطر كبير من النيران الصديقة – الذي وصفه بأنه “أكثر خطورة من حماس. ففي مناسبات متعددة، أطلقت قوات الجيش الإسرائيلي النار في اتجاهنا. لم نرد، تحقّقنا عبر الراديو، ولم يصَب أحد”.

في وقت كتابة هذا التقرير، ذكرت المجلة أنه قتل 324 جنديا إسرائيليا في غزة منذ بدء الغزو البري، 28 منهم على الأقل بنيران صديقة وذلك وفقا للجيش. وبحسب شهادة غرين، فقد كانت هذه الحوادث “المسألة الرئيسية” التي تعرّض حياة الجنود للخطر. فقد كان هناك الكثير من النيران الصديقة. كان هذا يقودني إلى الجنون”.

بالنسبة لغرين، كانت قوانين الاشتباك أيضا تظهر لامبالاة عميقة بمصير الأسرى. وأضاف: “أخبروني عن ممارسة تفجير الأنفاق، وقلت في نفسي إنه إذا كان هناك رهائن فسوف يقتلونهم”. بعد أن قتل الجنود الإسرائيليون في الشجاعية ثلاثة رهائن يحملون أعلاما بيضاء في كانون الأول/ ديسمبر ظنّا منهم أنهم فلسطينيون، قال غرين إنه كان غاضبا لكن تم إبلاغه بأنه “لا يمكننا فعل أي شيء.” وأن “القادة رفعوا مستوى الإجراءات، قائلين إنه يجب أن تنتبه وتكون حساسا، لكن نحن في منطقة قتال، ويجب أن نكون يقظين”.

وأكد جندي آخر أنه حتى بعد هذا الخطأ في الشجاعية الذي قيل إنه “مخالف لأوامر” الجيش، لم تتغير قوانين إطلاق النار. وأضاف هذا الجندي: “بالنسبة للرهائن، لم يكن لدينا تعليمات محددة. وقال هو والجنود الذين كانوا معه أنهم سمعوا بعد مغادرتهم لغزة عن إطلاق النار على الرهائن فقط بعد أسبوعين ونصف من الحادث. حيال ذلك قال غرين: “لقد سمعت تصريحات من جنود آخرين أن الرهائن قد ماتوا، وليس لديهم فرصة، ويجب التخلي عنهم. وما أزعجني أكثر … أنهم استمروا في قول، نحن هنا من أجل الرهائن، لكن من الواضح أن الحرب تؤذي الرهائن. كانت هذه فكرتي آنذاك، واليوم تأكدت من صحتها”.

الاستمتاع بتدمير المباني

نقلت المجلة عن ضابط خدم في مديرية العمليات بالجيش أن غرفة عمليات لوائه – التي تنسق القتال من خارج غزة، وتوافق على الأهداف وتمنع النيران الصديقة – لم تتلقَ أوامر واضحة لإطلاق النار لنقلها إلى الجنود على الأرض، مشيرا إلى أنه “منذ اللحظة التي تدخل فيها، لا يكون هناك إحاطة في أي وقت. لم نتلقَ تعليمات من القيادة العليا لنقلها إلى الجنود وقادة الكتيبة”. وأوضح هذا الضابط أن إطلاق النار على “المستشفيات والعيادات والمدارس والمؤسسات الدينية ومباني المنظمات الدولية” يتطلب تفويضا أعلى، لكنه قال إنه كان هناك في الواقع حالات قليلة لم يسمح فيها بإطلاق النار.

وأضاف الضابط أن المبدأ المعمول به في غرفة العمليات كان “أطلق النار أولا، ثم اطرح الأسئلة لاحقا. كان هذا هو الإجماع.. لن يبكي أحد إذا سوّينا منزلا بالأرض دون وجود حاجة لذلك، أو إذا أطلقنا النار على شخص لم يكن علينا أن نطلق النار عليه”.

وقال هذا الضابط إنه كان على علم بحالات أطلَق فيها الجنود الإسرائيليون النار على مدنيين فلسطينيين دخلوا منطقة عملياتهم، وهي شهادة تتوافق مع تحقيق لصحيفة هآرتس حول “مناطق القتل” في مناطق غزة التي تكون تحت احتلال الجيش. وأضاف: “هذا هو الافتراض. لا يفترض أن يكون هناك مدنيون في المنطقة، هذا هو المنظور. رأينا شخصا يطل من نافذة، فتم إطلاق النار وقتله”. وبحسب هذا الضابط فإنه غالبا ما لا يكون واضحا من التقارير ما إذا كان الجنود قد أطلقوا النار على مسلحين أو مدنيين عزّل – و”في كثير من الأحيان، كان يبدو أن شخصا تورط في موقف، وفتحنا النار”.

وفقا لهذا الضابط، فإن هذا الغموض حول هوية الضحايا يعني أنه لا يمكن الوثوق في تقارير الجيش عن عدد أعضاء حماس الشهداء ذلك أنه على حد تعبيره “… كل شخص قتلناه، اعتبرناه إرهابيا”. وأضاف: “كان الهدف عدّ عدد الإرهابيين الذين قتلناهم اليوم. كل جندي يريد أن يظهر أنه قوي. كانت الفكرة أن جميع الرجال إرهابيون. أحيانا كان القائد يسأل فجأة عن الأرقام، ثم يطلع ضابط الفرقة على قوائم أنظمة الحاسوب العسكرية من لواء إلى لواء ويعدّ”.

وذكرت المجلة أن شهادة هذا الضابط تتوافق مع تقرير حديث من موقع “ماكو” الإسرائيلي عن ضربة بطائرة مسيّرة نفّذتها إحدى الكتائب راح ضحيّتها فلسطينيون في منطقة عمليات كتيبة أخرى. وقد تشاور ضباط من كلتا الكتيبتين حول من يجب أن يسجّل القتلى. فقال أحدهما للآخر: “ما الفرق الذي يحدثه ذلك؟ سجّله لكلا الكتيبتين”، وذلك وفقا لما ورد في التقرير.

وخلال الأسابيع الأولى التي تلت الهجوم الذي نفّذته حركة حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، تذكّر الضابط أن “الناس كانوا يشعرون بالذنب الشديد لأن هذا حدث تحت مراقبتنا”، وهو شعور تشارك فيه الجمهور الإسرائيلي بأكمله – وتحول بسرعة إلى رغبة في الانتقام. وأضاف: “لم يكن هناك أمر مباشر بالانتقام، لكن عندما تصل إلى نقاط اتخاذ القرار، يكون للتعليمات والأوامر والبروتوكولات بشأن الحالات الحساسة تأثير محدود”.

وأوردت المجلة أنه عندما كانت الطائرات المسيّرة تبثّ لقطات حية لهجمات في غزة، “كان هناك هتافات فرح في غرفة العمليات”، وذلك بحسب ما قاله الضابط. ولاحظ هذا الضابط أن المفارقة تكمن في أن جزءا مما دفع الإسرائيليين للمطالبة بالانتقام كان الاعتقاد بأن الفلسطينيين في غزة كانوا يحتفلون بالموت والدمار الناتج عن أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر. فضلا عن ذلك، كان عدد لا بأس به يعتقدون أن الطفل الذي يعيش اليوم سيصبح إرهابيا غدا.

وأضاف: “كان الأمر يبدو كأنها لعبة حاسوب. فقط بعد أسبوعين أدركت أن هذه المباني الحقيقية تنهار فعليا، وأنه إذا كان هناك سكان داخلها، فإن المباني تنهار على رؤوسهم، وحتى إن لم يكن هناك سكان، فإنها تنهار مع كل شيء بداخلها”.

رائحة الموت الرهيبة

بحسب شهادات العديد من الجنود فإن سياسة إطلاق النار اللامشروط مكّنت الوحدات الإسرائيلية من قتل المدنيين الفلسطينيين حتى عندما يعرفونهم مسبقا أنهم كذلك. وقد روى جندي احتياطي آخر كيف أن كتيبته كانت متمركزة بجوار ما يسمى بـ “الممرات الإنسانية”، أحدها لمنظمات الإغاثة والآخر للمدنيين الذين يهربون من شمال القطاع إلى الجنوب. وضمن منطقة عمليات كتيبته، قاموا بتنفيذ سياسة “الخط الأحمر، الخط الأخضر”، التي تحدد مناطق يمنع المدنيون من دخولها.

ووفقا لهذا الجندي، فإنه كان يسمح لمنظمات الإغاثة بالتنقّل عبر هذه المناطق بتنسيق مسبق (أجريت مقابلة معه قبل سلسلة من الضربات الدقيقة الإسرائيلية التي قتلت سبعة موظفين من منظمة “وورلد سنترال كيتشن”). ولكن بحسب هذا الجندي فإنه كان الأمر مختلفا بالنسبة للفلسطينيين ذلك أن “أي شخص يعبر إلى المنطقة الخضراء يصبح هدفا محتملا”.

وأكد هذا الجندي أن المدنيين غالبا ما يأتون إلى المناطق التي تمر عبرها قوافل المساعدات للبحث عن فتات قد يسقط من الشاحنات. ومع ذلك، كانت السياسة هي إطلاق النار على أي شخص يحاول دخولها. وذكر هذا الجندي أنه “كان واضحا أن هؤلاء المدنيين لاجئون، هم يائسون، ليس لديهم شيء”، إلا أنه في الأشهر الأولى من الحرب، “كانت هناك يوميا حادثتا قتل أو ثلاث لأشخاص أبرياء أو أشخاص يشتبه في أنهم أرسلوا من قبل حماس كمراقبين”، حيث أطلق الجنود في كتيبته النار عليهم.

وبحسب المجلة، تؤكد الشهادات أن جثث الفلسطينيين المدنيين في كل أنحاء غزة بقيت متناثرة على الطرق وفي الأماكن المفتوحة. قال جندي احتياطي آخر “كانت المنطقة كلها مليئة بالجثث، هناك أيضا كلاب، وأبقار، وأحصنة نجت من القصف وليس لديها أين تذهب. لا يمكننا إطعامها، ولا نريدها أن تقترب كثيرا أيضا. لذلك، ترى أحيانا كلابا تتجول مع أجزاء متعفنة من جثث. كانت رائحة موت رهيبة”. لكن يتم إزالة الجثث قبل وصول القوافل الإنسانية، حيث إنه “ينزل جرار كاتربيلر D-9 مع دبابة ويقوم بإخلاء المنطقة من الجثث، بدفنها تحت الأنقاض ودفعها جانبا حتى لا تراها القوافل – وحتى لا تخرج صور لجثث في مراحل متقدمة من التحلل”.

وأفاد مصدر غير عسكري تحدث إلى مجلة +972 ووكالة لوكا كال بعد زيارته لشمال غزة، أنه رأى جثثا متناثرة في المنطقة “بالقرب من مجمع الجيش بين شمال وجنوب قطاع غزة، حيث كان هناك حوالي 10 جثث تم إطلاق النار عليها في الرأس، على ما يبدو من قبل قناص، أثناء محاولتهم العودة إلى الشمال. كانت الجثث متحللة وحولها كلاب وقطط”.

وقال جندي آخر إن الجنود الإسرائيليين “لا يتعاملون مع الجثث. إذا كانت في الطريق، يتم نقلها جانبا ولا يوجد دفن للقتلى. وقد يدوس الجنود على الجثث بالخطأ”. وخلال الشهر الماضي، شهد الجندي غاي زاكين الذي كان يعمل على جرارات D-9 في غزة، أمام لجنة الكنيست أنه وفريقه “دهسوا مئات الإرهابيين، أحياء وأمواتا”. ولاحقا، انتحر جندي خدم معه.

يتم إحراق المنازل قبل المغادرة

وصف اثنان من الجنود الذين أجريت معهم المقابلة كيف أصبح حرق منازل الفلسطينيين ممارسة شائعة بين الجنود الإسرائيليين، وذلك كما ورد أولا بعمق في صحيفة “هآرتس” في كانون الثاني/ يناير. شهد غرين شخصيا حالتين من هذا النوع – الأولى كانت مبادرة مستقلة من جندي، والثانية بأوامر من القادة – ويعتبر شعوره بالإحباط من هذه السياسة من الأسباب التي دفعته في نهاية المطاف إلى رفض مواصلة الخدمة العسكرية.

عندما كان الجنود يحتلون المنازل، قال غرين إن السياسة كانت “حرق المنزل إذا غادرته”. لكن بالنسبة لـ غرين، لم يكن هذا منطقيا. وأضاف: “كنا في هذه المنازل ليس لأنها تعود إلى نشطاء حماس، بل لأنها تخدمنا عمليا. هذا منزل لعائلتين أو ثلاث – ويعني تدميره أنهم سيصبحون بلا مأوى”.

وذكر جندي آخر، أن الجنود قبل الرحيل كانوا يجمعون المراتب والأثاث والبطانيات، ومع “بعض الوقود أو أسطوانات الغاز يحترق المنزل بسهولة كأنه فرن”. وأضاف: “كانت هناك حالات أحرق فيها الجنود طابقا، وكان على الجنود الآخرين في طابق أعلى الفرار عبر النيران من خلال الأدراج أو الاختناق بسبب الدخان”.

وأكد غرين أن الدمار الذي خلّفه الجيش في غزة “لا يمكن تصوره”. في بداية القتال، روى أنهم كانوا يتقدمون بين المنازل على بعد 50 مترا من بعضها البعض، والعديد من الجنود “عاملوا المنازل كأنها متجر تذكارات”، لينهبوا كل ما لم يتمكن سكانها من أخذه معهم. وأضاف: “في النهاية تختنق من الملل، بعد أيام من الانتظار هناك. ترسم على الجدران أشياء بذيئة. تلعب بالملابس، تجد صور جوازات السفر التي تركوها، تعلق صورة لشخص ما لأن ذلك مضحك. كنا نستخدم كل ما وجدناه: المراتب، الطعام، أحدهم وجد ورقة نقود بقيمة 100 شيكل حوالي 27 دولارا وأخذها”.

وأضاف غرين: “دمرنا كل ما أردنا تدميره. لم يكن هذا بدافع الرغبة في التدمير، بل بسبب اللامبالاة الكاملة تجاه كل ما يخص الفلسطينيين. كل يوم، يقوم جرار D-9 بهدم المنازل. لم ألتقط صور قبل وبعد، لكني لن أنسى أبدا كيف أن حيا كان جميلا.. سويناه بالأرض”.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023