نشرت وكالة «بلومبيرج» تقريرا تقول فيه إن اجتماع «عبد الفتاح السيسي» مع رئيس المغردين «دونالد ترامب» لم يذهب هباء.
ويشير التقرير، الذي ترجمته «عربي21»، إلى أنه بعد عودة السيسي من اجتماع مع الرئيس الأميركي، خلال اجتماعات الأمم المتحدة، في الأسبوع الماضي، أخذ يغرد لتعزيز صورته بصفته رجلا من الشعب، بعد أن شهدت مصر مظاهرات نادرة في بلد يرزح تحت عملية تعديل اقتصادي مدعومة من صندوق النقد الدولي.
ويلفت التقرير إلى أن السيسي غرد يوم الأحد، قائلا: «في إطار متابعتي لكل الإجراءات الخاصة بدعم محدودي الدخل، فإنني أتفهم موقف المواطنين الذين تأثروا سلباً ببعض إجراءات تنقية البطاقات التموينية، وحذف بعض المواطنين منها.. أقول لهم اطمئنوا لأنني أتابع بنفسي هذه الإجراءات، وأؤكد لكم أن الحكومة ملتزمة تماما باتخاذ ما يلزم للحفاظ على حقوق المواطنين البسطاء، وفي إطار الحرص على تحقيق مصلحة المواطن والدولة».
وتفيد «بلومبيرج» بأنه على مدى الأيام القليلة بعدها، قام المسؤولون بالتنويه إلى أنه تمت إعادة بطاقات التموين إلى 1.8 مليون شخص، ليحصلوا على سلع مدعومة بشكل كبير، مثل السكر والزيت، وتحدث رئيس البرلمان عن احتمال إصلاحات سياسية، بالإضافة إلى أن المنظمات الحقوقية قالت إن بعضا من الألفي معتقل الذين تم اعتقالهم بعد مظاهرات 20 سبتمبر، أطلق سراحهم دون توجيه تهم لهم.
وينوه التقرير إلى أن عدد المتظاهرين لم يتجاوز المئات، لكن في مصر، التي أسقطت المظاهرات فيها رئيسين خلال هذا العقد، كان هذا كافيا ليقنع السيسي بأن عليه فعل ما هو أكثر من مجرد الدعوة للصبر، وجهود سحق المعارضة، مشيرا إلى أن فيديوهات المنفي اختياريا والمقاول السابق، الذي عمل مع الجيش، التي ادعى فيها وجود فساد على نطاق واسع، ساعدت على قيام تلك التظاهرات، وقد كانت موجهة إلى الجماهير التي وقفت إلى جانب السيسي منذ أن استحوذ على السلطة قبل ستة أعوام.
وقال مدير مشروع شمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، «ريكوردو فابياني»، للوكالة، إن تلك الفيديوهات «تركت السيسي قلقا»، وقال فابياني بخصوص اقتراحات السيسي إن «لين اللهجة منطقي.. والقضية الآن هي ماذا يمكنهم أن يفعلوا لإرضاء الأكثر تأثرا من الشعب»، مشيرا إلى أن الذهاب إلى أبعد من جرعة من إعادة توزيع الدخل، أو التعديل على قواعد دعم السلع، سيسير بعكس اتجاه الهدف الأعم المتمثل بتحقيق استقرار مالي، الذي هو أساسي لجذب المستثمرين.
ويشير الموقع إلى أن تخفيض قيمة الجنيه المصري عام 2016 ساعد في تأمين قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار، وهو ما جذب استثمارات بمليارات الدولارات من المستثمرين في السندات الساعين لتحقيق عوائد كبيرة، مستدركا بأن المصريين عانوا من غلاء باهظ في تكاليف الحياة اليومية، حيث ارتفعت نسبة الفقر إلى 32% عام 2018 بعد أن كانت 28% عام 2015.
ويلفت التقرير إلى أنه تم إيقاف الدعم عن المحروقات والكهرباء بحسب برنامج لصندوق النقد الدولي، بالإضافة إلى أنه تم فرض ضرائب جديدة، فيما كانت هناك استثمارات ضخمة في البنية التحتية، اعتبرها الناقدون مسرفة، لكن المسؤولين قالوا إنها ضرورية لجذب الاستثمارات من القطاع الخاص.
ويضيف أنه في الوقت الذي ارتفعت فيه الأسعار بشكل حاد، فإن الحكومة زادت من إمدادات الأسواق بالخضار والفواكه، وزادت من المساعدات من خلال شبكة أمان على شكل كوبونات.
ويستدرك الموقع بأن أخبار هذا الأسبوع حول العودة إلى دعم السلع، ليست كما تبدو، فالمصريون الذين أضيفوا لعضوية بطاقات التموين، البالغ عددهم 64 مليونا، هم أشخاص كانوا قد استأنفوا سابقا بأنهم أسقطوا من القائمة بشكل خاطئ، وكانت إعادتهم قد بدأت في شهر فبراير، قبل أشهر من الاضطرابات.
ويذكر التقرير أن السيسي أكد لدى عودته من «نيويورك» بأنه لن يسمح بإعادة ما حصل في نهاية الأسبوع السابق، مستدركا بأنه حتى في الوقت الذي سعى فيه المسؤولون الأمنيون لاحتواء الاضطرابات، فإن المدعي العام أصدر بيانا كان استرضائيا، يعكس المعاناة التي يواجهها الكثيرون.
كما أكد التقرير أنه «يمكن للمسؤولين الإشارة إلى النجاحات الاقتصادية، فقد عاد النمو إلى 5.6% في العام المالي الماضي، عندما ارتفعت عائدات السياحة بنسبة 28% إلى 12.8 مليار، وأصبحت مصر هي أحد الأماكن المفضلة في الأسواق الصاعدة للمستثمرين الأجانب، وساعد اكتشاف حقل الغاز البحري في تخفيض فاتورة استيراد الطاقة».
ويستدرك الموقع بأن التمويل المصري لا يزال عرضة لتقلبات أسعار النفط، في الوقت الذي يمكن أن يؤدي فيه اندلاع جديد للعنف إلى تدمير السياحة، بالإضافة إلى أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة، التي كانت جزءا أساسيا من الخطة الحكومية طويلة الأمد، لا تزال ضعيفة الأداء، حيث لم تتجاوز 5.9 مليارات دولار في العام المنتهي في يونيو، متراجعة من 7.7 مليارات دولار.
ويختم «بلومبيرغ» تقريره بالإشارة إلى قول مدير شركة «أدريسي أدفايزرز» في المملكة المتحدة، «كريسبن هاويس»، إن البرنامج الاقتصادي «لم يغير شكل الاقتصاد المصري.. ولم يستأصل أيا من جوانب الضعف الرئيسية».