شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

لم تخذلوا الرئيس، بل خذلنم مصر

لم تخذلوا الرئيس، بل خذلنم مصر
ماذا تعني "ثورة"؟ أتعني التغيير من خلال الآليات المؤسسية والأطر القانونية المتاحة؟ أما أنها تعني "ثورة": تعني تغيير بقلب المؤسسات...

ماذا تعني “ثورة”؟ أتعني التغيير من خلال الآليات المؤسسية والأطر القانونية المتاحة؟ أما أنها تعني “ثورة”: تعني تغيير بقلب المؤسسات والأطر القائمة، تلك المؤسسات العفنة التي نخر فيها السوس؟! تعالوا نتناول السؤال من الناحية المغايرة: هل تمت إزالة مبارك من خلال خطوات إجراءية ووسائل مؤسسية أم من خلال ثورة؟ الإجابة – لمن كانت له مسكة من عقل – إنها الثورة! وإلا، فما قامت الثورة إلا لعجز الأليات المؤسسية المتاحة عن تحقيق التغيير الذي يريده الشعب، فكان من الضروري أن ينزع عنه تلك المؤسسات ويهدمها من جذورها، تماما كما ينزع الأسير عنه القيود والأغلال ليحلق قي سماء الحرية: ولذا كان الهتاف: “الشعب يريد إسقاط النظام” أي ليس مجرد الرئيس، وإنما المؤسسات التي أسسها وعصابته لترسيخ الظلم والفساد.

مع النجاح المرحلي للثورة، جرت انتخابات نزيهة لمجلس الشعب، وانتخب لأول مرة مجلس يمثل اختيار الشعب، ولكن لأن الثورة لم تكتمل، ولأن رأس الثعبان – أو قل رؤوس الثعابين – لم تقطع بعد، كانت المؤامرة من العسكري مع القضاء الفاسد لحل المجلس: ليس فقط إعادة الإنتخابات في المقاعد محل المشكلة، ولكن حل المجلس بالكامل لإعادتنا إلى المربع رقم واحد. من المنصفين من أدان ذلك على اعتبار أنه نوع انقلاب، ولكن هناك من طعن الشعب في ظهره، للأسف من أمثال دكتور/البرادعي المفتون به الكثير من الناس، حيث أنه بدلا من الوقوف مع الثورة أخذ يطنطن مع النظام حول عدم دستورية المجلس، لابسا مسوح الحريص على دولة القانون. ذلك القانون الذي لم يجد غضاضة في حبس الآلاف لمدة سنوات في غياهب سجون العصور الوسطى بدون محاكمة أو بعد محاكمات هزلية. ذلك القانون الذي سمح للمجلس تلو المجلس أن “ينتخب” ويقيم جلساته ويسن القوانين، وهو ما جاء إلا بعد التزوير والبلطجة. ذلك القانون الذي سمح لأمثال أحمد عز وغيره أن يعيثوا في الأرض فسادا دون رادع. هذا القانون الذي تتباكى عليه يا دكتور؟

ثم سلم الله تعالى في انتخابات الرئاسة، بعد أن كاد الملايين من المغيبين (هذا أكثر الألفاظ ترفقا) أن يعيدوا مصر إلى أسوء من نظام مبارك: “نظام مبارك إكسترا”، والــ”إكسترا” هنا تعكس الإنتقام الذي كان من المتوقع لشفيق وعصابته أن يمارسوه على الشعب الذي تجرأ وقال “لا”. لم تكتمل الثورة وإنما خطت خطوة هامة: أصبح مع الثورة رئيس جمهورية! كان في هذه اللحظة على كل الشرفاء -حتى لو اختلفوا معه – أن يعملوا مع هذا الرجل لاستكمال الثورة وتطهير مصر. مرة أخرى، قام بعض المنصفين بهذا ولكن أبى الطابور الخامس والإعلام الفاسد إلا استخدام أحط وأخس أساليب الكذب والتدليس لتشويه الرئيس والحط من قدره، مستعينين بفزاعة الإخوان والإسلاميين، تماما كما كان يفعل بوش وتشيني. وحتى حين وفق الله تعالى الرئيس في إزالة رؤوس العسكري، لم يزد ذلك الطابور الخامس والمتميعين ومدعي الثورية إلا طعنا ولمزا.

والآن، حين اتخذ رئيس الثورة (راجع بداية المقال من فضلك، وأن الثورة لم تكتمل بعد، وأن الثورة بحكم طبيعتها لا يمكن أن تتم وهي مكبلة بذات الأطر والقوانين التي قامت لإزالتها) قرارا بإزالة رأس من رؤوس النظام السابق، بل مخلب من مخالبه، لا يميزه شيء عن حبيب العادلي وأمثاله، قام الطابور الخامس ولم يقعد. ولكن الأكثر إيلاما، أن يأتي من يدعي الثورية مثل الدكتور البرادعي ويتباكى مرة أخرى على القانون ويقول “لكي الله يا مصر”. نعم والله، لكي الله يا مصر وحفظك ممن يخونونك ويطعنونك في ظهرك وهم يدعون أنهم مصلحون. يا دكتور، أنت ومن شايعك لم تخذلوا الرئيس، وإنما خذلتم مصر. لو غرضكم الإصلاح لوقفتم وجيشتم من يسمعون لكم لنصرة الرئيس الذي أراد قطع رأس أحد أخطر الأفاعي. ولكن، أخترتم أن تكونوا مع الطابور الخامس قولا وفعلا، حتى إن لم يكن قلبا. إن أضعف الإيمان – كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم – أن ينكر الإنسان المنكر بقلبه، فإلى الدكتور ومن نحا نحوه: إن لم تستطع مناصرة الحق فعلا فانصره قولا، فإن لم تستطع فاصمت، فهوا خير لك من أن تناصر الباطل. فإن لم تدركوا أنكم بمناصرة رجل مبارك ضد رئيسكم تناصرون الباطل {فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023