من المقرر أن يتوجه المصريون إلى صناديق الاقتراع في 26 مارس المقبل للإدلاء بأصواتهم،في الانتخابات الرئاسية، والتي وصفها النقاد داخل مصر وخارجها بأنها مجرد «خدعة»، ويقول المحللون السياسيون إنها شكلية فقط، لأن السيسي سيفوز بفترة رئاسية ثانية شاء من شاء وأبى من أبى، في الأسابيع الأخيرة، ألقي القبض على جميع المرشحين القادرين على تحدي السيسي، إما بملاحقتهم أو إرهابهم، ولم يبقى سوى منافس وحيد كرتوني، وهو موسى مصطفى موسى، رئيس حزب الغد؛ في محاولة لإضفاء شرعية على انتخابات معروفة نتيجتها مسبقا، وفق ما نشرت صحيفة «المونيتور» الأمريكية.
ووفق ما ترجمت «شبكة رصد»، كان سامي عنان الرئيس السابق لأركان حرب القوات المسلحة، آخر منافس للسيسي، قبل أن يلقى القبض عليه بتهم التزوير والتحريض ضد القوات المسلحة، ولترشحه للانتخابات دون إذن مسبق من الجيش، فيما تم الاعتداء على المستشار هشام جنينة اليد اليمنى لسامي عنان، من قبل مجموعة من البلطجية يُعتقد على نطاق واسع أنهم مدفوعون من قبل النظام، وقالت أسرته إنها كانت محاولة اغتيال أو اختطاف فاشلة.
وكان العديد من قادة المعارضة المصرية والذين تضمهم الحركة المدنية الديمقراطية، أعربوا عن قلقهم إزاء الحملة الوحشية ضد مرشحي الرئاسة المحتملين، وقالوا في مؤتمر صحفي، إنها «مهزلة وسخيفة»، والحركة المشار إليها، عبارة عن تحالف يضم سبعة أحزاب يسارية ليبرالية و150 ناشطا من المؤيديين للديمقراطية، ودعوا المواطنين لمقاطعة الانتخابات والبقاء في منازلهم، فيما أصر حمدين صباحي والذي كان مرشحا أمام السيسي في انتخابات 2014، على ضرورة إلغاء الانتخابات، مضيفا أنه لا يوجد مرشحون ولا ضمانات لانتخابات حرة ونزيهة.
فيما أعلن عضو البرلمان السابق ونجل شقيق الرئيس الراحل محمد أنور السادات، اعتراضه على العملية الاتخابية، وانسحب منها لأن «البيئة السياسية غير مواتية»، ولا يوجد منافسة حقيقية، على حد تعبيره، مقترحا إقامة حوار وطني حول الانتخابات، كما أعلن المحامي الحقوقي خالد علي، انسحابه من السباق في مؤتمر صحفي، بعد يوم واحد من اعتقال عنان، وأكد علي، أن أي أمل في انتخابات حرة وحقيقية انتهى، فيما اشتكى بعض من أعضاء حملته بتعرضهم لمضايقات أثناء تحرير وجمع التوكيلات.
أما السيسي، فكان عبر من قبل، عن غضبه الشديد لدعوات المعارضة بمقاطعة الانتخابات الرئاسية، وحذر من أنه سيستخدم إجراءات قوية ضد كل من يعتقد أن قادر على أن يخل بأمن مصر، مهددا أيضا بأنه لن يسمح بتكرار ما حدث «قبل سبع سنوات»، في إشارة إلى ثورة يناير 2011 التي أجبرت حسني مبارك على التنحي، وطالب خلال حديثه أثناء افتتاح حقل زهر، بتفويض الشعب لمواجهة ما أسماها بقوى الشر.
وفي حين لم يكن من الواضح، ما هي قوى الشر التي أشار إليها السيسي، إلا أن المحللين يعتقدون أن يتحدث عن المعارضين، والذين غالبا ما تصورهم وسائل الإعلام الموالية للنظام بأنهم أعداء الدولة الراغبين في نشر الفوضى.
ونفى محمد أبو الغار، مؤسس الحزب الديمقراطي الاجتماعي الليبرالي، سعي المعارضة لزعزعة استقرار البلاد، مضيفا «نحن لا نريد تدمير مبان حكومية أو تعطيل النمو الاقتصادي، وندعم السيسي في جهوده للقضاء على الإرهابيين، ولكن الطريقة التي تتعامل بها السلطات مع الانتخابات الرئاسية، أقلقتنا»، مضيفا أيضا «جميعا يعرف أن السيسي سيسعى للحصول على ولاية ثانية، ونعلم أيضا نتيجة الانتخابات مسبقا وهو أمر مفروغ منه، لكننا نريد انتخابات حرة ونزيهة».
ومع وجود توقعات بأن أعداد الناخبين ستكون منخفضة بشكل كبير عن الانتخابات السابقة، إلا أن دعوات المعارضة تحرج السيسي ونظامه، وتقوض من مصداقية الانتخابات، حيث تستخدم السلطات كل الوسائل الممكنة لإقناع المصريين بضرورة المشاركة في العملية الانتخابية، وهناك لافتات علقت في جميع أنحاء الجمهورية تدعوهم للمشاركة بجانب صورة السيسي، وعبارة «عشان نضمن ان بلدنا هتفضل مستقرة وآمنة».
فيما تحذر رسائل الخدمة العامة التى تبث على الراديو من «المؤامرات الأجنبية لتدمير الدولة»، وتحث المصريين باستمرار على ضرورة التصويت لمواجهة تلك المؤامرات، في رسائل أخرى، تطلب منهم المشاركة؛ لتجنب مصير الحرب الأهلية، وهي محاولات لترويع الجمهور، بحسب الصحيفة.
فيما هدد موسى مصطفى موسى، بدوره، بمقاضاة أي شخص يطالب المصريين بمقاطعة الانتخابات، وفي مقابلة أجربت معه، قال إن تلك الدعوات تحريض من دول أجنبية ضد مصر، وهي دعوات لا يمكنها أن تلحق الضرر بنا.
وسرعان ما تبددت شكوك المصريين، حول جدية تلك التهديدات، حيث قدم أحد المحامين التابعين للنظام ويدعى «محمد حميد سلام»، بلاغا ضد 13 شخصية معارضة، اتهمهم فيه بالترويج لأكاذيب لا أساس لها من الصحة، واتهمهم بمحاولة الإطاحة بالنظام والتحريض ضد الدولة ومحاولة زعزعة استقرارها.
فيما رفض خالد داود، رئيس حزب الدستور وأحد المقاطعين، الادعاءات الموجهة ضده والأعضاء الآخرين في الحركة المدنية، ووصفها بأنها أكاذيب لا أساس لها من الصحة، مضيفا أن القضايا المرفوعة ضد أعضاء الحركة المدنية، الغرض من ورائها تحقيق الشهر لرافعيها، حيث تضطاد وسائل الإعلام الحكومية تلك البلاغات وتتحدث عنها بصفة مستمرة، واصفة المرفوعة ضدهم بأنهم أعداء للدولة ويعملون دائما على تشويه صورتها.
وغير ذلك انضم البرلمان إلى غدانة حركات المقاطعة، وهي خطوة غير مفاجئة، خاصة إذا عرفنا أن 508 نائب من أصل 596 أعلنوا تأييدهم للسيسي، وفي بيان لحزب «مستقبل وطن» وهو ثاني أكبر الأحزاب في البرلمان، أكد أن دعوات المقاطعة تخدم أجندات أجنبية، مضيفا أن الشعب المصري يواجه تحديات خطيرة ويجب أن نقف وراء الدولة من أجل إحباط الخطط الرامية إلى عرقلة تقدمنا.
وفي تصريحات مماثلة، حذر النائب مصطفى بكري، من أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة لمصر، مضيفا انه يجب أن نقف معا لمواجهة المؤامرات الخارجية والدفاع عن أمتنا، ولا عودة إلى الوراء، فيما قال عضو تكتل «30-25» هيثم الحريري، إن المقاطعة ليست خيانة، وهي حق دستوري وقانوني، تماما مثل الحق في التصويت.
فيما يستخدم النظام أيضا، الدين كوسيلة للرد على تلك الدعوات ومطالبة المصريين بالمشاركة في الانتخابات، حيث أشار وزير الأوقاف محمد مختار جمعة، أن المشاركة في العملية الانتخابية واجب ديني وعمل طني.
https://www.al-monitor.com/pulse/originals/2018/02/egypt-sisi-presidential-election-boycott-government.html