ذكر مراسل صحيفة «فايننشال تايمز» في دبي، سايمون كير، أن الرياض تعمل للسيطرة على شبكة «إم بي سي»، التي كان مؤسسها واحدا من الذين شملتهم اعتقالات مكافحة الفساد قبل شهرين.
ويشير التقرير، الذي ترجمته «عربي21»، إلى أن الأمير ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يخطط للسيطرة على أكبر شركة تلفزيونية في الشرق الأوسط، وأن المسؤولين طلبوا من مؤسس القناة وليد الإبراهيم، التخلي عن حصصه فيها مقابل الإفراج عنه.
ويعلق كير قائلا: إن «حالة الإبراهيم تظهر الكيفية التي تقود فيها عملية مكافحة الفساد، التي رحب بها الكثير من السعوديين، إلى تأميم القطاع الخاص وشركاته الكبرى في المملكة، وتكشف في الوقت ذاته عن رغبة الأمير بن سلمان في السيطرة على الإعلام، في الوقت الذي يدفع فيه باتجاه خططه الطموحة لتأهيل الاقتصاد وتبني سياسة خارجية حازمة».
وتفيد الصحيفة بأن «إم بي سي» تعد إحدى أكبر الشركات في العالم العربي، وتسيطر على نسبة 50% من سوق الإعلام في المملكة، ويشاهدها نحو 140 مليون في المنطقة، مشيرة إلى أن الشركة والحكومة رفضتا التعليق على هذا الخبر.
ويلفت التقرير إلى أن الإبراهيم، الذي أنشأ القناة في عام 1991 في لندن، وتقدر قيمتها بالمليارات، كان واحدا من 150 أميرا ورجل أعمال أو أكثر سجنوا في فندق الريتز كارلتون في الرياض، وتم الإفراج عن الكثيرين منهم في الفترة الماضية، مشيرا إلى أن بعضهم وافقوا على تسويات مالية، أو تخلوا عن حصصهم في شركاتهم مقابل الإفراج عنهم، فيما تمت تبرئة البعض.
ويذكر الكاتب أن المعتقلين الذين رفضوا التسوية سينقلون إلى السجن انتظارا للمحاكمة، لافتا إلى قول أشخاص مطلعين على وضع المعتقلين، إن الملياردير ورجل الأعمال الأمير الوليد بن طلال، لم يتوصلا إلى تسوية بعد.
وتنقل الصحيفة عن بعض الأشخاص المطلعين، قولهم إن الإبراهيم لا يزال في ريتز كارلتون، ينتظر السلطات والمستشارين الدوليين استكمال تفاصيل التسوية؛ حيث طلبت السلطات منه في البداية أن يتخلى عن حصصه دون شروط، مشيرة إلى قول المطلعين إن الإبراهيم ينتظر الإفراج عنه، وقال أحدهم إنه «ينتظر حزم حقائبه».
ويكشف التقرير عن أن بعض مستشاري الحكومة أشاروا إلى أن التأخير في التسوية ربما جاء؛ لأن الحكومة تريد التأكد من صيغة التسوية، التي لن تسمح للمعتقلين بالتقدم للقضاء ضد الحكومة بعد الإفراج عنهم.
ويبين الكاتب أن من العروض الممكنة للإبراهيم هو استمراره في إدارة القناة، بعد سيطرة الأمير محمد أو الدولة على القناة، وعندها سيتعامل مع مجلس يشمل مسؤولين يتعاملون مع ملاكها الجدد.
وتقول الصحيفة: «يمكن أن يواجه مدير مجموعة بن لادن السعودية بكر بن لادن، المصير ذاته؛ حيث وافق عدد من المساهمين فيها على تسويات، ونقلوا حصصهم للدولة، وتم التعامل مع اللجنة التي عينتها الحكومة لإعادة تشكيل شركة التعهدات التي تدين لها الحكومة بالمليارات».
ويورد التقرير نقلا عن وزير المالية، محمد الجدعان، قوله إن معظم المبلغ الذي تهدف الحكومة لجمعه، وهو 100 مليار دولار، سيأتي من داخل المملكة وخارجها.
وينقل كير عن مطلعين، قولهم إن الأمير محمد طالما عبر عن اهتمامه بـ«إم بي سي»، وبأنه يتفاوض مع الإبراهيم منذ عامين، إلا أن الإبراهيم رفض التقييم الذي قدمه ممثلو الأمير، وهو ما بين 2-2.5 مليار دولار؛ حيث يرى أن قيمتها 3-3.5 مليار دولار، خاصة أنها تجتذب نصف السوق الإعلانية.
وبحسب الصحيفة، فإنه قبل أيام من اعتقال الإبراهيم، فإنه سافر بطائرته الخاصة إلى الرياض، عندما دعاه أحد مستشاري الأمير محمد للقاء في الرياض، معتقدا أنه سيتم استكمال عقد الملكية، وعندما ألغي الاجتماع وحاول العودة إلى دبي، حيث المقر الرئيسي للقناة، وقال له المسؤولون في مطار الرياض إن طائرته تعطلت، وإن هناك رحلات تجارية متوفرة إلى دبي، وانتشر اسمه في الليلة ذاتها على وسائل التواصل الاجتماعي بأنه واحد من المعتقلين في قضية محكافحة الفساد، وفي صباح اليوم التالي تم تأكيد لقاء الإبراهيم مع الأمير، وبدلا من مناقشة عقد نقل الملكية، فإنه تم اعتقاله.
وينوه التقرير إلى أن صعود ولي العهد رافقه التحكم الشديد في الإعلام المحلي، وعدم التسامح مع المعارضة، مشيرا إلى قول مراقبين إن «إم بي سي» كانت هدفا واضحا له، خاصة أن الأمير يريد التأكد من تغطية جيدة لخططه التي يعدها للمملكة؛ حيث إنه عندما كان قبل أعوام بحاجة إلى دعم شعبي، فإنه كان مستعدا لشرائها، أما «الآن وقد أصبح في السلطة فيكمنه السيطرة عليها»، بحسب أحد المراقبين للشأن السعودي.
ويعلق الكاتب قائلا إنه لن يكون الأول الذي يسيطر على قناة تلفزيونية خاصة، فقبل 3 أيام سيطرت الرياض على قناة «العربية»، التي كانت جزءا من «إم بي سي»؛ لتكون صوتا لها ولتمرير رسالة الدولة، لافتا إلى أنه تم استخدام «العربية» بشكل شرس لمواجهة قناة «الجزيرة» القطرية.
وتقول الصحيفة إن الإبراهيم أدى دور الحاجز ولسنوات بين القناة والتدخلات السعودية، خاصة أن شقيقته تزوجت الملك فهد، ويعتقد أن ابن أخته الأمير عبدالعزيز بن فهد يملك حصة فيها، مشيرة إلى أنه تم إنشاء الشركة بناءً على قروض من الدولة؛ حيث كان الأمير عبدالعزيز بن فهد واحدا من الذين اعتقلوا في حملة مكافحة الفساد.
وتختم «فايننشال تايمز» تقريرها بالإشارة إلى أن العاملين في القناة، التي عكست موقف الحكومة، يخشون من أن تفقد شبه الاستقلال الذي تمتعت به، ويقول مراقب: «هذا الخوف سيقتل الشعلة التي أدت إلى ازدهار (إم بي سي) ولسنوات طويلة».
المصدر: عربي 21