توفي الشيخ مهدي عاكف، المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين، بعد أن قضى أكثر من أربع سنوات في السجون منذ انقلاب السيسي عام 2013. ولم توجّه إليه أيّ تهمة، تمامًا مثل بقية السجناء السياسيين الذين يحتجزهم النظام.
وتقول صحيفة «ميدل إيست مونيتور» إنّ الطريقة القاسية التي لقيها مهدي عاكف، الخالية من أي رحمة؛ جاءت كنوع من الانتقام والإهانة لبطل عاش مناضلًا ومات مكافحًا.
وأضافت، بحسب ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ «عاكف» كان رجلًا مسنًا يعاني من السرطان، ومنعوا عنه العلاج لمدة؛ لذلك استشرى المرض في جسده الضعيف وأثّر على أعضائه الحيوية، ومُنعت عائلته من زيارته لأكثر من عام؛ على الرغم من حثّ منظمات حقوق الإنسان المصرية والدولية للسلطات على الإفراج عنه لسوء حالته الصحية وشيخوخته، فقد بلغ عمره 90 عامًا تقريبًا، ولم تلق هذه الدعوات أيّ صدى من النظام.
بينما شعرت الحكومة أنّ من واجبها الإفراج الصحي عن هشام طلعت مصطفى، قاتل سوزان تميم.
وأضافت أنه طُلب منه (مهدي عاكف) أن يكتب بخط يده التماسًا بالعفو والرحمة من السيسي للإفراج عنه والاعتراف بحكومته؛ لكنه رفض فعل ذلك، كما رفضه أيضًا في شبابه أثناء حكم جمال عبدالناصر، وقال إنه لن يفعل ذلك في سن الشيخوخة ويفضّل أن يموت بكرامة في زنزانة السجن عن الإذلال في منزله.
«ننتصر أو نموت شهداء»
تقول الصحيفة إنّ هذه الكرامة ذكّرتنا بكرامة المجاهد الليبي عمر المختار، البالغ من العمر 70 عامًا، الذي وقف على منصة الإعدام وقال: «نحن أمة ننتصر أو نموت شهداء»؛ إذ اختار «مهدي عاكف» الموت بالطريقة التي رغب فيها من أيّ وقت مضى منذ أن كان مقاتلًا مع كتيبة الفدائيين ضد الصهاينة.
وبعد انقلاب عبدالناصر على الرئيس الراحل محمد نجيب، سُجن مهدي عاكف في الحملة التي قادها ضد الإخوان المسلمين حينها، وظل وراء القضبان حتى وفاة عبدالناصر في عام 1970، وبعد ذلك أطلق سراحه الرئيس أنور السادات، ثم سجنه في منتصف التسعينيات حسني مبارك، وقضى عاكف عقودًا في سجون النظام العسكري. وعلى الرغم من ذلك، لم ينكسر أبدًا ولم يخضع لأي مطالب حكومية. في الواقع، كانت الحكومات المتعاقبة تخشى منه؛ لمواقفه الثابتة التي لم يتراجع عنها أبدًا.
وعلى الرغم من تأييد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين له، قرر ألا يترشح مرة أخرى إلى الانتخابات مرشدًا بعدما انتهت ولايته؛ على الرغم من أنّ القواعد تسمح بذلك. لكنه أراد أن يقيم تقليد «تعميم السلطة» داخل الحركة، وكانت المرة الأولى التي يكون فيها للإخوان مرشد عام سابق لا يزال على قيد الحياة.
أسطورة كفاح
على الرغم من أنه توفي؛ لا تزال الحكومة المصرية تخشاه، ورفض المسؤولون السماح لأسرته بمشاهدة جثته ودفنه، وأُخذت جثته ليلًا، وحظر وزير الأوقاف الصلاة عليه في المساجد؛ وعلى الرغم من ذلك أداها الملايين في العالم.
وختمت الصحيفة بالقول إنّ الحكومة التي تخشى جثة فهي «حكومة ضعيفة وهشة»؛ حتى لو ادّعت خلاف ذلك، وكان الشيخ محمد مهدي عاكف أقوى في موته كما كان في حياته، وأصبح أسطورة في الكفاح وتردد صداه في أنحاء الأمة كبطل ومات شهيدًا.